الصفحة الإسلامية

مفهوم السياحة في القرآن الكريم (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

هنالك آيات قرآنية تشير الى السياحة في السير في الارض، وتنقيب الارض، الأفاق، آيات الأرض، الهجرة، السائح قال الله تبارك وتعالى "فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ" ﴿التوبة 2﴾ فَسِيحُوا: الفاء حرف استئناف، سيح فعل، وا ضمير، فَسيحوا: سيروا، فسيروا أيها المشركون في الأرض مدَّة أربعة أشهر، تذهبون حيث شئتم آمنين من المؤمنين، واعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من العقوبة، وأن الله مذل الكافرين ومورثهم العار في الدنيا، والنار في الآخرة، و "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (التوبة 112) السَّائِحونَ: الصائمون و المجتهدون و طلبة العلم، السائحون: المجاهدون أو الصائمون أو طلبة العلم، و أصل السائح: الذاهب في الأرض و السائح بالأرض ممتنع عن الشهوات، و "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا" (التحريم 5) سائحات: مهاجرات. أو صائمات بلغة هُذيل، و السياحة في هذة الأمة الصوم، سائحات: صائمات أو مهاجرات، عسى ربُّه إن طلقكنَّ أيتها الزوجات أن يزوِّجه بدلا منكن زوجات خاضعات لله بالطاعة، مؤمنات بالله ورسوله، مطيعات لله، راجعات إلى ما يحبه الله مِن طاعته، كثيرات العبادة له، صائمات، منهنَّ الثيِّبات، ومنهن الأبكار، و "وكم أهلكنا قبلكم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد هل من محيص" (ق 36)، "وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ" (الذاريات 20) وفي الأرض عبر ودلائل واضحة على قدرة خلقها لأهل اليقين بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والمصدِّقين لرسوله صلى الله عليه وسلم، و "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" (النساء 97) ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها: من أرض الكفر إلى بلد آخر كما فعل غيركم، إن الذين توفَّاهم الملائكة وقد ظلموا أنفسهم بقعودهم في دار الكفر وترك الهجرة، تقول لهم الملائكة توبيخًا لهم: في أي شيء كنتم من أمر دينكم؟ فيقولون: كنا ضعفاء في أرضنا، عاجزين عن دفع الظلم والقهر عنا، فيقولون لهم توبيخا: ألم تكن أرض الله واسعة فتخرجوا من أرضكم إلى أرض أخرى بحيث تأمنون على دينكم؟ فأولئك مثواهم النار، وقبح هذا المرجع والمآب، و "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ" (فصّلت 53) الآفَاقِ: أقطار السموات والأرض، سنريهم آياتنا في الآفاق: أقطار السماوات والأرض من النيرات والنبات والأشجار، سَنُري هؤلاء المكذبين آياتنا من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان، وفي أقطار السماوات والأرض، وما يحدثه الله فيهما من الحوادث العظيمة، وفي أنفسهم وما اشتملت عليه من بديع آيات الله وعجائب صنعه، و "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ" (العنكبوت 20) قل أيها الرسول لمنكري البعث بعد الممات: سيروا في الأرض، فانظروا كيف أنشأ الله الخلق، ولم يتعذر عليه إنشاؤه مبتدَأً؟.

جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ" (التوبة 112) إلى آخر الآية. أولا: وجه الترتيب بين الأوصاف التي عدها لهم فقد بدأ بأوصافهم منفردين وهي التوبة والعبادة والسياحة والركوع والسجود ثم ذكر ما لهم من الوصف الخاص بهم المنبعث عن إيمانهم مجتمعين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وختم بما لهم من جميل الوصف في حالتي انفرادهم واجتماعهم وهو حفظهم لحدود الله ، وفي التعبير بالحفظ مضافا إلى الدلالة على عدم التعدي دلالة على الرقوب والاهتمام. وثانيا: أن المراد بالسياحة ومعناه السير في الأرض على ما هو الأنسب بسياق الترتيب هو السير إلى مساكن ذكر الله وعبادته كالمساجد، وأما القول بأن المراد بالسياحة الصيام أو السياحة في الأرض للاعتبار بعجائب قدرة الله وما جرى على الأمم الماضية مما تحكيه ديارهم وآثارهم أو المسافرة لطلب العلم أو المسافرة لطلب الحديث خاصة فهي وجوه غير سديدة. أما الأول: فلا دليل عليه من جهة اللفظ البتة، وأما الوجوه الأخر فإنها وإن كانت ربما استفيد الندب من مثل قوله تعالى: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" (المؤمنون 72)، وقوله: "فَلَولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ" (التوبة 122) من السورة إلا أن إرادتها من قوله: "السَّائِحُونَ" تبطل جودة الترتيب بين الصفات المنضودة. وثالثا: أن هذه الصفات الشريفة هي التي يتم بها إيمان المؤمن المستوجب للوعد القطعي بالجنة المستتبع للبشارة الإلهية والنبوية وهي الملازمة للقيام بحق الله المستلزمة لقيام الله سبحانه بما جعله من الحق على نفسه. قوله تعالى: "بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" (ال عمران 45) المراد بالكلمة فقد قيل: إن المراد به المسيح عليه ‌السلام. أن سياق قوله: اسمه المسيح لا يناسبه فإن الكلمة على هذا ظهور عيسى المخبر به قبلاً لا نفس عيسى، وظاهر قوله: اسمه المسيح، أن المسيح اسم الكلمة لا اسم من تقدمت في حقه الكلمة. وفيه أن سياق الذيل أعني قوله: اسمه المسيح، لا يلائمه وهو ظاهر. والمسيح هو الممسوح سمي به عيسى عليه‌السلام لأنه كان مسيحاً باليمن والبركه أو لأنه مسح بالتطهير من الذنوب، أو مسح بدهن زيت بورك فيه وكانت الأنبياء يمسحون به أو لأن جبرائيل مسحه بجناحه حين ولادته ليكون عوذة من الشيطان، أو لأنه كان يمسح رؤوس اليتامى، أو لأنه كان يمسح عين الأعمى بيده فيبصر، أو لأنه كان لا يمسح ذا عاهه بيده إلا برء، فهذه وجوه ذكروها في تسميته بالمسيح. وهذا اللفظ بعينه معرب مشيحا الواقع في كتب العهدين. والذي يستفاد منها أن بني إسرائيل كان من دأبهم أن الملك منهم إذا قام بأمر الملك مسحته الكهنة بالدهن المقدّس ليبارك له في ملكه فكان يسمى مشيحاً فمعناه: إما الملك وإما المبارك. قوله تعالى "قوله: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ" وقوله "إِنَّمَا الْمَسِيحُ" (النساء 171) أي المبارك. قوله تعالى: "فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ" (التوبة 2) السياحة هي السير في الأرض والجري ولذلك يقال للماء الدائم الجرية في ساحة: السائح. وأمرهم بالسياحة أربعة أشهر كناية عن جعلهم في مأمن في هذه البرهة من الزمان وتركهم بحيث لا يتعرض لهم بشر حتى يختاروا ما يرونه أنفع بحالهم من البقاء أو الفناء.

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فِي قَوْلِهِ: "يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وٰاسِعَةٌ" (العنكبوت 56) يَقُولُ: (لاَ تُطِيعُوا أَهْلَ الْفِسْقِ مِنَ الْمُلُوكِ، فَإِنْ خِفْتُمُوهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ، وَ هُوَ يَقُولُ: "فِيمَ كُنْتُمْ قٰالُوا كُنّٰا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ" (النساء 97).فَقَالَ: "أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِيهٰا" (النساء 97)، ثُمَّ قَالَ: "كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ الْمَوْتِ" (ال عمران 185)، أَيْ فَاصْبِرُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ: (وَ كَانَ النَّاسُ يَتَجَنَّبُونَ الْمَمَرَّ بِمَكَّةَ لِمَكَانِ الْمَاءِ، فَفَحَصَ الصَّبِيُّ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ زَمْزَمُ، وَ رَجَعَتْ مِنَ الْمَرْوَةِ إِلَى الصَّبِيِّ وَ قَدْ نَبَعَ الْمَاءُ، فَأَقْبَلَتْ تَجْمَعُ التُّرَابَ حَوْلَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَسِيحَ الْمَاءُ، وَ لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَ سَيْحاً).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك