الدكتور فاضل حسن شريف
الحوراء زينب عليها السلام مثال صبر الأم المفجوعة باخوانها وأولادها وأهلها الذين قتلوا في يوم واحد. مع ما مر بها من ألام فقد شهدت وفاة جدها المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وهي طفلة. ثم وفاة امها بعد أشهر قليلة من وفاة جدها عليهما السلام. وشهدت شهادة ابيها واخوانها وابنائها عليهم السلام. ولكن شعارها كما قال الله سبحانه وتعالى "قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَىٰنَا" (التوبة 51). وكانت السيدة زينب عليها السلام تستعين بالصلاة عند الشدائد ولا تترك صلاة الليل وتهجده. والله عز وجل يقول في محكم كتابه العزيز "وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ" (البقرة 45).
وهي مثال المؤمنة الصابرة وقت السبي ومجابهتها لطغاة زمانها وفضحهم لما اقترفوه من اثام يندى لها جبين الانسانية. ولكن ماذا نقول لأعداء امام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام الذي لم يسبي النساء. يقول الامام علي عليه السلام (الصبر يهوّن الفجيعة). ويقول الإمام الصادق عليه السلام (إن الله ينزل الصبر على قدر المصيبة).
والصابر تنزل عليه رحمة الله كما قال الله جل جلاله "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (البقرة 156-157) كما ظهر في صمود زينب عليها السلام عند الشدائد وهي القائلة (ما رأيت الا جميلا)، وكما قال يعقوب عليه السلام "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" (يوسف 18). قال الامام الحسين عليه السلام (صبراً بني الكرام، فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم).
ومن اسفارها عليها السّلام مع والدها أمير المؤمنين عليه السّلام، حيث هاجر عليه السّلام من المدينة إلى الكوفة وجعلها مقرّاً لخلافته واقامت مع ابيها في الكوفة. ورجعت مع أخيها الإمام الحسن عليه السّلام إلى المدينة بعد استشهاد ابيها عليه السلام. و سفرها مع أخيها الإمام الحسين عليه السّلام الى الكوفة ورجوعها بعد الانتهاء من معركة الطف وذهابها الى دمشق ثم المدينة.
فالحوراء زينب عليها السلام فقدت اخوتها وابنائها وبقية الاهل في يوم واحد، وبعدها اصبحت حاملة لواء الاسرى، فساعد الله قلبها الذي حتى الجبال تهتز لهذه المصيبة، فالرؤوس مقطعة واطفال يتامى وامهات ونساء مرملات. وقد تلت عليها السلام كلام الله تعالى "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" (ال عمران 178) امام مسامع الطاغية يزيد. ولكن لا تتوقع من طاغية سماع انين الثكالى حتى يأتي اليوم الذي يسحقه رب العباد في أرذل حالة يكون عليها في الدنيا قبل الاخرة.
https://telegram.me/buratha