الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 12)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الصوم للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان حرجا ومشقة فيجوز لهما الافطار، لا اشكال كما لا خلاف في سقوط الصوم عمن كان حرجا ومشقة عليه وكلفة لا تتحمل عادة وإن كان قادرا عليه كالشيخ والشيخة. ويدل عليه بعد عموم دليل نفي الحرج الكتاب العزيز المعتضد بالروايات الخاصة الواردة في المقام الناطقة بأن وظيفته الفداء. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 183-183) تضمنت الآية المباركة تقسيم المكلفين إلى أقسام ثلاثة. فمنهم من يتعين عليهم الصيام اداءا وهم الافراد العاديون من الحاضرين الاصحاء. حيث أن التعبير ب‌ "كُتِبَ" وكذا التعبير ب‌ (فليصمه) في ذيل الآية اللاحقة ظاهر في الوجوب التعييني. ومنهم من يتعين عليه القضاء: وهو المريض والمسافر. "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 184).

جاء في كتاب الصلاة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: بقي الكلام في شئ وهو أن الآية المباركة أعني قوله تعالى: كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (البقرة 187) دلت على أخذ التبين في موضوع الحكم بوجوب الكف والامساك، وظاهر ذلك أن للتبين موضوعية في تحقق الفجر فما دام لم يتبين ولم ير البياض المنبسط في الافق في ناحية المشرق لم يحكم بحرمة الاكل والشرب في نهار شهر رمضان ولا بجواز الاتيان بصلاة الفجر، فلا أثر لمجرد تحقق البياض في الافق بل الاثر مترتب على تبينه. وبعبارة أخرى أن الاثر إنما يترتب على البياض المنتشر المتبين في نفسه لولا المانع الخارجي. نعم إن عدم الرؤية والتبين إذا استند إلى وجود غيم في السماء أو إلى عمى في البصر أو نحو ذلك من موانع الرؤية لم يمنع ذلك عن الحكم بوجوب الامساك وجواز الدخول في صلاة الفجر لتحقق الفجر في الواقع وهو متبين في نفسه من غير قصور لان القصور في الرائي دون المرئي على الفرض، وهذا لعله مما لا شبهة فيه. وإنما الكلام فيما إذا استند عدم رؤية البياض المنتشر إلى ضوء القمر فهل يحكم وقتئذ بطلوع الفجر إذا اقتضته الموازين العلمية ويترتب عليه الحكم بجواز الصلاة ووجوب الامساك أو لا يترتب عليه شئ من ذلك لعدم تحقق الطلوع وعدم تبين البياض المنتشر في الافق.

جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ففي المستند: ان مقتضى كلام الاكثر والمتفاهم في العرف ان الرشوة عامة لكل ما يدفع من المال للحاكم، سواء أكان لحق ام كان لباطل، وحكي ذلك عن تصريح والده، ثم قال: وهو الظاهر من القاموس والكنز ومجمع البحرين، ويدل عليه استعمالها فيما اعطي للحق في الصحيح عن رجل: يرشو الرجل على أن يتحول عن منزله فيسكنه غيره، قال: لا بأس، فان الاصل في الاستعمال إذا لم يعلم الاستعمال في غيره الحقيقة كما حقق في موضعه انتهى ملخص كلامه. وسنذكر الرواية في البحث عن حكم الرشوة في غير الاحكام، وعن حاشية الارشاد: ان الرشوة ما يبذله المتحاكمان، وفي كلمات جماعة ان الرشوة ما يبذله المحق ليحكم له بحق، بحيث لو لم يبذله لابطل حقه ولحكم عليه بالباطل، الى غير ذلك من كلمات الاصحاب بمضامين مختلفة. والمتحصل من كلمات الفقهاء قدس سرهم ومن اهل العرف واللغة مع ضم بعضها الى بعض، ان الرشوة ما يعطيه احد الشخصين للاخر لاحقاق حق أو تمشية باطل، أو للتملق أو الوصلة الى الحاجة بالمصانعة، أو في عمل لا يقابل بالاجرة، والجعل عند العرف والعقلاء وان كان محطا لغرضهم وموردا لنظرهم، بل يفعلون ذلك العمل للتعاون والتعاضد فيما بينهم، كاحقاق الحق وابطال الباطل، وترك الظلم والايذاء أو دفعهما، وتسليم الاوقاف من المدراس والمساجد والمعابد ونحوها الى غيره، كأن يرشو الرجل على أن يتحوله عن منزله فيسكنه غيره، أو يتحوله عن مكان في المساجد فيجلس فيه غيره، الى غير ذلك من الموارد التي لم يتعارف اخذ الاجرة عليها. نعم ما ذكره في القاموس من تفسير الرشوة بمطلق الجعل محمول على التفسير بالاعم، كما هو شأن اللغوي احيانا، والا لشمل الجعل في مثل قول القائل: من رد عبدي فله الف درهم، مع أنه لا يقول به احد. حرمة الرشوة: ما حكم الرشوة، الظاهر بل الواقع لا خلاف بين الشيعة والسنة في الجملة للاخذ والمعطي، بل عن جامع المقاصد: أجمع اهل الاسلام على تحريم الرشا في الحكم، سواء أكان الحكم لحق ام لباطل، وسواء أكان للباذل ام عليه، وفي تجارة المسالك: على تحريمه اجماع المسلمين. وتدل على حرمتها في الجملة الروايات المتظافرة، وسنذكرها في الحاشية، وقوله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ" (البقرة 188). ووجه الدلالة انه تعالى نهى عن الادلاء بالمال الى الحكام لابطال الحق واقامة الباطل حتى يأكلوا بذلك فريقا من اموال الناس بالاثم والعدوان، وهذا هو معنى الرشوة، وإذا حرم الاعطاء حرم الاخذ ايضا للملازمة بينهما. لا يقال: ان الاية انما نزلت في خصوص اموال اليتامي والوديعة والمال المتنازع فيه، وقد نهى الله تعالى فيها عن اعطاء مقدار من تلك الاموال للقضاة والحكام لاكل البقية بالاثم والعدوان، وعلى هذا فهي اجنبية عن الرشوة. فانه يقال: نعم قد فسرت الاية الشريفة بكل واحدة من الامور المذكورة، الا أن هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق والقرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق بل يجري كجري الشمس والقمر، كما دلت عليه جملة من الروايات، وقد ذكرناها في مقدمة التفسير، على أن في مجمع البحرين عن الصحاح: ان قوله تعالى: وتدلوا بها الى الحكام، يعني الرشوة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك