الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: لا دلالة فيها على حرمة الانتفاع بالمتنجس، فان الاجتناب عن الشئ انما يكون باجتناب ما يناسب ذلك الشئ، فالاجتناب عن الخمر عبارة عن ترك شربها إذا لم يدل دليل آخر على حرمة الانتفاع بها مطلقا، والاجتناب عن النجاسات والمتنجسات عبارة عن ترك استعمالها فيما يناسبها، ومن القمار عن ترك اللعب، ومن الامهات والبنات والاخوات والخالات وبقية المحارم عبارة عن ترك تزويجهن. كما ان الاجتناب عن المسجد هو ترك العبادة فيه، والاجتناب عن العالم ترك السؤال عنه، والاجتناب عن التاجر ترك المعاملة معه، والاجتناب عن أهل الفسوق ترك معاشرتهم، وهكذا، وعلى الجملة نسبة الاجتناب الى ما يجب الاجتناب عنه تختلف باختلاف الموارد وليست في جميعها على نسق واحد. وعليه فلا دلالة في الاية على حرمة الانتفاع بالمتنجس مطلقا، بل الامر في ذلك موقوف على ورود دليل خاص يدل على وجوب الاجتناب مطلقا. قوله: مع انه لو عم التنجس لزم أن يخرج عنه اكثر الافراد. أقول: لا يلزم من خروج المتنجسات كلها من الاية تخصيص الاكثر فضلا عما إذا كان الخارج بعضها، فان الخارج منها عنوان واحد ينطبق على جميع افراد المتنجس انطباق الكلي على افراده. نعم لو كان الخارج من عموم الاية كل فرد فرد من افراده للزم المحذور المذكور. بناء على شمول الرجز للاعيان النجسة والمتنجسة. وقد ظهر الجواب عنها من كلامنا على الاية السابقة. ثم ان نسبة الهجر الى الاعيان الخارجية لا تصح الا بالعناية والمجاز بخلاف نسبته الى الاعمال فانها على نحو الحقيقة، وعليه فالمراد من الاية خصوص الهجر عن الاعمال القبيحة والافعال المحرمة، ولا تشمل الاعيان المحرمة. ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب، كما في قوله تعالى: "فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" (البقرة 59).
جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ز دفع ضرر السحر بالسحر: قوله: بقي الكلام في جواز دفع ضرر السحر بالسحر. أقول: وقد يستدل على الجواز بالروايات الواردة في قصة هاروت وماروت وغيرها، فانها تدل على جواز دفع ضرر السحر بالسحر. وفيه: انها وان كانت ظاهرة الدلالة على ذلك، ولكنها ضعيفة السند فلا يمكن الاستناد إليها. نعم يمكن الاستدلال على الجواز بالاية الواردة في قصة هاروت وماروت "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" (البقرة 102)، بتقريب ان السحر لو لم يكن جائز الاستعمال حتى في مقام دفع الضرر لم يجز تعليمه اصلا، فجواز التعليم يدل على جواز العمل به في الجملة، والقدر المتيقن منه هو صورة دفع ضرر الساحر. وكيف كان فلا ريب في انه قد يجب إذا توقفت عليه مصلحة ملزمة، كما إذا ادعى الساحر منصبا من المناصب الالهية كالنبوة والامامة.
جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: عدم اختصاص حرمة السحر بالمضر منه: هل تختص حرمة السحر بالمضر منه أو تعم غير المضر ايضا؟ فيه خلاف، فالمحكي عن الشهيدين في الدروس والمسالك ان المعتبر في السحر الاضرار، وعن شارح النخبة: ان ما كان من الطلسمات مشتملا على اضرار أو تمويه على المسلمين أو الاستهانة بشئ من حرمات الله فهو حرام، سواء عد من السحر ام لا، وعن جملة من الاكابر: انه حرام مطلقا سواء أكان مضرا ام لا، تمسكا بظاهر الاطلاقات المتقدمة. ومن هنا ظهر انه لا وجه لتقييد السحر بما كان مؤثرا في بدن المسحور أو عقله أو قلبه من غير مباشرة، كما عرفته عن العلامة في القواعد. وقد يستدل على اختصاص حرمة السحر بالمضر منه ببعض الروايات الواردة في قصة هاروت وماروت، وسيأتي ذكرها. وفيه أولا: ان هذه الروايات ضعيفة السند. وثانيا: انه لا تنافي بينها وبين المطلقات الدالة على حرمة السحر مطلقا. قوله: فمثل احداث حب مفرط في الشخص يعد سحرا. أقول: الوجه فيه ما ورد في بعض الاحاديث من تشديد النبي صلى الله عليه وآله المرأة التي صنعت ذلك لزوجها واستقباله اياها باللعن والتوبيخ وحكمه عليها بعدم قبول التوبة. وفيه أولا: انه ليس في الرواية ما يدل على كون المصنوع سحرا. وثانيا: ان العمل بها يقتضي حرمة ادخال الزوجة حبها في قلب الزوج، وان كان ذلك بالاخلاق الحسنة والافعال المرضية، مع أنه مطلوب في الشريعة المقدسة، وقد امر به في الاخبار المتظافرة بل المتواترة المذكورة في أبواب مقدمات النكاح، وعليه فلا بد من حمل الرواية على كون المصنوع امرا غير مشروع يوجب تكدر البحار والطين واستحقاق المرأة باللعن. وثالثا: ان الرواية مخالفة للقواعد، فانها مشتملة على عدم قبول التوبة من المرأة التي صنعت لزوجها شيئا يوجب المحبة والعطف، مع أن الثابت في الاسلام جواز توبة المرأة المرتدة، سواء أكانت فطرية ام ملية، ومن المقطوع به ان سحرها لا يزيد على الارتداد. ويضاف الى جميع ما ذكرناه ان الرواية ضعيفة السند. جواز دفع ضرر السحر بالسحر: قوله: بقي الكلام في جواز دفع ضرر السحر بالسحر. أقول: وقد يستدل على الجواز بالروايات الواردة في قصة هاروت وماروت وغيرها، فانها تدل على جواز دفع ضرر السحر بالسحر. وفيه: انها وان كانت ظاهرة الدلالة على ذلك، ولكنها ضعيفة السند فلا يمكن الاستناد إليها. نعم يمكن الاستدلال على الجواز بالاية الواردة في قصة هاروت وماروت "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"(البقرة 102)، بتقريب ان السحر لو لم يكن جائز الاستعمال حتى في مقام دفع الضرر لم يجز تعليمه اصلا، فجواز التعليم يدل على جواز العمل به في الجملة، والقدر المتيقن منه هو صورة دفع ضرر الساحر. وكيف كان فلا ريب في انه قد يجب إذا توقفت عليه مصلحة ملزمة، كما إذا ادعى الساحر منصبا من المناصب الالهية كالنبوة والامامة. التسخير ليس من السحر: وقد يقال بان من السحر التسخيرات باقسامها، حتى تسخير الحيوانات، بدعوى ان تعاريف السحر صادقة عليها، حتى ان الشهيدين مع اخذهما الاضرار في تحريم السحر ذكروا ان استخدام الملائكة والجن من السحر، وعليه فتشملها الاطلاقات المتقدمة الدالة على حرمة السحر بجميع شؤونه. وفيه: انك قد عرفت خروج الاستعانة بالارواح الارضية واستخدام الجن من السحر موضوعا وحكما، وحينئذ فان انطبق على ذلك شئ من العناوين المحرمة حكم عليه بالحرمة لتلك الجهة المحرمة لا لكونه سحرا.
https://telegram.me/buratha