الدكتور فاضل حسن شريف
كانت كل الدنيا تخاف من بطش قريش ولكن في بدر قتل صناديدهم ولكنه لم يتكبر وبدلا عن ذلك وضع خده على التراب وقال: الهي سجد لك فؤادي. وفي فتح مكة كان عفوا ورحيما والقائل (اذهبوا وانتم الطلقاء). وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم اذا جلس يجلس على التراب. وهو القائل: اذا لم اعدل فمن ذا الذي يعدل. وكان يجلس حيث ينتهي المجلس فهذه هي اخلاقه. ولكن كم نحمل نحن من سلوك رسول الله. فهو المتمم لمكاركم الاخلاق "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم 4). وكل الخير الموجود على الارض هو برحمة محمد واله الاطهار "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"(الانبياء 107). وعندما اشتد عليه المرض قال لعلي اخرجني للصلاة متوكأ على متن علي، وقال: يا ايها الناس ان قصاص الدنيا خير لي من قصاص الاخرة. وبعد رجوعه الى بيته صعدت روحه الشريفة الى بارئها وناحت ابنته الزهراء عليها السلام قائلة: وَمُصيبَتي في المُصطَفى لَو انَّها صبت عَلى الأَيام صرنَ لَياليا.
اكد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم على حسن الخلق حيث قال (ان احسن الحسن الخلق الحسن). ان الامم تحتفل بمؤسسيها وقادتها، ويوجد من المسلمين يعتبرون الاحتفال بميلاد نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم واستذكار وفاته بدعة بدلا من ذكر مناقبه. كل هذا من فعل الامويين الذين ارادوا طمس قيم واخلاق وسلوك النبي وما مر به من محن سببه اجدادهم ومنهم ابو سفيان وزوجته.
من هو اشد الناس عذابا يوم القيامة؟ قال الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (اشد الناس عذابا للناس في الدنيا اشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة). و من هو اعدل الناس؟ قال الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (اعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه).
وما نهج البلاغة للامام علي عليه السلام والصحيفة السجادية للامام السجاد عليه السلام الا امتداد لاحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو القائل (اني تارك فيكم الثقلين، ما ان تمسكتما بهما لن تضلوا بعدي ابدا، كتاب الله وعترتي اهل بيتي). فالامام السجاد عليه السلام عندما يقول في الصحيفة السجادية عن مكارم الاخلاق (اللهم اني اعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب، وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلة القناعة، وشكاسة الخلق، والحاح الشهوة، وملكة الحمية، ومتابعة الهوى، وسنة الغفلة، وتعاطي الكلفة، وايثار الباطل على الحق، والاصرار على الماثم، واستصغار المعصية، واستكبار الطاعة، ومباهات المكثرين، والازراء بالمقلين، وسوء الولاية لمن تحت ايدينا، وترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا، او ان نعضد ظالما، او نخذل ملهوفا، او نروم ما ليس لنا بحق، او نقول في العلم بغير علم. ونعوذ بك ان نطوي على غش احد، وان نعجب باعمالنا، ونمد في آمالنا، ونعوذ بك من سوء السريرة، واحتقار الصغيرة، وان يستحوذ علينا الشيطان، او ينكبنا الزمان، او يتهضمنا السلطان. ونعوذ بك من تناول الاسراف ومن فقدان الكفاف، ونعوذ بك من شماتة الاعداء، ومن الفقر الى الاكفاء، ومن معيشة في شدة، وميتة على غير عدة، ونعوذ بك من الحسرة العظمى، والمصيبة الكبرى، واشقى الشقاء، وسوء المآب، وحرمان الثواب وحلول العقاب) فهذه الكلمات تركة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ان الله تعالى خلق الخلق وجعل كل شئ فيه القوة والمكانة مثل الارض اعطاها القوة بحيث نستطيع نبني عليها ناطحات سحاب وفي نفس الوقت اعطاها مرونة ليستطيع الانسان حرثها وزراعتها، وكذلك الماء اعطاه القوة ليولد به الطاقة الكهربائية وتسير فوقه السفن العملاقة وفي نفس الوقت اعطاه المرونة ليسهل شربه والاغتسال به. والله خلق الانسان وجعل له قوة حمل وقوة تحمل فهو يستطيع حمل عشرات الكيلوغرامات وفي نفس الوقت لا يستطيع تحمل مصائب الحياة لان مصائب الدنيا تتطلب التحمل. فالله تعالى بعث رسل من الناس الذين يتحملون المصائب واكثر الانبياء تحملا للمصائب هو النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم القائل (ما اوذي نبي مثل ما اوذيت) وتحمل الرسالة قبل الوجود في عالم الاشباح وهو القائل (كنت نبيا وادم بين الماء والطين) وليس كما يقول المزيفون كان يرتعد. و كما جاء في الحديث القدسي (يا محمد لولاك لما خلقت الافلاك) وكما جاء في قول مشابه في حديث الكساء.
https://telegram.me/buratha