الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: اصرار فرعون وقومه على الكفر ومجئ موسى بالآيات: وقد أصر فرعون وقومه على الكفر وصمموا على مواصلة خط اضطهاد بني إسرائيل وتعذيبهم، حيث قال الملا من قومه "أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ" (الاعراف 127). وواجه موسى وبنو إسرائيل ذلك بالصبر والثبات انتظارا للوقت الذي يحقق الله سبحانه فيه وعده لهم بوراثة الأرض. ولكن الله سبحانه أمر موسى أن يعلن لفرعون وقومه بأن العذاب سوف ينزل بهم عقابا على تكذيبهم له وتعذيبهم لبني إسرائيل وامتناعهم عن اطلاقهم وارسالهم، فجاءت الآيات السماوية يتلو بعضها بعضا فأصابهم الله بالجدب، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وكانوا كلما وقع عليهم العذاب والرجز، "قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ" (الاعراف 134-135). وأمام هذه الآيات المتتاليات التي جاء بها موسى لم يجد فرعون وقومه أسلوبا يعالج به الموقف، غير الائتمار بموسى لقتله وادعاء القدرة على مواجهة آلهته، فنجد فرعون يأمر هامان بأن يتخد له صرحا ليطلع منه على أسباب السماوات ويتعرف على حقيقة إله موسى. ولكن فرعون يفشل في كلا الجانبين، فلم يتمكن من أن يحقق غايته من وراء بناء الصرح، كما لم تصل يده إلى موسى، لان أحد المؤمنين من آل فرعون يقف فيعظهم ويؤنبهم على موقفهم من موسى، ويبادر إلى اخباره بنبأ المؤامرة فينجو.
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: قصة موسى عليه السلام في القرآن بحسب تسلسلها التأريخي: الإسرائيليون في المجتمع المصري: لقد عاش الإسرائيليون في المجتمع المصري وتكاثروا فيه منذ هجرة يوسف وأبيه يعقوب وبقية أولاده إلى مصر، وقد اضطهد الفراعنة الإسرائيليين في الحقبة السابقة على ولادة موسى، وبلغ الاضطهاد درجة مريعة حين اتخذ الفراعنة قرارا بذبح أبناء الإسرائيليين واستحياء نسائهم من أجل الخدمة والعمل، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يتفضل على هؤلاء المستضعفين وينقذهم من حالتهم هذه فهيأ لهم نبيه موسى فعمل على انقاذهم من الفراعنة "وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ" (الأعراف 141) وهدايتهم من المجتمع الوثني إلى المجتمع التوحيدي. ولادة موسى وارضاعه: وحين ولد موسى عليه السلام أوحى الله سبحانه إلى امه أن ترضعه وحين تخاف عليه من الذبح العام فعليها أن تضعه في ما يشبه الصندوق وتلقيه في اليم، وهكذا شاءت إرادة الله أن يلقيه اليم إلى الساحل، وإذا بآل فرعون يلتقطونه فيعرفون أنه من أولاد بني إسرائيل، فتدخل امرأة فرعون في شأنه وتطلب أن يتركوه لها على أن تتخذه خادما أو ولدا تأنس به مع فرعون. وقد عاشت والدة موسى لحظات حرجة من حين القائه في اليم، فأمرت أخته أن تقص أثره وتتبع سير الصندوق فتتعرف على مصيره. ففعلت، وحين عرض الطفل على المرضعات أبى أن يقبل واحدة منهن، فانتهزت أخته هذه الفرصة، فعرضت على آل فرعون أن تدلهم على امرأة مرضعة تتكفل رعايته وحضانته وارضاعه، وكانت هذه المرأة بطبيعة الحال هي أم موسى، وهكذا رجع الطفل إلى امه ليطمئن قلبها وتعلم أن ما وعدها الله سبحانه من حفظه وارجاعه إليها حق لا شك فيه. ولقد شب موسى في البلاط الفرعوني حتى إذا بلغ أشده وهبه الله سبحانه العلم والحكمة.
جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن منهاج بحث القصة في القرآن الكريم للسيد محمد باقر الحكيم: المنهج التحليلي: يعرض القرآن الكريم مشاهد متعددة من هذا الحشر، وبعض العلاقات التي تسود الناس فيه، وأنه تصديق لدعوة الرسل وما بشروا وأنذروا منه. الثالث: أن القصة على ما جاء فيها من التفصيل واستعراض للحوادث فهى تبدأ في سرد الوقائع من حين بدء البعثة والدعوة، كما أنها تذكر الوقائع في حدود المجابهة - التي كان يواجهها الرسول - الخارجية مع فرعون وملَئه، والداخلية مع بني اسرائيل وفي إطار بيان ما ينزل بالمكذبين والمنحرفين من عذاب وعقاب وأضرار. الرابع: أن القصة تتناول في معرض حديثها عن الحوادث جوانب من المفاهيم الإسلامية العامة والسنن التاريخية، كتأكيد أهمية الصبر، و وراثة المتقين للأرض، وأنّ الرحمة لا تنال إلاّ الذين اتقوا وآتوا الزكاة وآمنوا بآيات الله واتبعوا الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم. وعلى اساس هذه الملاحظة يمكن ان نستنتج: أن القصة جاءت منسجمة مع السياق العام للعرض القصصي، ومحققة لأغراضه على ما أشرنا إليه في حديثنا عن أغراض القصة، ومع ذلك فإنها لا تغفل الفرصة المناسبة للتأكيد على المفاهيم الإسلامية العامة منسجمة مع الهدف القرآني العام في التربية. كما أنها تؤكد بصورة خاصة على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكأنها سيقت بتفاصيلها لتحقيق ربط هذه الدعوات والرسالات بهذه النهاية الخاتمة لها، وأن هذه المفاهيم والسنن والأهداف التي عاشتها هذه الرسالات سوف تتحقق في نهاية المطاف في اتباع رسالة الإسلام "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الاعراف 157).
https://telegram.me/buratha