الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله عز من قائل "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" (المائدة 3) جاء في كتاب في رحاب العقيدة للمؤلف السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: مناشدة أمير المؤمنين علي عليه السلام بحديث الغدير: فقد روى أحمد بن حنبل، عن حسين بن محمد وأبي نعيم المعنى، قالا: حدثنا فطر، عن أبي الطفيل، قال: (جمع عليّ رضي الله عنه الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام. فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فهذا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فخرجت وكأن في نفسي شيئ، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت علياً رضي الله تعالى عنه يقول كذا وكذ. قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك له". قال الهيثمي بعد أن ذكره (رجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة، وهو ثقة). وقد اشتهرت هذه المناشدة، وتعددت طرقه، وإن اختلفت في خصوصياته، كما هو المتوقع في كل قضية ذات تفاصيل. روى أحمد بسنده عن رياح بن الحارث قال: (جاء رهط إلى علي بالرحبة. فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه. أخرج أحمد بن حنبل عن أحمد بن عمر الوكيعي: (ثنا زيد بن الحباب. ثنا الوليد بن عقبة بن نزار العبسي. حدثنا سماك بن عبيد بن الوليد العبسي. قال: دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى، فحدثني أنه شهد علياً رضي الله عنه في الرحبة، قال: أنشد الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهده يوم غدير خم إلا قام، ولا يقوم إلا من قد رآه. فقام اثنى عشر رجلاً فقالوا: قد رأيناه وسمعناه، حيث أخذ بيده يقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله، فقام إلا ثلاثة لم يقوموا، فدعا عليهم، فأصابتهم دعوته). والظاهر أن لهذه المناشدة وما تبعها خصوصاً استجابة الدعوة أثراً بالغاً في ظهور واقعة الغدير، وإحيائه، وبروز أهميته، بعد أن جهلها عامة المسلمين، كما جهلوا كثيراً من فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت صلوات الله عليهم. بل كثيراً من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مختلف المجالات، نتيجة التحجير على السنة النبوية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في محاولة لقصر الحديث بها على ما يلائم وضع السلطة الحاكمة، ويسير في فلكه.
حول مفهوم كلمة الغدير جاء في كتاب مصباح المنهاج للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره في موضوع الطهارة: قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ" (المائدة 6) وصحيح ابن بزيع: (كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه من بئر، فيستنجي فيه الإنسان من بول أو يغتسل فيه الجنب، ما حده الذي لا يجوز؟ فكتب: لا توضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه)، للإجماع ظاهرا على عدم الفرق بين الضرورة وغيرها مع المانعية، الملزم بحمله على الكراهة، بل هي الظاهرة منه بعد ظهوره في كون المنهي عنه ليس خصوص الماء المذكور في السؤال، بل مطلق ما يشبهه، والظاهر منه إرادة الماء المكشوف المعرض لكل طارئ يوجب استقذاره، حيث لا إشكال في عدم حرمة استعمال الماء بمجرد ذلك. مضافا إلى ما قد يستفاد من صحيحي محمد بن مسلم المتقدمين المتضمنين لعدم نجاسة الغدير الذي تبول فيه الدواب، وتلغ فيه الكلاب، ويغتسل فيه الجنب إذا بلغ كرا، فإنهما وإن وردا لبيان الطهارة غير المستلزمة للطهورية من الحدث، إلا أن عدم التنبيه فيهما على عدم المطهرية منه مع كونها من أهم الأغراض المقصودة. اعلم أنه مع تساوي سطوح الماء وعدم تدافعه فالظاهر أنه يكفي في وحدته المعتبرة في اعتصامه بالكرية الاتصال بين أجزائه بوجه عرفي كالأنبوب والساقية الضعيفة، ولا يعتبر تقارب أضلاع سطوحه. وقد يستفاد ما ذكرنا مما عن التذكرة، حيث لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا إن اعتدل الماء. إذ المرتكز أن ذكر الساقية لأجل الاتصال، لا لأجل كميته، ليدعى انصراف الساقية إلى الساقية العريضة، وإلا كان المناسب منه التنبيه إلى اعتبار الكمية بوجه أوضح. وأوضح منه ما في جامع المقاصد، حيث اشتراط الكرية في المادة إنما هو مع عدم استواء السطوح. أما مع استواء السطوح فيكفي بلوغ المجموع كرا كالغديرين إذا وصل بينهما بساقية، لظهوره في كفاية الاتصال بين الماء بمقدار الاتصال المعتبر في عاصمية المادة، الذي يكفي فيه مثل الأنبوب لدخوله في المتيقن من أدلتها، كنصوص الحمام وغيرها.
جاء في كتاب رحاب العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: رواية البيعة بمعنى مسح اليد عن الشيعة والسنة. وإنما رواه الشيعة بطرق متعددة، ذكر المجلسي عدداً منها. كما أن الطبرسي قدس سره ذكر بسنده عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطبة طويلة في المناسبة المذكورة، يقول فيها بعد أن نص على أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية: (معاشر الناس إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة، وقد أمرني الله عزوجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي من إمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه، على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه. فقولوا بأجمعكم: إنا سامعون، مطيعون، راضون، منقادون، لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي، وأمر ولده من صلبه من الأئمة، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدين. معاشر الناس قولوا ما يرضى الله به عنكم من القول. فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فلن تضروا الله شيئ. اللهم اغفر للمؤمنين، واغضب على الكافرين. والحمد لله رب العالمين). قال الإمام أبو جعفر عليه السلام: (فناداه القوم: سمعن، وأطعن، على أمر الله وأمر رسوله، بقلوبنا وألسنتنا وأيدين. وتداكوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى علي عليه السلام، فصافقوا بأيديهم)
https://telegram.me/buratha