الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة وردت كلمة وَعْدَ، وَعْدُ في آيات قرآنية قال عز من قائل: "وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا" ﴿الإسراء 104﴾، و "وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا" ﴿الإسراء 108﴾، و "وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا" ﴿الكهف 21﴾، و "قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا" ﴿الكهف 98﴾، و "جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا" ﴿مريم 61﴾، و "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ" ﴿النور 55﴾، و "قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا" ﴿الفرقان 15﴾، و "فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" ﴿القصص 13﴾، و "وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" ﴿الروم 6﴾، و "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ" ﴿الروم 60﴾، و "خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ﴿لقمان 9﴾.
هنالك مشتقات عديدة لكلمة وعد في آيات قرآنية: وَاعَدْنَا، تُوَاعِدُوهُنَّ، يَعِدُكُمُ، الْمِيعَادَ، وَعْدَهُ، وَعَدتَّنَا، وَعَدَ، يَعِدُهُمْ، تُوعَدُونَ، وَعَدَنَا، تَعِدُنَا، وَوَاعَدْنَا، تَوَاعَدتُّمْ، وَعَدُوهُ، وَعْدًا، مَوْعِدَةٍ، وَعَدَهَا، نَعِدُهُمْ، الْوَعْدُ، مَوْعِدُهُ، وَعْدَكَ، مَوْعِدَهُمُ، وَعِيدِ، وَعَدَكُمْ، وَوَعَدتُّكُمْ، لَمَوْعِدُهُمْ، وَعِدْهُمْ، مَوْعِدًا، مَوْعِدٌ، يُوعَدُونَ، مَوْعِدُكُمْ، وَوَاعَدْنَاكُمْ، مَوْعِدِي، مَوْعِدَكَ، الْوَعِيدِ، أَيَعِدُكُمْ، وَعَدْنَاهُ، مِيعَادُ، يَعِدُ، وَعَدتَّهُمْ، وَعَدْنَاهُمْ، أَتَعِدَانِنِي، بِالْوَعِيدِ، الْمَوْعُودِ.
قال امير المؤمنين علي عليه السلام: (ما بات لرجل عندي موعد قط فبات يتململ على فراشه ليغدو بالظفر بحاجته، أشد من تململي على فراشي حرصا على الخروج إليه من دين عدته، وخوفا من عائق يوجب الخلف، فإن خلف الوعد ليس من أخلاق الكرام)، و (وعد الكريم نقد وتعجيل، وعد اللئيم تسويف وتعليل)، و (الوعد مرض، والبرء إنجازه). قال الإمام الصادق عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله واعد رجلا إلى الصخرة فقال: أنا لك هاهنا حتى تأتي، قال: فاشتدت الشمس عليه، فقال له أصحابه: يا رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل، قال: وعدته هاهنا وإن لم يجئ كان منه المحشر. وقال عليه السلام (لا تعدن أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه). قال الإمام الرضا عليه السلام: تدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدري، قال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره. قال الله تعالى " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا" (مريم 54).
قال الله جلت قدرته في آيات وردت ايضا فيها كلمة الوعد ومشتقاتها "فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي" ﴿طه 86﴾، و "ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ" ﴿الأنبياء 9﴾، و "وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" ﴿الأنبياء 38﴾، و "وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ" ﴿الأنبياء 97﴾، و "لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" ﴿الأنبياء 103﴾، و "يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" ﴿الأنبياء 104﴾، و "فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ" ﴿الأنبياء 109﴾، و "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ" ﴿الحج 47﴾، و "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" ﴿الحج 72﴾، و "أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ" ﴿المؤمنون 35﴾، و "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ" ﴿المؤمنون 36﴾، و "لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ" ﴿المؤمنون 83﴾، و "قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ" ﴿المؤمنون 93﴾، و "وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ" ﴿المؤمنون 95﴾، و "لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا" ﴿الفرقان 16﴾، و "ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ" ﴿الشعراء 206﴾.
وجاء في عون المعبود للعظيم آبادي: فالوعد أعم من العهد، بأن العهد لا يطلق إلا إذا كان الوعد موثقا والوعد أعم من أن يكون موثقا أو لا يكون كذلك، ويشهد على ذلك لفظ الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق على إخلاف الوعد لفظ الإخلاف، وعلى إخلاف العهد لفظ الغدر، ولا شك أن الغدر أشد من الإخلاف، فعلم أن العهد أشد وأوثق من الوعد. ويؤيده قول الله عز وجل: "الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ" (البقرة 27) وأما العهد أعم من الوعد فبأن الوعد لا يطلق إلا على ما يكون لشخص آخر والعهد يطلق على ما يكون لشخص آخر أو لنفسه كما لا يخفى. قال الله عز وجل: "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" (البقرة 100) فههنا عهدهم ليس إلا على أنفسهم بالإيمان وقال الله تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ " (التوبة 4) فههنا معاهدة المؤمنين لا على أنفسهم بل من المشركين. وأما الوعد فلا يوجد في كلام العرب إلا لرجل آخر كما قال الله عز وجل في القران "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ" (ابراهيم 22). وقال الله تعالى: "رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ" (ال عمران 194). وقال تعالى: "رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ" (غافر 8)، وغير ذلك من آيات والأحاديث وكلام أهل العرب.
https://telegram.me/buratha