الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الإخبارات الغيبية: فمن المعلوم أن القرآن الكريم قد اشتمل على جملة من الإخبارات الغيبية: منها: قوله تعالى: "غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أدنَى الأرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ * فِي بِضعِ سِنِينَ" (الروم 2-4). فكان الأمر كما قال عزّ وجلّ أعاد الروم الكرة على فارس، وغلبوهم قبل مضي عشر سنين، كما ذكره المؤرخون.
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وفي جميع ما تقدم بلاغ وكفاية في الاستدلال على التوحيد وإثباته لا يبقى معه مجال لتوقف العاقل المنصف فيه، فضلاً عن إنكاره له. بقي في المقام أمران: الأول: أن ما سبق إنما هو نفي الشريك المستقل عن الله عز وجل والمستغني بوجوده عنه. وهناك بعض الأديان التي تبتني على وجود الشريك له تعالى من خلقه، سواءً كان عاقل، كما قد يدعى في عيسى عليه السلام، أم صامت، كالأصنام وعجل السامري في بني إسرائيل. وهي واضحة البطلان، بل السخف، إذ لا معنى لأن يخلق الله سبحانه من يشاركه في ملكه، أو يساويه في حقه على عبيده، بحيث يستحق أن يعبد معه، قال الله تعالى: "ضَرَبَ لَكُم مَثَلاً مِن أنفُسِكُم هَل لَكُم مِن مَا مَلَكَت أيمَانُكُم مِن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقنَاكُم فَأنتُم فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُم كَخِيفَتِكُم أنفُسَكُم كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعقِلُونَ" (الروم 28). الثاني: أن الذي يجب الإقرار به على كل حال والاعتقاد به من كل مكلف هو التوحيد فقط، ولو مع الغفلة عما زاد عليه، كما هو مقتضى اقتصار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعوة للدين على ذلك. نعم يجب على الملتفت الاعتقاد بكمال الله تعالى المطلق، في علمه وحكمته، ولطفه، ورحمته، وعدله، وقدرته إلى غير ذلك، لأن ذلك من ضروريات الدين، التي أكدت عليها الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، واقتضتها المرتكزات العقلية والدينية. ولعله إلى ذلك يرجع ما في بعض النصوص في بيان أدنى المعرفة، ففي حديث الفتح بن يزيد عن أبي الحسن عليه السلام: (سألته عن أدنى المعرفة. فقال: الإقرار بأنه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، وأنه قديم مثبت موجود غير فقيد، وأنه ليس كمثله شيء). وقريب منه غيره.
جاء في كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكم قدس سره: يحرم حلق اللحية، أو على ما ذكره غير واحد من إرادة تغيير دين الله تعالى، كما يناسبه قوله تعالى: "فَأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لاَ تَبدِيلَ لِخَلقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ" (الروم 30)، وهو المروي عن الصادقين عليهم السلام كما قد يستدل أيضاً على الحرمة بجملة من النصوص: منها: ما تضمن الأمر بإعفاء اللحية. كخبر علي بن غراب عن جعفر عن أبيه عن جده عليه السلام: "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: (حفوا الشوارب وأعفوا اللحى، ولا تشبهوا بالمجوس)، ومرسل الصدوق: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : (حفوا الشوارب واعفوا اللحى، ولا تشبهوا باليهود)، وغيرهما. وفيه مع ضعف السند: أن إعفاء اللحية لا يتحقق بمجرد عدم حلقها، بل بتركها حتى تطول، ولا إشكال في عدم وجوبه، بل لابد من حمله على الاستحباب، وحينئذٍ لا مجال لاستفادة حرمة حلقها منه. وأما النهي عن التشبه باليهود فلابد من حمله بقرينة ما هو المعروف من تطويلهم للحية على الاستدراك من الإعفاء، فيرجع عن النهي عن الإفراط في إطالة اللحية حتى يتجاوز القبضة الذي ورد النهي عنه في غير واحد من النصوص، كما حكي عن الوافي. وأما النهي عن التشبه بالمجوس فكأنه لأن من سيرتهم حلق اللحية وإطالة الشارب، كما ورد في بعض النصوص. وحينئذٍ إما أن يراد به أنهم خرجوا عما ينبغي، كما هو المناسب لما في مرسل الصدوق: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم. وإنا نحن نجز الشوارب ونعفي اللحى. وهي الفطرة). فيرجع لتأكيد ما سبقه، من دون أن يقتضي حكماً آخر زائداً عليه، وقد عرفت أن ما سبقه محمول على الاستحباب. وإما أن يراد به النهي عن التشبه بهم بعنوانه، أو بعنوان كونه تشبهاً بالكفار، نظير ما ورد في موثق السكوني عن الصادق عليه السلام: قال: (إنه أوحى الله إلى نبي من أنبيائه، قل للمؤمنين: لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي)، ونحوه أو عينه موثقه الآخر، وعلى ذلك فإنما يحرم الحلق حيث يكون شعاراً مختصاً بهم، بحيث يكون فاعله متشبهاً بهم عرفاً سالكاً مسالكهم. وهو أمر غير المدعى. ومنها: خبر حبابة الوالبية: (رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار، ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان. فقام إليه فرات بن أحنف، فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب، فمسخو). وجه الاستدلال به: أن المسخ لابد أن يكون لحرمة عملهم، وحيث لا يحرم فتل الشوارب، فلابد من كون المسخ من أجل حلق اللحى. نعم الاستدلال به يتوقف على استصحاب أحكام الشرايع السابقة، وهو غير تام على التحقيق.
https://telegram.me/buratha