الدكتور فاضل حسن شريف
ان من اكثر المصائب التي تنتاب الامة فقد العلماء لانهم اكثر الناس الذين يخشون الله تعالى كما قال عز من قائل "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر 28). فالامة حينئذ يحصل فيها نقص كما قال الله جل جلاله "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (الرعد 41) وفي التفاسير "نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" (الرعد 41) اي فقد او موت العلماء.
اذا كان طلب العلم فريضة كما جاء عن الائمة عليهم السلام عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم قوله (طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، و اقتبسوه من أهله، فإن تعليمه لله حسنة، و طلبه عبادة، و المذاكرة فيه تسبيح،و العمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى، لأنه معالم الحلال و الحرام، ومنار سبيل الجنة،والمؤنس في الوحشة، و الصاحب في الغربة والوحدة، و المحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير قادة) فكيف بفقد اهل العلم وهم العلماء.
وما اكثر اليوم في وسائل الاعلام من يقول انا عالم وهو يفتي بقتل هذا وسفك دم ذاك، وتكفير ما يخالفه في الرأي. وهذا اشد قتكا بالامة من ان يقول انا لست بعالم ولكن هذا رأي، كالمنافق اشد فتكا من الكافر "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" (النساء 145). شبه الشاعر كبير القوم الذي لا علم له والذي يصفق له ذوي العقول الجاهلة انما صغير بنظر العلماء: تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً * وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ * صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ.
العالم يهدي التائه الى المراد الذي يطلبه كما تهدي النجوم الى الاتجاه الصحيح. فعندما يسود الظلام نتيجة الظلم ينير العلماء الطريق بكشف اسباب الظلم وكيفية التخلص منه "وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" (النحل 16). وقد فضل الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم العلماء على الشهداء وهو القائل (إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء).
ولا شك فان العلماء يقدمون المواعظ والعبر كما هو حال قصص الانبياء عليهم السلام "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ" (يوسف 111). ان موت العالم ثلمة لا تسد كما هو الاصلاح يحتاج الى وقت بينما الهدم وقته لا يقارن بالاصلاح. قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم (ما قبض الله تعالى عالما من هذه الأمة إلا كان ثغرة في الإسلام، لا تسد ثلمته إلى يوم القيامة). قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن فضل العالم (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ).
وعند مذهب اهل البيت فان العلماء لهم تقدير مميز فمنصب المرجعية الدينية يأتي بعد منصب الامامة، والذي يأتي بعد منصب النبوة. وكل منصب هو امتداد للمنصب السابق. و منصب المرجعية هو وكالة عن منصب الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه كما قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (العلماء ورثة الانبياء). كذلك قال الامام الصادق عليه السلام (الفقهاء أمناء الرسل)، وقول الإمام الحجة عجل الله فرجه (فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
https://telegram.me/buratha