الدكتور فاضل حسن شريف
النبي عيسى عليه السلام مقفى وخاتم أنبياء بني إسرائيل "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ (البقرة 87)، و"وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ" (المائدة 46)، "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ" (الحديد 26- 27). ومقفى جاء من اقتفاء الاثر اي اقتفاء اثار الانبياء السابقين كنوح و إبراهيم ثم موسى وهارون ثم عيسى عليهم السلام الذي أوتي الانجيل ولم يبعث رسولا بعده إلا خاتم الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم للعالمين حسب مفسرين. والنبي عيسى عليه السلام جاء بعد أنبياء منهم ما ذكرته الآية المباركة "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة 136). وعيسى عليه السلام من رسل أولي العزم الذي أخذ الله ميثاقهم "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا" (الأحزاب 7). ولا غرابة ان يختار الله انبياء واولياء يتكلمون وهم اطفال وصبيان "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا" (المائدة 110).
النصارى هم اتباع الديانة المسيحية او أمة عيسى عليه السلام. والنصرانية هي الديانة التي جاء بها عيسى عليه السلام. والنصرانية جاءت تسميتها نسبة الى قرية الناصرية بفلسطين من أرض الجليل التي بعث فيها المسيح عليه السلام وانطلقت منها الديانة المسيحية. وقيل سموا النصارى لأنهم نصروا السيد المسيح عليه السلام وهم في الأصل 12 رجل يقال لهم الحواريون "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 62).
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم قدس سره: العلاقة بالناس: لقد ذكر القرآن الكريم نوعا آخر من الصفات لعيسى عليه السّلام توضح فيه طبيعة العلاقة بينه و بين الناس بصورة عامة، أو مع والدته و قومه من بني إسرائيل بصورة خاصة منها أ- رحمة من اللّه تعالى للناس، فعلاقته مع الناس علاقة رأفة و خير و هدى و صلاح و محبة و إحسان. كما أنّ القرآن الكريم يصوّر هذا الموقوف من الرأفة و الرحمة في عيسى عليه السّلام عند ما يتحدّث عن عيسى عليه السّلام و موقف قومه منه في يوم القيامة: "وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ" (المائدة 116)، ثم يعقب القرآن الكريم بعد ذلك فيذكر موقف الرأفة و الرحمة في عيسى في قوله: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (المائدة 118). ب- الشاهد عند اللّه على أعمال الناس و الرقيب على سلوكهم في أقوالهم و أفعالهم. "ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (المائدة 117).
جاء في زيارة النصف من رجب (اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا آلَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا صَفْوَةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا خِيَرَةَ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا سادَةَ السّاداتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا لُيُوثَ الْغاباتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا سُفُنَ النَّجاةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ الْحُسَيْنِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ الاَنْبِياءِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اِسْماعيلَ ذَبيحِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ). الامام الحسين وارث موسى كليم الله وعيسى روح الله عليهما السلام بالاضافة الى الانبياء السابقين. قال الله جل جلاله "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة 136) و "مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ" (الاحزاب 7).
توجد مشتركات بين البروتستانت والمسلمين أكثر من بقية الطوائف المسيحية الاخرى مثل تحطيم الأيقونات وحرية التفسير وان الكتاب المقدس المصدر الوحيد للتشريع. والإسلام يعترف بالإنجيل ككتاب مقدس للديانة المسيحية "وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ " (ال عمران 48)، و "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ" (المائدة 47)، و "وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ " (الحديد 27)، و "وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ" (الفتح 29). والاجتهاد والتفسير والتدبر مسموح في الإسلام "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النحل 43)، و "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (ص 29)، و "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" (محمد 24).
في حياة عيسى عليه السلام كان قومه يقولون اته الله تعالى عن ذلك وبعد موتها اضافوا ان مريم العذراء هي ام الله مع ان الكتاب المقدس او الانجيل يؤكد على بشرية السيد المسيح. فقد جاء في انجيل متى الاصحاح 1:2 (ولما ولد يسوع في بيت لحم). وجاء في إنجيل لوقا 11/27 (طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما). وفي انجيل لوقا 21/ 2 (ولما تمَّت ثمانية أيام ختنوا الصبي). وهذه الاناجيل تؤكد انه بشر مثل بقية الذين يولدون في بطون أمهاتهم ثم يخرجو الى الدنيا وترضعهم امهاتهم. وكذلك ينمو جسديا كبقية البشر: جاء في انجيل لوقا الاصحاح 39:2 و 52 (وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة عند الله والناس) وهذا دليل ان يسوع انسان ينمو ويكبر. وأنه قال انا إنسان (لأني أنا أيضا إنسان تحت سلطان) (إنجيل متى 9:8). وقد شهد له يوحنا بإنه رجل مثل بقية الرجال فقال (يسوع الناصري رجل قد جاء لكم من قبل الله) (سفر أعمال الرسل 22:2). وان السيد المسيح لا يقدر ان يعمل اي شئ بدون ارادة الله (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً) (إنجيل يوحنا 5:30). وبين سبب عدم مقدرته بدون ارادة الله (لأنني خرجت من قِبل الله وأتيت، لأنني لم آت من نفسي بل الله أرسلني) (انجيل يوحنا 8:42) وهو يضطرب كأي انسان (الآن نفسي قد اضطربت).
https://telegram.me/buratha