الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب مصباح المنهاج للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: في ولاية الحاكم: أن الولاية تارة: تكون بمعنى الأولوية المطلقة الثابتة للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام التي هي بمعنى ولايتهم على جميع التصرفات حتى ما يتعلق بما له ولي، وهي المستفادة من مثل قوله تعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" (الاحزاب 6)، وقوله صلى الله عليه وآله في حديث الغدير: (إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه) وأخرى: تكون بمعنى السلطنة على تولي ما لا ولي له من الأمور العامة التي يحتاج فيها إلى ولي، فيتوقف القيام بها على الرجوع له، ولعله المراد بما في المرسل: (السلطان ولي من لا ولي له). أما المعنى الأول فقد يستدل على ثبوته للفقيه بما ورد في شأن العلماء، مثل ما رواه الصدوق في كتاب ثواب الأعمال بسنده الصحيح عن الصادق عليه السلام عن آبائه: عن النبي صلى الله عليه وآله في حديثه في فضل طلب العلم قال: (وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منهم أخذ بحظ وافر). وحكي روايته عن الأمالي، وبصائر الدرجات، والاختصاص بطرق مختلفة مع تفاوت في المتن يسير. والمرسل: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)، وقريب منه غيره.
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وجوب التثبّت من صحة الدليل: نعم، يحسن بالإنسان بل يجب عليه أن يتثبت عند النظر في الأدلة، ويتأكد من صلوحها للاستدلال، ونهوضها بإثبات المدعى وفق الضوابط العقلية والنقلية، ولا يتسرع في ذلك، ليكون على بصيرة من أمره، وعذر عند ربه. بل يحسن منه أن يبحث عن المزيد منها إن تيسّر، استظهاراً للحقيقة، وزيادة في البصيرة، إذ كلما قويت أدلة الإنسان على ما يعلمه ويعتقد به كان أكثر تشبثاً به. وخصوصاً في أمر الدين الحق الذي يتعرض المؤمن فيه للشبهات التي يوحي بها الشياطين، ويثيرها أهل الضلال، وللفتن والبلاء الذي يمحّص به المؤمنون. فإنه كلما كثرت أدلته على دينه، وقويت حجته فيه، وازداد بصيرة في أمره، كان أبعد عن الزيغ والضلال والردة والانقلاب. بل قد تكون المحن والفتن سبباً في قوة دينه، لأن المؤمن موعود بذلك، فهو يرى به تصديقاً لوعد الله تعالى الذي شرع الدين. أما ضعيف الإيمان الذي لا بصيرة له في دينه، فإنه لا يقوى على مواجهة الفتن والمحن، بل ينهار أمامه. قال الله سبحانه وتعالى: "وَلَمَّا رَأى المُؤمِنُونَ الأحزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُم إلاَّ إيمَاناً وَتَسلِيم" (الاحزاب 22).
جاء في موقع الحكيم عن السنة والشيعة للسيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: علمائنا الأفاضل، أتقدم لسماحتكم بعد أن ملأت الحيرة قلبي، سؤالي بسيط، لكني أعلم أنه متشعِّب: ما الفرق بين السُّنة والشيعة ؟ ولماذا اختلفوا ؟ وما وجه الاختلاف في العقائد والعبادات ؟ حفظكم الله ، وجعلكم ذخراً للأمة وسنداً لها . الجواب: الشيعة هم أتباع الإمام علي عليه السلام وآل البيت عليهم السلام من بعده ، والذين يرونهم أحقّ بالخلافة ، ويدينون بولايتهم، اعتماداً على مجموعة من الآيات الكريمة مثل آية التطهير: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الاحزاب 33) ، ومجموعة من النصوص النبوية ، مثل حديث الغدير، حيث أن النبي صلى الله عليه وآله قال في حق الإمام علي عليه السلام: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)، في قضية مفصَّلة، حتى أن حسَّان بن ثابت قال أبياتاً منها: فقالَ له قُم يا عليّ فإنني رضيتُك من بعدي إماماً وهادياً فمن كنتُ مولاهُ فهذا وليُّهُ فكونوا له أنصار صِدقِ موالياً. وكذلك حديث الثقلين : (إني تارك فيكم خَليفتين، كتابَ الله وأهلَ بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عَليَّ الحوض) كما جاء في مسند أحمد 5/182، وحديث السفينة، وهو قوله صلى الله عليه وآله: (مَثَل أهل بيتي فيكمَ مثل سفينة نوح، من ركبها نَجا، ومن تخلَّف عنها هَلَك) كما جاء في المستدرك على الصحيحين، و: ميزان الاعتدال ، وغيرهما. وحديث الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، فقد روى البخاري عن جابر بن سمرة ، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (يكون بعدي اثنا عشر أميراً)، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلُّهم من قريش) كما جاء في البخاري، كتاب الأحكام، و: مسلم 4/482. وهناك مجموعة أخرى من الآيات الكريمة والنصوص ، والأدلة الأخرى التي يستشهد بها شيعة آل البيت عليهم السلام. أما السنّة فهم أتباع مدرسة الخلفاء ، وقد يطلق عليهم أبناء السنة والجماعة، أما لفظة الجماعة فقد أُطلقت عليهم بعد سيطرة معاوية بن أبي سفيان على مقاليد الحكم، بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام، وصُلحه مع الإمام الحسن السبط عليه السلام، حيث اجتمعوا على أمارة معاوية، فسمّي ذاك العام بعام الجماعة. وأما لفظة السُّنَّة فقد جاءت في أعقاب الخلاف ، في مسألة خلق القرآن في أيام العباسيين، حيث أطلقه أنصار أبي الحسن الأشعري على أنفسهم ، ثم غلب على كل أتباع مدرسة الخلفاء . ويتفق الشيعة والسنّة بشكل عام في أصول الإسلام: التوحيد والنبوة والمَعاد، ويختلفون في موضوع الإمامة وتحديد الأئمة ، أما من الناحية الفقهية فليس هناك خلاف جوهري ، بل قد تتفق اجتهادات الفقهاء من الطرفين وقد تختلف ، كما قد تختلف اجتهادات فقهاء المذاهب الأربعة ، بل اجتهادات فقهاء المذهب الواحد كما جاء في الفقه على المذاهب الخمسة.
https://telegram.me/buratha