الدكتور فاضل حسن شريف
فجعت الحوزة العلمية بوفاة السيد صالح الحكيم رحمه الله التي ضحت عائلته في سبيل رفعة الاسلام والوقوف امام الطغيان في القرن الماضي. و قد اشار القرآن الكريم والسنة النبوية واحاديث اهل البيت على اهمية وجود العلماء والاثر الكبير على البشرية بفقدهم.
العلماء منار للهداية وائمة زمانهم كما قال الله تعالى "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا" (الانبياء 16) فهم النجوم التي ترشد التائهين الى طريق الصلاح واخراجهم من طريق الفساد "وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" (النحل 16). وشبه الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم العالم القمر بين الكواكب حيث قال (وإن العالم ليستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض حتى الحيتانُ في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر). عنه صلى الله عليه وآله (طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة، وطلب العلم يوما خير من صيام ثلاثة أشهر).
ونزلت ايات اخرى تمجد العلماء منها " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر 28). وهنالك احاديث نبوية عن العلماء منها (العلماء ورثة الانبياء) و الائمة عليهم السلام هم ورثة علم النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، لذلك جاء في الحديث الشريف (يا علي انا وانت ابوا هذه الامة). فكما ان عالم الدين المسيحي يسمى اب فان علماء الدين المسلمين هم الاباء الروحيين للامة، فموت الاب الوالد يحزن الابناء فان موت الاب الروحي لا يقل حزنا. عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد).
والله تعالى يجازي العالم اكثر مما كان يعمل ولا فرق ذلك بين ذكر وانثى كما قال عز من قائل "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل 97). قال الشاعر مشبها عيش وموت العالم كالزع في الارض يعيش طالما الغيث نازل وتصبح بوار بفقد الغيث: الأرض تحيا إذا مـا عاش عالمهـا * متى يمت عالم منها يمت طرفُ كالأرض تحيا إذا ما الغيث حلّ بها * وإن أبى عاد في أكنافها التلف. ان موت العالم ثلمة لا تسد كما هو الاصلاح يحتاج الى وقت بينما الهدم وقته لا يقارن بالاصلاح. قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم (موت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد، وهو نجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم).
ان الله تبارك وتعالى رفع من شأن العلماء حيث قال عز من قائل "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" (المجادلة 11) فالمؤمن المتقي عليه ان يرفع شأن العالم حيا كان ام ميتا. لمكانة العالم في المجتمع ووجوده تبيان للناس الطريق الصحيح لعبادة الله سبحانه فقد رفع الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم من شأن العالم قائلا (النظر إلى وجه العالم عبادة).
العالم يستخدم في خطاباته القول اللين "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" (طه 44) فعند فقد العلماء يزداد عدد العقول الجاهلة وتزداد العصبية والغلظة "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (ال عمران 159). العالم عليه ان يكون قدوة لا ان يعلم الآخرين ولا يلتزم بما علم الناس به. يقول امير المؤمنين عليه السلام (العالم العامل بغير علمه، كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو عند اللّه ألوم). فمثل ذلك العالم عند الله اسوأ من الجاهل وهو الى النفاق اقرب.
https://telegram.me/buratha