الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تبارك وتعالى "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61) من روايات المذاهب الاسلامية في تفسير الطبري قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ" (ال عمران 61)، فمن جادلك، يا محمد، في المسيح عيسى ابن مريم من بعد ما جاءك من العلم الذي قد بيَّنته لك في عيسى أنه عبد الله، "فَقُلْ تَعَالَوْا" (ال عمران 61) هلموا فلندع. وفي تفسير السعدي يدعون الله ويبتهلون إليه أن يجعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقين، هو وأحب الناس إليه من الأولاد والأبناء والنساء. وفي تفسير القرطبي قال كثير من العلماء: إن قوله عليه السلام في الحسن والحسين لما باهل ندع أبناءنا وأبناءكم وقوله في الحسن: إن ابني هذا سيد. مخصوص بالحسن والحسين أن يسميا ابني النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما، لقوله عليه السلام: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي.
ورد ان اسقف نجران عندما قرأ كتاب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعوتهم للاسلام فارسل الكتاب الى عدد من رجال نجران فاوضحوا له ان هذا الكتاب لم يصدر الا ما وعد الله إبراهيم في ذرّية إسماعيل من النبوَّة. فارسل الاسقف ابنه و رجل يثق به وهو شرحبيل بن وداعة وآخر اسمه حبار بنقنص الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي دعاهم الى اجتماع بعد نزول اية المباهلة (ال عمران 61) ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قائلا (إذا دَعوتُ فأمِّنوا) لمباهلة نصارى نجران. وورد ايضا ان نصارى نجران الذين قدموا الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هم اشرافهم وثلاثة من كبار القوم الذي كان اميرهم اسمه العاقب وصاحب مشورتهم عبد المسيح وصاحب رحلهم الأيهم واسقفهم ابو حارثة بن علقمة واخوه اسمه كرز وبشر بن علقمة.
ان لكل نبي ثقل من اهله كما جاء في الحديث الشريف (ان لكل نبي اهلا وثقلا وهؤلاء اهل بيتي وثقلي) مشيرا الى علي وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام " فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ" (ال عمران 61). تتميز اية المباهلة بسماحة وسلمية دين الاسلام "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا" (الانفال 61) حيث لم يطلب سبحانه وتعالى من نبيه مقاتلة نصارى نجران طالما لم يعتدوا وانما بالابتهال اي التفويض لامر الله باللعن على الكاذب الذي يقول عيسى ابن الله وليس عبده "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (المائدة 73). بالاضافة ان العقاب يحصل بعد التبليغ وليس قبله "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ" (الشورى 48). والحسن والحسين ابناء الرسول ومن اهله لانهما يحملان عقيدته وان لم يكونا من صلبه المباشر كون ابن نوح عليه السلام من صلبه ولكن ليس من اهله "وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ *قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ" (هود 42-43).
بما ان الاية تشير الى كذب احد الطرفين فيعني ان الطرف الاخر هو الصديق. لذلك فان محمدا واهل بيته هم الصديقون في اية المباهلة، وكما جاء في الحديث الشريف عن علي عليه السلام (انه الصديق الاكبر والفاروق بين الحق والباطل من احبه هداه الله) وكما جاء في آيات مباركة "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا" (مريم 41).
https://telegram.me/buratha