إيمان عبد الرحمن الدشتي
مثلت ثورة كربلاء صولة الحق على الباطل، أدى فيها إمامنا الحسين عليه السلام دور القائم المضحي الذي باع لله نفسه وعياله راضيا بكل ما نزل عليه ثأرا لله ولحكم الله، فادَّخر الله له طالبا بثأره قائما منصورا.
ظهرت بذرة الظلم بين العباد منذ عالم الميثاق، وجميع الخلائق ذرات قد أوجدهم الله ليشهدهم على أنفسهم بعد أن يقروا له بالعبودية والوحدانية، ولما كان المصطفى محمد ومن بعده عترته الطاهرة (صلى الله عليه وآله) أول من أجاب وشهد، عند ذلك ظهر الحسد والغيظ عليهم من الحقائق الخبيثة فأطبقت الظلمة على ذلك العالم، عندها عرض الله عرضا على مخلوقاته: أيكم مستعد لرفع هذه الظلمة ليس بمبدأ القهر والغلبة وإنما بالمظلومية والمقهورية؟ وأخذ تعالى يصور لهم ما يجري على من يقبل بهذا العرض تماما كما وقع في كربلاء، فلم يجب أحد لهول وشدة ما سمعوا إلا الحسين عليه السلام، فقال: إلهي انا لهذا العبء والمنجز لهذا العمل.
إبتدأت مشاهد الظلم بين بني آدم على وجه الأرض منذ أن قتل قابيل أخيه هابيل، وتوالت تلك الظلامات في كل عصر وزمان فكانت حصة الأنبياء والصديقين والأوصياء والصالحين من تلك الظلامات كبيرة، وما وقعت على صفوة الخلق سيد المرسلين وآله صلوات الله وسلامه عليهم فهي الحصة الأكبر، فكل هؤلاء يمثلون شرعة الله وحكمه الذي فرضه على خلقه وبه يعم العدل وتعمّر الأرض، وهذا ما لا يرتضيه أصحاب النفوس الخبيثة وعبيد الدنيا الذين يشترون مرضاة أنفسهم وملذاتهم الدنيوية بسخط الخالق.
جاء دور الحسين عليه السلام أبيُّ الضيم، المصلح الذي أراد أن يؤسس للتضحية والايثار ويصنع منهجا لكل الأحرار لرفض الظلم والإستبداد من أجل الله وشريعته، فاديا لأجله الأخوة والأولاد والأصحاب، مسلّما لله الأمر فيما سيجري على حرائر الرسالة من سبي وضرب وشتم، مسترخصا نفسه باذلا مهجته، ممثلا لكل الظلامات التي جرت على أولياء الله، مقابل جبهة الكفر التي تجمعت فيها صفات كل الظالمين والطغاة، متمثلة بيزيد عليه لعائن الله، فكان الحسين عليه السلام بحق ثأر الله وناصر حقه.
كل القيم التي أسست لها ثورة كربلاء قد ورثها طالب الثأر حفيده المهدي عجل الله فرجه، وسيظهره الله حينما يقيض له المؤمنون أنفسهم ويعدوا عدتهم بما نهلوا من الثورة الحسينية فيتهيأوا لنصرته كي يأخذ بثأر جده، فهو ولي الدم الشخصي، وهو ولي الله الذي سيأخذ لكل موتور في الله حقه، وهو الذي على يديه ستتحقق غاية عاشوراء التي من أجلها جاهد سيد الشهداء عليه السلام وقدم تضحياته الخالدة.
قال تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا) وإن المنصور أرواحنا فداه آت عما قريب.
https://telegram.me/buratha