الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في معاني القرآن الكريم: القسر: الغلبة والقهر. يقال: قسرته واقتسرته، ومنه: القسورة، قال تعالى: "فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" (المدثر 51) قيل: هو الأسد، وقيل: الرامي، وقيل: الصائد. قال الله تبارك وتعالى "فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" (المدثر 51) قَسْوَرَةٍ: الأسد أو شدة أصوات الناس، فرت من قسورة: أسد أي هربت منه أشد الهرب، القسورة: الأسد بلغة قريش، و قيل: رماة، و قيل: هو النجاشي و أصحابه، و القَسر: القهر، و قيل: كل شديد أو ركز الناس و أصواتهم، و قيل: هم الصيادون، فما لهؤلاء المشركين عن القرآن وما فيه من المواعظ منصرفين؟ كأنهم حمر وحشية شديدة النِّفار، فرَّت من أسد كاسر.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" (المدثر 50-51) "حُمُرٌ": جمع حمار و المراد هنا الحمار الوحشي، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد و الصياد، و بعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي و الأهلي. "قَسْوَرَةٍ": من مادة قسر أي القهر و الغلبة، و هي أحد أسماء الأسد، و قيل هو السهم، و قيل الصيد، و لكن المعنى الأوّل أنسب. و المشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها. و هذا الحيوان وحشي و يخاف من كل شيء، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟ على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين و فرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل و الشعور، و كذلك لتوحشّهم من كل شيء، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.
جاء في المعاجم: القَسْرُ: القَهْرُ على الكُرْه. قَسَرَه يَقْسِرُه قَسْرا واقْتَسَرَه: غَلَبه وقَهَره، وقَسَرَه على الأَمر قَسْراً: أَكرهه عليه واقْتَسَرْته أَعَمُّ. والقَسْوَرَةُ العزيز يَقْتَسِر غيرَه أَي يَقْهَرُه، والجمع قَساوِرُ. والقَسْوَرُ الرامي، وقيل: الصائد. القَسْوَرة الرُّماة والقَسْوَرَة الأَسد والقَسْوَرة الشجاع والقَسْوَرة أَول الليل والقَسْوَرة ضرب من الشجر الفراء. و في وقوله تعالى "فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" (المدثر 51)، قال: الرُّماة، وقال الكلبي بإِسناده: هو الأَسد وروي عن عكرمة أَنه قيل له: القَسْوَرة، بلسان الحبشة، الأَسد، فقال القَسْوَرة الرُّماة، والأَسَدُ بلسان الحبشة عَنْبَسَةُ، قال: وقال اب عُيَيْنَة: كان ابن عباس يقول القَسْوَرة نُكْرُ الناس، يريد حِسَّهُ وأَصواتهم.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:إِنِّي أَعْطَيْتُ الدُّنْيَا بَيْنَ عِبَادِي قَرْضاً،فَمَنْ أَقْرَضَنِي مِنْهَا قَرْضاً، أَعْطَيْتُهُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَشْراً إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ،وَ مَا شِئْتُ، فَمَنْ لَمْ يُقْرِضْنِي مِنْهَا قَرْضاً فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ قَسْراً فَصَبَرَ) فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ قَسْراً: اي فأخذتها منه قهرا او بالقوة. و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: (قَالَ اللَّهُ:عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ،إِنْ خَوَّلْتُهُ وَ أَعْطَيْتُهُ وَ رَزَقْتُهُ وَ اسْتَقْرَضْتُهُ، فَإِنْ أَقْرَضَنِي عَفْواً أَعْطَيْتُهُ مَكَانَ الْوَاحِدِ مِائَةَ أَلْفٍ فَمَا زَادَ،وَ إِنْ لاَ يَفْعَلْ أَخَذْتُهُ قَسْراً بِالْمَصَائِبِ فِي مَالِهِ).
وفي حديث لأمير المؤمنين عليه السلام: مَرْبُوبونَ اقْتِساراً الاقْتِسارُ افْتِعال من القَسْر، وهو القهر والغلبة. قال الفرزدق: لى هادِرَاتٍ صِعَابِ الرّؤو * سِ قساوِرَ للقَسورِ الأصْيَدِ، و قال الشاعر: يا ظبية ً إنْ مرّضتْ نظراً * فلكلّ قَسْوَرَة ٍ به قسر.
https://telegram.me/buratha