الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تبارك وتعالى "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61) سبب نزول هذه الآية المباركة ان الله تعالى امر رسوله الكريم صلى الله عليه واله وسلم دعوة نصارى نجران للمباهلة اي وقوع اللعنة والعذاب على الكاذب بان النبي عيسى عليه السلام ابن الله، وذلك بحضور من يمثلهم مع ممثلين من الاولاد والنساء لمباهلة الرسول صلى الله عليه واله وسلم ومن يمثله من الاولاد والنساء. وهذا دليل على ان الهلاك والعذاب لا يمكن التعرض له لولا صحة المعتقد، ومن الناحية الاخرى تحديد من الاشخاص الاقرب عقيدة للرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم بالاضافة الى النسب. فحصل اختيار علي عليه السلام الذي هو نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفاطمة عليها السلام لتمثل النساء، والحسن والحسين عليهما السلام يمثلان الابناء. قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند حضوره المباهلة (اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي). كانت آية المباهلة تهيئة ليوم غدير خم التي حصلت قبل سنة من هذه الواقعة وهي حلقة مهمة من حلقات الولاية. لذلك علينا شكر وحمد الله على البقاء على ولاية علي عليه السلام يوم المباهلة التي تصادف 24 ذي الحجة التي يستحب فيها الذكر والصيام.
جاءت تسمية نصارى بان عيسى عليه السلام هو من ولد آل عمران "إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" (ال عمران 45) الذي اظهر المعاجز "وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (ال عمران 49). ولكن لقى من قومه العناد والكفر برسالته، ولم يناصره الا القلة القليلة من الانصار "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52) و ومنها جاءت تسمية النصاري لاتباع الانصار حسب راي بعض المفسرين "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ" (البقرة 62) و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله" (الصف 14) ومنهم نصارى نجران في الحجاز.
ان مبدأ اللعن موجود في عدد من الايات منها اية المباهلة وايات اخرى " أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" (البقرة 161) وغيرها. واللعن للظالم والمعاند وسالب الحق، ولا يحصل الا بعد وضوح الصورة عن المعتدي كما في حالة يزيد قاتل ابن رسول الله الحسين عليه السلام احد الابناء في اية المباهلة " فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ" (ال عمران 61).
https://telegram.me/buratha