الدكتور فاضل حسن شريف
مفهوم الاسلام عند مفسرين مسلمين هو الاستسلام لله ورسله “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” (ال عمران 19). فكل انبياء الاديان السماوية مسلمون لله فهم يؤمنون بالله تعالى، فجد الانبياء ومنهم عيسى ومحمد عليهم السلام هو ابراهيم عليه السلام مستسلما لله تعالى ”قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” (البقرة 131)، وقبله شيخ الانبياء نوح عليه السلام “وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ” (يونس 72)، ويعقوب عليه السلام واولاده ” وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (البقرة 133)، ويوسف عليه السلام “تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ” (يوسف 101)، وموسى عليه السلام “قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” (الاعراف 143)، وسليمان عليه السلام “قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ” (النمل 38)، و عيسى عليه السلام والحواريون انصاره “قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ” (ال عمران 52). وكل هؤلاء الانبياء نوح وابراهيم ويعقوب ويوسف وموسى وسليمان وعيسى عليهم السلام وغيرهم.
كان من بين المهاجرين جعفر بن ابي طالب الذي خاطب النجاشي وابلغه بسماحة دين الاسلام الجديد مع الاديان الاخرى مستشهدا بآيات من سورة مريم منها "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16) و "ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" (مريم 34). جاء في الحديث النبوي الشريف (إن الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. أولاهم بي عيسى بن مريم ، ليس بيني وبينه رسول، وإنه لنازل فيكم فاعرفوه، رجل مربوع الخلق، إلى البياض والحمرة).
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ" (التوبة 2) هذه أشهر السياحة: عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرا من ربيع الآخر. السياحة هي السير في الأرض والجري ولذلك يقال للماء الدائم الجرية في ساحة: السائح. وأمرهم بالسياحة أربعة أشهر كناية عن جعلهم في مأمن في هذه البرهة من الزمان وتركهم بحيث لا يتعرض لهم بشر حتى يختاروا ما يرونه أنفع بحالهم من البقاء أو الفناء مع ما في قوله "وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ" (التوبة 2) من إعلامهم أن الأصلح بحالهم رفض الشرك، والإقبال إلى دين التوحيد، وموعظتهم أن لا يهلكوا أنفسهم بالاستكبار والتعرض للخزي الإلهي. وقد وجه في الآية الخطاب إليهم بالالتفات من الغيبة إلى الخطاب لما في توجيه الخطاب القاطع والإرادة الجازمة إلى الخصم من الدلالة على بسط الاستيلاء والظهور عليه واستذلاله واستحقار ما عنده من قوة وشدة. وقد اختلفت أقوال المفسرين في المراد بقوله "أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ" والذي يدل عليه السياق ويؤيده اعتبار إصدار الحكم وضرب الأجل ليكونوا في فسحة لاختيار ما وجدوه من الحياة أو الموت أنفع بحالهم: أن تبتدأ الأربعة الأشهر من يوم الحج الأكبر الذي يذكره الله تعالى في الآية التالية فإن يوم الحج الأكبر هو يوم الإبلاغ والإيذان والأنسب بضرب الأجل الذي فيه نوع من التوسعة للمحكوم عليهم وإتمام الحجة، أن تبتدأ من حين الاعلام والإيذان. وقد اتفقت كلمة أهل النقل أن الآيات نزلت سنة تسع من الهجرة فإذا فرض أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر العاشر من ذي الحجة كانت الأربعة الأشهر هي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وعشرة أيام من ربيع الآخر. وعند قوم أن الأربعة الأشهر تبتدأ من يوم العشرين من ذي القعدة وهو يوم الحج الأكبر عندهم فالأربعة الأشهر هي عشرة أيام من ذي القعدة وذو الحجة والمحرم وصفر وعشرون من ربيع الأول ، وسيأتي ما فيه.
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: الحديث عن عيسى عليه السلام: ومن الملاحظ أيضا - عندما ندرس ظاهرة القصة في ضوء الهدف التغييري أن القرآن الكريم تعرض لقصص بعض الأنبياء، أو لتفاصيل فيها على الأقل، من أجل أن يزيل ما علق في أذهان الجماعة التي نزل فيها القرآن من أفكار وتصورات منحرفة عن الأنبياء تنافي عصمتهم أو علاقتهم بالله أو طبيعة شخصيتهم، كما يتضح ذلك بشكل خاص في الحديث عن عيسى عليه السلام الذي تحدث القرآن الكريم عن شخصيته وظروفها أكثر مما تحدث عن أعماله ونشاطاته: "إن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين * فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين * إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم" (ال عمران 59-62). وكذلك ما جاء من الحديث في القرآن عن حياة مريم وولادة عيسى في سورة آل عمران أو سورة مريم، أو الاهتمام بمناقشة فكرة ألوهية عيسى التي جاءت في عدة موارد، منها ما جاء في سورة المائدة.
وردت روايات في إنجيل متى تنافي ما ورد في القرآن ان يوسف النجار هو رجل مريم التي ولد منها يسوع أي عيسى "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ" (التحريم 12) و "أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا" (مريم 20). ولم يذكر القرآن ان يوسف النجار هو الذي كفلها بل كفلها زكريا عليه السلام "وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا" (ال عمران 37). وكذلك وردت روايات في إنجيل متى تنافي ان المجوس جاؤوا الى فلسطين وهذا ينافي العداء بين الامبراطوريتين الفارسية والروماني. وهذا ما يفند رواية ذهاب العائلة الى مصر. يوجد تفسير اخر ان النخيل والرطب كان طبيعيا وليس في فلسطين وخاصة في بيت لحم حيث لا نخيل. وإن أول ما زرع النخيل هو هاشم جد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غزة. وان السيدة مريم عليها السلام تركت فلسطين الى مكان بعيد قصي "فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا" (مريم 22) شرقا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16). وكانت فزعة لانها ستذهب الى مكان بعيد جدا حتى طلبت الموت "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" (مريم 23). بالاضافة الى السري أي النهر "قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا" (مريم 24) والربوة "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" (المؤمنون 50). كل هذه الدلائل لم تحققها مدينة بيت لحم خلال ولادة السيد المسيح عليه السلام وان تواجد فيها بعد ذلك خلال حياته، كما ان إبراهيم عليه السلام ولد في العراق وذهب إلى فلسطين فيما بعد. لذلك فالروايات تقول ان الشرق هو العراق والربوة هي الكوفة او كربلاء او براثا ببغداد والتي كانت تسمى الزوراء. و المعين السري هو الفرات. وبراثا كلمة سريانية كما قال عنها عالم مسيحي عراقي أي ابن العجائب الذي يطلق على عيسى عليه السلام لان ولادته من الآيات او العجائب. وتوجد صخرة قوية جدا في موقع براثا يقال انها مكان ولادة المسيح عليه السلام وقربها بئر ماء عذب. واول رؤيا للناس له بعد رجوع مريم من العراق الى بيت لحم.
https://telegram.me/buratha