الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ" (المائدة 116) وكان جوابه عليه السلام "مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (المائدة 117) واردف قائلا "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (المائدة 118) هكذا كان السيد المسيح عليه السلام رحيما على قومه عندما طلب من الله سبحانه ان يغفر لهم لأنهم عباد الله. ومغفرة الله ليست عن ضعف وإنما عزة واقتدار وغلبة. وسيكون السيد المسيح عليه السلام شهيدا عليهم "وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً" (النساء 159). ودعوة اليهود والنصارى انهم ابناء الله فقد فندها القرآن الكريم "وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" (المائدة 18). وجاء في التكوين (41/ 38) ان عيسى فيه روح الله فقد وأنبياء آخرين ومنهم يوسف عليه السلام أنه في روح الله كما في العهد القديم.
ان العلاقة بين اللّه تعالى و عيسى عليه السّلام تحدث عنها القرآن أولها صفة العبودية "قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا" (مريم 30)، و العبودية المطلقة تشتمل "إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَ إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ" (المائدة 110) و مسلّما عليه من قبل اللّه تعالى "وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 23).
من التفاسير ان النخيل والرطب كان طبيعيا وليس في بيت لحم حيث لا نخيل وقيل ان هاشم جد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يجد نخيل في فلسطين فزرع نخلة في غزة. فلا يوجد نخيل في زمن عيسى عليه السلام. والمكان البعيد القصي عن الناصرة وموقعه شرق الناصرة مكان اقامة مريم عليها السلام قبل ولادة ابنها. وفي بيت لحك لا يوجد سري اي نهر لتشرب منه. وبيت لحم ليست ربوة. وانه ليس قرار معين اي آمن لان الملوك الرومانيين كانوا يقتلون الاطفال عند ولادتهم. لذلك السيدة مريم عليها السلام تركت فلسطين الى مكان بعيد قصي "فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا" (مريم 22) شرقا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" (مريم 16). خافت مريم عليها السلام على ابنها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام من قتله " وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" (البقرة 87). وكانت فزعة لانها ستذهب الى مكان بعيد جدا حتى طلبت الموت "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" (مريم 23). بالاضافة الى السري أي النهر "قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا" (مريم 24) والربوة "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" (المؤمنون 50). هذه الايات القرآنية لم تحققها مدينة بيت لحم خلال ولادة السيد المسيح عليه السلام وان تواجد فيها بعد ذلك خلال حياته.
ومن الروايات ان عيسى عليه السلام كان في بيت ومعه عدد من الحواريين قيل 12 حواريا حين رفعه الله تعالى. وافترق الناس بعد رفعه الى ثلاث فرق اولها ان عيسى هو الله الذي صعد الى السماء وتسمى اليعقوبية، واخرى قالت انه ابن الله وهم النسطورية، وفرقة ثالثة قلت إنه عبد الله ورسوله ثم رفعه الله وهؤلاء المسلمون "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا" (مريم 30). رقم 12 له دلالة عند أتباع أهل البيت بأن الأئمة عليهم السلام هم حواريوا الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فعن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حواري عيسى، فقال كانوا من صفوته وخيرته, وكانوا اثني عشر مجردين مكنسين في نصرة الله ورسوله لارهو فيهم ولا ضعف ولا شك كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاد وجد وعناء، قلت فمن حواريك يا رسول الله ؟ فقال: الأئمة بعدي اثنا عشر من صلب علي وفاطمة، هم حواريي وأنصار ديني، عليهم من الله التحية والسلام.
خافت مريم عليها السلام على ابنها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام من قتله " وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" (البقرة 87) فهاجرت به إلى مصر وتَرَّبى فيها كما في رواية لأن الأعداء بعثوا جنودا لقتل الوليد "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (البقرة 91).
ومن كرامات مريم عند ولادة عيسى عليهما السلام ان الله سبحانه فجر لها نهرا عند مفسرين "قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا" (مريم 24) السري هو النهر الصغير، وفي تفسير اخر ان السري هو مكانة عيسى عليه السلام العالية. وانبت الله لها شجرة النخيل "وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا" (مريم 25) الرطب الجني هو الرطب الناضج. وهذه ايات ربانية ان جعل الاشياء متوفرة لها في مكان او ربوة ذات قرار أي آمن "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" (المؤمنون 50). ان بيت لحم لا تبعد عن مدينة القدس سوى 10 كم وهي ليست بمكان قصي بعيد. ولكن المؤيدين للولادة في بيت لحم ان 10 كم كانت في ذلك الزمان بعيدة بالإضافة إلى تأكيدهم بصحة الحديث النبوي حول ذكر ولادة السيد المسيح في بيت لحم خلال رحلة الإسراء. ومن الروايات ان السيدة مريم عليها السلام ولدت في المكان الذي قتل فيه الحسين عليه السلام في كربلاء حيث عثرت على صخرة يعرف بمقام جذع النخلة في تنقيبات القرن الثامن عشر يعتقد أنها مكان ولادة مريم عليها السلام ورجعت ليلتها الى فلسطين وهي من المعاجز المشابهة لانبياء وصالحين. وهنالك اسم بيت لحم قديم قرب النجف الاشرف وكانت أسماء مشابهة في العراق وفلسطين مثل القدس في فلسطين وقادس في العراق قادس ومنها جاءت القادسية.
https://telegram.me/buratha