الدكتور فاضل حسن شريف
في آيات قرآنية فيها الذكر الحكيم " فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" قال الله سبحانه وتعالى "قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿الأعراف 71﴾ فانتظروا: الفاء حرف استئناف، انتظر فعل، وا ضمير، فانتظروا نزول العذاب عليكم فإني منتظر معكم نزوله، وهذا غاية في التهديد والوعيد، و "وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿يونس 20﴾ المنتظرين: ال أداة تعريف، منتظرين اسم، فانتظروا أيها القوم قضاء الله بيننا وبينكم بتعجيل عقوبته للمبطل منا، ونصرة صاحب الحق، إني منتظر ذلك، و "فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ ۚ قُلْ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿يونس 102﴾ قل لهم أيها الرسول: فانتظروا عقاب الله إني معكم من المنتظرين عقابكم.
جاء في معاني القرآن الكريم: النظر يعني تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص، وهو الروية. يقال: نظرت فلم تنظر. أي: لم تتأمل ولم تتروا، وقوله تعالى: "قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ" (يونس 101) أي: تأملوا.
روى الترمذي باسناده عن ابي الاحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سلوا الله من فضله، فان الله عزّ وجلّ يحب ان يسأل، وافضل العبادة انتظار الفرج).
عن القمي وفيه قيام القائم "فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" (الاعراف 71). روى ثقة الاسلام باسناده عن عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند ابي عبد الله عليه السلام اذ دخل عليه مهزم فقال له: جعلت فداك، اخبرني عن هذا الامر الذي ننتظر، متى هذا؟ فقال: (يا مهزم كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلّمون). قوله تعالى: "وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿يونس 20﴾. عن ابن بابوية: عن يحيى بن ابي القاسم قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله الله عزّ وجلّ: "الم * ذلك الكتابُ لا ريب فيه هدىً للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب" (البقرة 1-3)، فقال: المتقون شيعة علي عليه السلام، والغيب فهو الحجة القائم الغائب وشاهد ذلك قول الله عزّ وجلّ: "وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿يونس 20﴾. وبالاسناد عن ابي ابي عمير، عن ابا عبد الله عليه السلام يقول: لكل اناس دولةٌ يرقبونها * ودولتنا في آخر الزمان تظهر.
وعن مفهوم الانتظارعند سماحة الشيخ جلال الدين الصغير امام جامع براثا: (فالإسلام دين العمل والجدية في التعاطي مع شأن هداية الناس، وحينما يتم تحديد القضية المهدوية بعنوانها البرنامج الخاص بعملية الهداية الربانية ضمن خط الإمامة، فإن ما يجب علينا أن نفهمه أن هذه القضية يتنافى العمل من أجلها مع سلوكيات التهاون والإتكال والتكاسل، بل إن من يريد أن يرتبط بها عليه أن يبرز دوماً جدية في التواصل مع أهدافها). قال الله تعالى "وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ" (التوبة 105). والكسل صفة المنافق الذي ينتظر الامام المهدي عجل الله فرجه ولم يعمل بما يتطلبه الانتظار من تهيئة "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى" (النساء 142). والكسل عن التهيئة نوع من الفسق "قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ" (التوبة 53-54) فالتهيئة للقضية المهدوية تتطلب الانفاق بدون اكراه.
https://telegram.me/buratha