الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: الظاهر من الفداء هو البدل كما هو الشائع في استعمالات الروايات والآيات الكريمة كقوله تعالى "وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارىََ تُفََادُوهُمْ" (البقرة 85) و قوله تعالى "يَوَدُّ اَلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذََابِ يَوْمِئِذٍ" (المعارج 11) فظاهر الفداء هو البدل بمعنى إعطاء المثل في المثليات والقيمة في القيميات، فالمراد من الفداء في الرواية ثمن الشجر أو أبعاضه، ويؤيّد برواية سليمان بن خالد المتقدِّمة بناءً على نسخة الوسائل الّتي ذكر فيها القطع. و من العجيب ما صدر من صاحب المدارك حيث استدلّ برواية سليمان بن خالد على حرمة قلع الشجرة على طريق الصدوق وعبّر عنها بالحسنة، ولكن في باب الكفّارة اختار صريحاً عدمها بدعوى أن رواية سليمان بن خالد ضعيفة لوجود الطاطري في الطريق، ففي باب أخذ بطريق وفي باب أخذ بطريق آخر. و أمّا الكفّارة بذبح البقرة والشاة فلا دليل عليها، بل لا مورد للاحتياط كما صدر من شيخنا الأُستاذ في مناسكه، إذ لا دليل معتبر على الكفّارة بذلك، ولم يتحقق إجماع في البين حتّى يوجب الاحتياط، فالمتعين في الكفّارة قيمة الشجرة الّتي اقتلعها، هذا كلّه في الشجرة، وأمّا الأعشاب فلا كفّارة في قلعها أصلاً وإن كان محرماً، لعدم الدليل والأصل البراءة.
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي:قوله تعالى "لِلْفُقَرََاءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللََّهِ لاََ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ" (البقرة 273) فالآية بإطلاقها يشمل المصدود أيضاً ولا تختص بالمنع بسبب المرض. و مما يؤكد ذلك: أن الآية وردت في صد المشركين لرسول اللََّه صلّى اللََّه عليه وآله وسلم في الحديبية فإنه صلّى اللََّه عليه وآله وسلم نحر في مكانه ورجع، فكيف يقال بأن الآية لا تشمل الصد، فاختصاص الآية بالحصر بالمرض ونحوه لا وجه له، بل يحتمل أن يكون المراد من الآية الأعم من المنع بسبب العدو أو بسبب المرض كما يساعده المعنى اللغوي للحصر.
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: بالنسبة إلى الناسي عن الصوم غير العامد إلى الإفطار فتدل على عدم البطلان حينئذٍ عدّة من الروايات وفيها الصحاح والموثّقات: منها: صحيحة الحلبي: عن رجل نسي فأكل وشرب ثمّ ذكر (قال: لا يفطر، إنّما هو شيء رزقه اللََّه فليتمّ صومه) رواها المشايخ الثلاثة والسند في جميعها صحيح. و موثّقة عمّار: عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله (فقال: يغتسل ولا شيء عليه). و صحيحة زرارة: في المحرم يأتي أهله ناسياً (قال: لا شيء عليه، إنّما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناسٍ) فإنّ التنزيل يدلّ على مفروغيّة الحكم في المنزل عليه. و موثّقة سماعة: عن رجل صام في شهر رمضان فأكل وشرب ناسياً (قال: يتمّ صومه وليس عليه قضاؤه). و صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام (قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من صام فنسي فأكل وشرب فلا يفطر من أجل أنّه نسي، فإنّما هو رزق رزقه اللََّه تعالى فليتمّ صيامه) إلى غير ذلك من الروايات. و هذه الروايات وإن كان موردها الأكل والشرب والجماع، ولم ترد في غيرها من المفطرات مثل الارتماس ونحوه، إلّا أنّه لا بدّ من إلحاق الباقي بما ذكر، لأجل التعليل المذكور فيها، كما في صحيحتي ابن قيس والحلبي، فيظهر أنّ هذا حكمٌ لجميع المفطرات، على أنّ أساس الصوم متقوّم بالاجتناب عن الأكل والشرب والجماع، وكلّ ذلك مذكور في القرآن، قال تعالى "كُلُوا وَ اِشْرَبُوا " (البقرة 187)، وقال تعالى "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ اَلصِّيََامِ اَلرَّفَثُ" (البقرة 187)، فإذا كان الحكم ثابتاً في الأساس بمقتضى هذه النصوص المشتملة على كل ذلك ففي غيره بطريقٍ أولى، للقطع و أمّا مع السهو وعدم القصد فلا توجبه. من غير فرق بين أقسام الصوم من الواجب المعيّن والموسّع والمندوب. ولا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه والعالم.
ثم إن إطلاق الآية مع قطع النظر عن الروايات المفسرة لها يقتضي شمول الحكم للمصدود أيضاً، لأن الحصر لغة بمعنى المنع ولم يكن موضوعاً للحصر بالمرض خاصة بل معناه اللغوي مطلق المنع والحبس، ومنه قوله تعالى و يؤكد ما ذكرنا: أن الأحكام المذكورة في الآية الشريفة "وَ أَتِمُّوا اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ لِلََّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ وَ لاََ تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتََّى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيََامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" (البقرة 196) مسترسلة ومرتبطة بعضها ببعض، فان اللََّه تعالى بيّن أوّلاً وجوب إتمام الحج والعمرة وعدم جواز رفع اليد عنهما بعد الشروع فيهما، ثم قال تعالى "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ" أي إن تعذر عليكم إتمام الحج والعمرة فعليكم الهدي بما استيسر، ثم قال تعالى ولكن "لاََ تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتََّى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ" (البقرة 196)، ثم استثنى من ذلك "َمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً" (البقرة 196) محوجاً إلى الحلق أو به أذى من رأسه كالقمل ونحوه "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيََامٍ أَوْ" فقوله تعالى "فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً" أقوى شاهد على أن المراد بالحصر المذكور في صدر الآية ليس خصوص المرض، بل المراد به مطلق المنع عن الحج كما يساعد عليه اللغة واستعماله في مورد آخر من الكتاب العزيز في المنع، فكأنه تعالى قسّم الحصر إلى المريض وغيره، فالموضوع أعم من المريض وغيره ومطلق المنع هو المقسم، وإلّا لو كان الحصر في الآية بمعنى المرض فلا يلتئم مع قوله تعالى "فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً" الذي هو من تتمّة الحكم المذكور في صدر الآية.
جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: أمّا الحلّ فالأنسب الأولى أن يقال تتميماً لكلام شيخنا الأنصاري قدّس سرّه إنّ القائل بالاباحة في المعاطاة إن أراد بها الاباحة إلى الأبد ورأى عدم شمول شيء من الأدلّة المتقدّمة الدالّة على الملك للمعاطاة، فما أفاده قدّس سرّه في الحلّ في غاية الوجاهة والمتانة حينئذ ، لأنّ الاباحة حينئذ إباحة شرعية مستندة إلى أدلّتها لا مالكية مستندة إلى صحّة العقد، فالمعاطاة معاملة فاسدة ، وإنّما أباح الشارع للمتعاطيين التصرف، فهي إباحة شرعية . وأمّا إذا كان القائل بالاباحة ملتزماً بشمول أدلّة البيع للمعاطاة، نظير "أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ" (البقرة 275) أو عموم (الناس مسلّطون على أموالهم) وقال بأنّ الاباحة ثابتة إلى زمان طروء أحد الملزمات فيثبت الملك قبله آناً ما فحينئذ لا وجه لدعوى أنّ الشارع لم يمض ما قصده المتعاملان، بل قد أمضى ما قصداه غاية الأمر لا متصلا بزمان البيع بل على نحو الانفصال، وللشارع أن يتصرّف فيما يوقعه المكلّفون بهذه الكيفية من التصرفات، وعليه فالمعاطاة تفيد الملك على نحو الانفصال فلم يتخلّف المقصود عن العقد.
https://telegram.me/buratha