الدكتور فاضل حسن شريف
يقول الشيخ جلال الدين الصغير عن روايات في موضوع اختلفت فيه الأراء وهو من عنده علم الكتاب رابطا مع آيات القرآن الكريم: وعن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: "قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) قال: إيانا عنى، وعلي أفضلنا وأولنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وروى الشيخ المفيد رحمه الله عن رجاله مسندا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال لي أمير المؤمنين عليه السلام: يا سلمان الويل كل الويل لمن لا يعرف لنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا، يا سلمان أيما أفضل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو سليمان ابن داود عليه السلام؟ قال سلمان: فقلت: بل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا سلمان هذا أصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من سبأ إلى فارس في طرفة عين، وعند علم من الكتاب ولا أقدر أنا وعندي علم ألف كتاب! إلى أن قال: اعلم يا سلمان إن الشاك في أمورنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض الله تعالى ولايتنا في كتابه في غير موضع، وبين فيه ما وجب العمل به وهو مكشوف.
وبعد عرض الروايات في حلقات سابقة من سلسلة هذه المقالات عن من عنده علم الكتاب وعلاقتها بآيات القرآن الكريم يقول الشيخ الصغير: وإزاء هذه الكمية الكبيرة من الروايات الصحيحة، وغيرها من الروايات الضعيفة المؤيدة بورودها عبر الأسانيد الصحيحة التي تعمل على جبر ضعفها، فمن الحق التساؤل عن الأسباب التي تجعل تيار الانحراف يغض النظر عنها بمجموعها، ليأخذ ببعض روايات العامة، علما أن الدلالات القرآنية كما وجدناها بعيدة كل البعد عن النهج الذي سار عليه تيار الانحراف، ناهيك عن أن الأئمة عليهم السلام أعربوا عن تسفيه الدلالات التي حاول البعض تزييف الفهم القرآني بها. فلو كان تيار الانحراف إماميا، بل ومن أعلام الإمامية كما يدعي البعض فما له يضرب عن روايات أهل البيت عليهم السلام الصحيحة والموثوقة صفحا، ويتنكر لمجموعة ضخمة من روايات أخرى لها نفس المصداقية، تؤكد على مفهوم هذه الروايات ويأخذ بروايات سبق لأهل البيت عليهم السلام أن كذبوها؟ أو ليس أهل البيت يعني العمل بسنتهم؟
يقول الشيخ جلال الدين الصغير: نقل عن الثعلبي وأبي نعيم بسنديهما عن زاذان، عن محمد بن الحنفية قال: من (عنده علم الكتاب) علي بن أبي طالب. ونقل عن الفضيل بن يسار، عن الباقر عليه السلام قال: هذه الآية نزلت في علي عليه السلام إنه عالم هذه الأمة. ونقل جملة من الأحاديث من طرق أهل البيت عليهم السلام قد ذكرناها سابقا ومن جملتها ما رواه عن الصادق عليه السلام أن قال: علم الكتاب كله والله عندنا، وما أعطي وزير سليمان بن داود عليهم السلام، إنما عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، وعلم بعض الكتاب كان عنده قال تعالى: "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ" (النمل 40) أي بعض الكتاب "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" (النمل 40) قال أبو عبد الله: إن الله تبارك وتعالى: قال لموسى: "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً" (الاعراف 145) بمن التبعيض، وقال عيسى عليه السلام: "وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ" (الزخرف 63) بكلمة البعض، وقال في علي عليه السلام: "وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) أي الكتاب، وقال: "وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" (الانعام 59) وعلم هذا الكتاب عنده. وعن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية: "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ" (النمل 40) قال: ذاك وزير أخي سليمان بن داود عليهما السلام، وسألته عن قول الله عز وجل: "قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب. وقال: وقد روي عن موسى بن جعفر، وعن زيد ابن علي، وعن محمد بن الحنفية، وعن سلمان الفارسي، وعن أبي سعيد الخدري، وإسماعيل السدي أنهم قالوا في قوله تعالى: "قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43): هو علي بن أبي طالب.
https://telegram.me/buratha