الدكتور فاضل حسن شريف
القرآن الكريم سمى أصحاب الديانة المسيحية بالنصارى وليس المسيحيين حيث ارفق النصارى باليهود "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ" (البقرة 113). وكلمة المسيحيين جاءت مجازا نسبة للسيد المسيح بن مريم عليه السلام الذي ورد اسم المسيح بدل عيسى في عدد من الآيات القرآنية "لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ" (النساء 172)، و "مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ" (المائدة 75)، و تكرر اسم "الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" (المائدة 17) (المائدة 72)، واسم "الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" (النساء 157) (النساء 171). ذكر الله عيسى عليه السلام 25 مرة في القرآن الكريم وقسم منها مسبوق بكلمة المسيح. يولد من ال عمران عيسى عليه السلام "إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" (ال عمران 45) الذي أظهر المعاجز "وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (ال عمران 49). ولكن لقي من قومه العناد والكفر برسالته، ولم ينصره إلا القلة القليلة من الأنصار "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52) و ومنها جاءت تسمية النصارى لاتباع الأنصار حسب رأي بعض المفسرين "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ" (البقرة 62) و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله" (الصف 14) ومنهم نصارى نجران في الحجاز.
روى الشيخ الطوسي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال في قوله تعالى: " فحملته فانتبذت به مكانا قصيا " قال: خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السلام. وروى الشيخ الكليني بسنده الى الامام موسى بن جعفر عليهما السلام قال: والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى هو الفرات. وفي الكافي روى الكليني بسنده إلى أبي إبراهيم الامام الكاظم صلوات الله عليه وهو يسأل نصرانياً قال: فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى هل تعرفه؟قال: لا، قال: هو الفرات. وروى السيد الراوندي في قصص الأنبياء عن عن يحيى بن عبد الله قال: كنا بالحيرة فركبت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما صرنا حيال قرية فوق الماصر قال: هي هي، حين قرب من الشط و صار على شفير الفرات، ثم نزل فصلى ركعتين، ثم قال: أتدري أين ولد عيسى عليه السلام؟ قلت: لا، قال: في هذا الموضع الذي أنا فيه جالس، ثم قال: أتدري أين كانت النخلة؟ قلت: لا، فمد يده خلفه فقال: في هذا المكان، ثم قال: أتدري ما القرار وما الماء المعين؟قلت: لا، قال: هذا هو الفرات.
في قصة نزول مائدة من السماء في القرآن الكريم كان الحواريون جزءا منها "إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" (المائدة 112-114). عدد الحواريين 12 منهم الوقا ومرقا لونين ويوحنا ومنا وشمعون ويحيى وقولس او يونس. وقيل ان شمعون ويحيى هم رسل عيسى عليه السلام إلى اهل الطائف "إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث" والثالث هو قولس او يونس. وشمعون هو رأس الحواريين. وهم يؤمنون بالله الاحد و بأنبيائه و رسوله و يصدقون بما أنزل الله عليهم من الحق ويسمون أيضا بالصديقين. ومن التلاميذ برنابا الذي له إنجيل برنابا الذي فيه أوصاف النبي الأمي الذي بشر به السيد المسيح عليه السلام "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الاعراف 157). أمر عيسى عليه السلام تلامذته بتبليغ تلامذته رسالته الى بني اسرائيل وهو القائل (اذهبوا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة) وكما جاء في القرآن الكريم "ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم" (ال عمران 49). قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: إن حواري عيسى عليه السلام كانوا شيعته. وكذلك يقول عليه السلام: وإن شيعتنا حواريونا. فكما فضَّل الله تعالى محمداً وآله على جميع الأنبياء، فضَّلَ شيعتهم على شيعة جميع الأنبياء.
تفنيد ان السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام إلا بشرا نزل عليه الروح الامين ليكون رسولا نسرد آيات تؤكد ان الله واحد لم يلد ولم يولد فهو لا أب ولا ابن "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" (الاخلاص 1-4). اولا معظم الاناجيل تقول ان السيد المسيح او يسوع المسيح ليس هو الله انما انسان بشر. كتب يوحنا إنجيله بعد 70 عاما من صعود السيد المسيح الى السماء. وحول قيامة يسوع المسيح من الموت اعترف التلميذ بطرس في رسالته الاولى 21/1 انه لم يقم لوحده انما الله هو الذي اقامه (أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ). وفي سفر أعمال الرسل 10/4 (فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب اسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي اقامه الله من الاموات.بذاك وقف هذا امامكم صحيحا ). و في نفس السفر 32/2 (فيسوع هذا اقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك). وفي رسالة 11 لبولس الرسول (بولس رسول لا من الناس ولا بانسان بل بيسوع المسيح والله الآب الذي اقامه من الاموات).
يؤمن الكاثوليك إن روح القدس منبثق من الآب والابن. في حين ان آيات القرآن تؤكد ان الله واحد لم يلد ولم يولد فهو لا أب ولا ابن "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" (الاخلاص 1-4). و يعتقد الكاثوليك ان الإنسان بعد موته يقضي فترة من العذاب ثم بعد ذلك ينتقل الى النعيم، ومن حق البابوات والاساقفة ان يعطوا غفرانا لمدة معينة نتيجة لعمل معين ولو في الوقت الحالي فان قسم من الكاثوليك ينكرون هذه البدعة. الاختلاف بين الكاثوليك والبروتستانت حول البابا حيث الكاثوليك يعترفون ببابا روما بينما البروتستانت لا يعترفون به. وبعض البرتستانت لا يعترفون بالتثليث ويعتبرون عيسى عبد الله ورسوله بينما اخرين لازالوا على التثليث. جاء في القرآن عن عيسى عليه السلام "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " (مريم 30). تُعد الفاتيكان الدولة الأصغر من حيث المساحة وعدد السكان في العالم وتقع في العاصمة الإيطالية روما، يرأسها البابا، و تضم أرشيفاً ومعارضاً تضم أهم النتاج الأدبي والفني في التاريخ البشري، كما أنّ المدينة مدرجة بقائمة اليونسكو للتراث العالمي، وقد بنيت الكنيسة في الأساس في هذا الموقع لأنّه يضم قبر بطرس الرسول الذي قال له يسوع المسيح (أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا).
https://telegram.me/buratha