الصفحة الإسلامية

مباهلة الرسول وآله عليهم السلام مع نصارى نجران (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تبارك وتعالى "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61) من روايات المذاهب الاسلامية في تفسير الطبري قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ" (ال عمران 61)، فمن جادلك، يا محمد، في المسيح عيسى ابن مريم من بعد ما جاءك من العلم الذي قد بيَّنته لك في عيسى أنه عبد الله، "فَقُلْ تَعَالَوْا" (ال عمران 61) هلموا فلندع. وفي تفسير السعدي يدعون الله ويبتهلون إليه أن يجعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقين، هو وأحب الناس إليه من الأولاد والأبناء والنساء. وفي تفسير القرطبي قال كثير من العلماء: إن قوله عليه السلام في الحسن والحسين لما باهل ندع أبناءنا وأبناءكم وقوله في الحسن: إن ابني هذا سيد. مخصوص بالحسن والحسين أن يسميا ابني النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما، لقوله عليه السلام: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي.

ورد ان اسقف نجران عندما قرأ كتاب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعوتهم للاسلام فارسل الكتاب الى عدد من رجال نجران فاوضحوا له ان هذا الكتاب لم يصدر الا ما وعد الله إبراهيم في ذرّية إسماعيل من النبوَّة. فارسل الاسقف ابنه و رجل يثق به وهو شرحبيل بن وداعة وآخر اسمه حبار بنقنص الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي دعاهم الى اجتماع بعد نزول اية المباهلة (ال عمران 61) ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قائلا (إذا دَعوتُ فأمِّنوا) لمباهلة نصارى نجران. وورد ايضا ان نصارى نجران الذين قدموا الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هم اشرافهم وثلاثة من كبار القوم الذي كان اميرهم اسمه العاقب وصاحب مشورتهم عبد المسيح وصاحب رحلهم الأيهم واسقفهم ابو حارثة بن علقمة واخوه اسمه كرز وبشر بن علقمة.

ان لكل نبي ثقل من اهله كما جاء في الحديث الشريف (ان لكل نبي اهلا وثقلا وهؤلاء اهل بيتي وثقلي) مشيرا الى علي وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام " فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ" (ال عمران 61). تتميز اية المباهلة بسماحة وسلمية دين الاسلام "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا" (الانفال 61) حيث لم يطلب سبحانه وتعالى من نبيه مقاتلة نصارى نجران طالما لم يعتدوا وانما بالابتهال اي التفويض لامر الله باللعن على الكاذب الذي يقول عيسى ابن الله وليس عبده "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (المائدة 73). بالاضافة ان العقاب يحصل بعد التبليغ وليس قبله "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ" (الشورى 48). والحسن والحسين ابناء الرسول ومن اهله لانهما يحملان عقيدته وان لم يكونا من صلبه المباشر كون ابن نوح عليه السلام من صلبه ولكن ليس من اهله "وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ *قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ" (هود 42-43).

بما ان الاية تشير الى كذب احد الطرفين فيعني ان الطرف الاخر هو الصديق. لذلك فان محمدا واهل بيته هم الصديقون في اية المباهلة، وكما جاء في الحديث الشريف عن علي عليه السلام (انه الصديق الاكبر والفاروق بين الحق والباطل من احبه هداه الله) وكما جاء في آيات مباركة "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا" (مريم 41).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك