الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: إن للعقل أهمية كبرى في كيان الإنسان، وتقويم شخصيته، وتوجيه سلوكه، وتحديد مصيره. وبه تميز عن بقية الحيوانات وفضل عليه. فإنها وإن كانت تملك شيئاً من الإدراك الغريزي، إلا أنه في حدود ضيقة. أما الإنسان فهو يستطيع بعقله تمييز الأشياء، ومقارنة بعضها ببعض، ثم الترجيح بينه، واستحصال النتائج من مقدماته، وتحديد الضوابط التي ينبغي الجري عليه، مع سعة أفق وانفتاح على الواقع، قد يقطع به ذوو الهمم العالية شوطاً بعيداً في التقدم، ويرتفعون به إلى مراتب سامية من الرقي والكمال. أكدت على ذلك السنّة الشريفة في أحاديث كثيرة لا تحصى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من آله عليهم السلام، وبصيغ مختلفة في عرض ذلك. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (قوام المرء عقله، ولا دين لمن لا عقل له. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: (ما قسم الله للعباد شيئاً أفضل من العقل) و (ولا بعث الله رسولاً حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته). وفي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل). وقال عليه السلام في حديث: (من كمل عقله حسن عمله). وفي حديث هشام بن الحكم: (قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام: يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه، فقال: "فَبَشِّر عِبَادِي* الَّذِينَ يَستَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أحسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُم اللهُ وَأُولَئِكَ هُم أُولُوا الألبَابِ" (الزمر 17-18) يا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالأدلة) إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة الزهراء (عليه السلام) الكبرى قال الطبرسي : وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بينن. أفخصكم الله بآية أخرج أبي منه؟ أم هل تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا ينفعكم إذ تندمون، و"ِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" (الانعام 62) "مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ" (الزمر 40). ثم رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت: يا معشر النقيبة وأعضاد الملة وحضنة الإسلام، ما هذه الغَمِيزة في حقي والسِنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله صلى الله عليه واله أبي يقول: (المرء يحفظ في ولده) سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة. ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول. أتقولون: مات محمد صلى الله عليه واله؟ فخطب جليل، استوسع وهنه، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه، واظلمت الأرض لغيبته، وكسفت الشمس والقمر، وانتثرت النجوم لمصيبته، وأكدت الآمال، وخشعت الجبال، وأضيع الحريم، وأزيلت الحرمة عند مماته. فتلك والله النازلة الكبرى، والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة، ولا بائقة عاجلة، أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه، في أفنيتكم، وفي ممساكم، ومصبحكم، يهتف في أفنيتكم هتاف، وصراخ، وتلاوة، وألحان.
جاء في موقع الحكيم عن شبهات وردود للسيد محمد سعيد الحكيم: هل المقطع في الزيارة الجامعة (وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم) فيه محظور شرعي أو أنه يتنافض مع القرآن (إن إلينا إيابهم ثم إنا علينا حسابهم). الجواب : ج ــ ليس في ذلك منافاة لأن الأعمال المأذون بها من الله تعالى يصح نسبتها اليه سبحانه لأنها بحوله وقوته واذنه ولذلك لا يتنافى قوله تعالى: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" (الزمر 62) مع قول: "أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ" (ال عمران 49). ولا يتنافى قوله تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الزمر 42) مع قوله تعالى: "قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" (السجدة 11).
https://telegram.me/buratha