الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 15)


الدكتور فاضل حسن شريف

قوله تعالى "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 184) جاء في كتاب الصلاة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: نعم قد يستعمل الخير في موارد الوجوب كما في قوله تعالى: وأن تصوموا خير لكم ولكن ذلك انما ثبت من الخارج بالدليل، وإلا فكلمة خير في نفسها في اللغة العربية وما يراد فيها من سائر اللغات ظاهرة في الاستحباب كما ذكرناه. وعلى الجملة ان الآية لا دلالة لها على الوجوب وانما يدلنا الامر فيها بالسير السريع على الحث والترغيب لسماع الخطبة لا شتمالها على المواعظ والارشاد هذا على أنا لو تنازلنا عن ذلك وسلمنا أن المراد بالذكر في الآية المباركة هو الصلاة كان الامر بالسعي ايضا محمولا على الاستحباب، لما اشرنا إليه، ويأتي من امتداد وقت الحضور والاشتراك في صلاة الجمعة إلى زمان الركوع بحيث لو ادركها والامام راكع كفى في صحتها، فلا يجب السعي إلى صلاة الجمعة بمجرد النداء، ولا قائل بوجوب السعي في نفسه، وانما القائل يدعي وجوب الحضور للصلاة، وقد عرفت انه موسع إلى زمان الركوع والاسراع غير واجب فيه، فلا مناص من حمل الامر بالسعي إليها على الاستحباب. ويرشدنا إليه ذيل السورة المباركة ايضا: قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين. بالتقريب المتقدم آنفا ولا نعيده. وبقوله عز من قائل: حافظوا على الصلوات، والصلاة الوسطى "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" (البقرة 238) بدعوى أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة الجمعة يوم الجمعة وصلاة الظهر في غيرها. وقد امرنا الله سبحانه بالمحافظة عليها زائدا على وجوب المحافظة مطلق الصلوات. وهذا الاستدلال عجيب ومن هنا لم يتصد المحقق الهمداني قدس سره للجواب عنه ولم يعتني به وانما اكتفى بقوله وفي الاستدلال بهما ما لا يخفى والحق معه، لان الصلاة الوسطى قد فسرت في رواياتنا بصلاة الظهر وفي بعض القراءات بصلاة العصر وحملت على التقية كما في الوسائل إذا يدور امرها بين ان يراد منها الظهر أو العصر، ولم يرد تفسيرها بصلاة الجمعة في شئ من الروايات. نعم روى الطبرسي في مجمع البيان عن علي عليه السلام ان صلاة الوسطى صلاة الجمعة يوم الجمعة وصلاة الظهر في سائر الامام الا انها غير قابلة للاعتماد عليها لارسالها فلا دليل على تفسيرها بصلاة الجمعة بوجه. على أنه لا يسعنا الاستدلال بها على لزوم صلاة الجمعة ووجوب اقامتها وان فسرناها بصلاة الجمعة، لان الامر بالمحافظة على شئ انما يصح بعد وجوبه في نفسه إذا يكون الامر بالمحافظة ارشادا إلى لزوم الاتيان بصلاة الجمعة واهميتها حيث ذكرت بالخصوص بعد ذكر سائر الصلوات والاوامر الارشادية لا دلالة لها على الوجوب فضلا عن سعته وضيقه كما هو الحال في اوامر الطاعة، فان الوجوب أو الاستحباب في الاوامر كما في صحيحة زرارة المروية في ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها من الوسائل. اشار إليه في ذيل ب 5 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها من الوسائل.

جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: أن المعاصي كلها كبيرة وان كان بعضها اكبر من بعضها الاخر، كالشرك بالله العظيم، فانه من اعظم المعاصي، وقتل النفوس المحترمة، فانه اعظم من بقية الذنوب، وهكذا، وانما اطلقت الكبيرة عليها بالتشكيك على اختلاف مراتبها شدة وضعفا. وعليه فلا وجه للنزاع في ان الغيبة من الكبائر ام من الصغائر، وقد اختار هذا الرأي جمع من الاصحاب، بل ظاهر ابن ادريس في كتاب الشهادة من السرائر دعوى الاجماع عليه، فانه بعد ما نقل كلام الشيخ في المبسوط الظاهر في ان الذنوب على قسمين صغائر وكبائر قال: وهذا القول لم يذهب إليه رحمه الله الا في هذا الكتاب اعني المبسوط ولاذهب إليه احد من الاصحاب، لانه لا صغائر عندنا في المعاصي الا بالاضافة الى غيرها. ومن هنا يتضح ان الاخبار الواردة في عد الكبائر انما هي مسوقة لبيان عظمها بين سائر الذنوب، لحصر المعاصي الكبيرة بالامور المذكورة. ومع الاغضاء عما ذكرناه فلا ثمرة للنزاع في الفرق بين الكبائر والصغائر، فان الذنوب كلها تضر بالعدالة وتنافيها، فان العدالة هي الاعتدال في الدين والاستقامة على طريقة سيد المرسلين، وارتكاب أية معصية وان كانت صغيرة يوجب الانحراف في الدين والخروج عن الصراط المستقيم لكون ذلك هتكا للمولى وجرأة عليه، كما ان الخروج عن الطرق التكوينية انحراف عنها. ولو سلمنا ان الصغائر لا تنافي العدالة الا أن الغيبة من الكبائر، فان الكبيرة ليست لها حقيقة شرعية لنبحث فيها، بل المراد بها هو معناها اللغوي، وهو الذنب العظيم عند الشارع، ويعرف عظمه تارة بالنص على كونه من الكبائر كالشرك والزناء وقتل النفس المحترمة وغيرها من الكبائر المنصوصة، واخرى بالتوعد عليه في الكتاب أو السنة المعتبرة، وثالثة بترتيب آثار الكبيرة عليه، ورابعة بالقياس الى ما ثبت كونه من الكبائر الموبقة، كقوله تعالى: "وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ" (البقرة 191)، وقد ثبت في السنة المعتبرة التوعيد على الغيبة فتكون من الكبائر. وتدل على ذلك ايضا الروايات الدالة على أن الخيانة من الكبائر، وبديهي ان الغيبة من اعظم الخيانات، ويدل على كون الغيبة من الخيانة قول النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لابي ذر: يا أبا ذر المجالس بالامانة وافشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك، واجتنب مجلس العشرة، ولكنها ضعيفة السند. وقد يستدل ايضا على كون الغيبة كبيرة بالروايات الدالة على أن الغيبة اشد من الزناء، وهو من الكبائر، فالغيبة اولى منه بأن تكون كبيرة.

جاء في كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي: مسألة 58: إذا نقل ناقل فتوى المجتهد لغيره ثم تبدل رأي المجتهد في تلك المسألة لا يجب على الناقل اعلام من سمع منه الفتوى الاولى وإن كان أحوط، بخلاف ما إذا تبين له خطاؤه في النقل فانه يجب عليه الاعلام. والدليل، ومعه لو قدمنا العمل بالحجة على الحكم استلزم ذلك تخصيص المورد وهو أمر غير جائز. ويدفعه: مضافا إلى أن المقبولة ضعيفة سندا ولا دلالة لها على الا مارية وترتيب أثر الواقع لانها إنما تدل على تقدم حكم الحاكم قضاء للتخاصم أن جعل الامارة والطريق مع العلم بالخلاف أمر لا معنى له وما معنى كون الحكم حجة وطريقا مع القطع بكونه مخالفا للواقع؟ وكيف يمكن الالتزام بوجوب قبوله وحرمة رده مع العلم بانه خلاف ما انزله الله سبحانه ثم إن هذا كله في موارد الترافع والخصومات الاعم من الشبهات الحكمية والموضوعية. وهل ينفذ حكم الحاكم ويحرم نقضه في غير موارد الترافع ايضا كثبوت الهلال ونصب القيم والمتولي ونحوها؟ يأتي عليه الكلام في المسألة الثامنة والستين ان شاء الله ونبين هناك أنه لا دليل على نفوذ حكم الحاكم في غير موارد الترافع فليلاحظ تبدل الرأي بعد نقل الفتوى: يظفر بما يدله على الحرمة أو الوجوب ومن هنا يفتى في المسألة بالجواز، ويقف بعد ذلك في غير الباب المناسب لها على ما يدله على الحرمة والوجوب فيضطر بذلك إلى العدول عن فتواه الاول بالجواز. وأحسن مثال لتلك الكبرى مسألة حرمة تمكين الزوجة الحائض زوجها من نفسها فان قوله عز من قائل:"فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" (البقرة 222) خطاب للازواج والاخبار الدالة على حرمة وطئ الحائض - في الابواب المناسبة لها - كلها يختص بهم فمن فحص عن حرمة وطئ الحائض لا يعثر في الابواب المناسبة لها على دليل يدل على الحرمة بالاضافة إلى الزوجة لاختصاص الادلة بالزوج، ومن هنا وقع الكلام في أن الحائض هل يجوز أن تمكن زوجها من نفسها كما إذا اراد الوقاع عصيانا من غير ناحية الاعانة على الاثم أو كان زوجها مجنونا أو غير بالغ حتى يخرج عن شبهة الاعانة على الاثم. لعدم حرمة الوطئ بالاضافة إليها أو لا يجوز؟ فالمجتهد الفاحص عنها في مظانها لا يكاد تصله الحرمة بالاضافة إلى الزوجة ومعه يفتى بجواز تمكينها. إلا انه إذا عثر في أبواب العدد على باب أن المعتدة بالاقراء إذا رأت الدم في أول الحيضة الثالثة جاز لها أن تزوج، ولم يجز لها أن تمكن من نفسها حتى تطهر ورأى الاخبار الدالة على حرمة التمكين على الحائض من نفسها اضطر إلى العدول والافتاء بالحرمة في المسألة فهل في تلك الموارد المذكورة يجب على المجتهد أو ناقل الفتوى السابقة اعلام من سمع منه الفتوى الاولى بعد العدول أو لا يجب؟ والصحيح عدم وجوب الاعلام لعدم دلالة الدليل عليه والوجه فيه: أن المقلد السامع للفتوى الاولى وان كان يقع في مخالفة الواقع من جهة اخبار المجتهد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك