الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه وتعالى "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (آل عمران 107) عن صفات المؤمنين في امة الخير والمعروف قال الامام الرضا عليه السلام (العلم خليل المؤمن والحلم وزيره، والعقل أميرجنوده، والرفق أخوه، والبر والده).
قال الله جل جلاله "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" روى الشيخُ الصدوق رحمه الله، بسندٍ صحيح، عن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: (واللهِ ما مِنَّا إلا مقتولٌ شهيدٌ) (آل عمران 144).
قال الإمام الرضا عليه السلام لأصحابه: (قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم). ورد سؤال عن ما هو وجه الشبه بين الإمام الجواد عليه السلام وبين هذين النبيّين صلى الله عليه وآله؟ بينت الروايات: الظاهر أنّ الإمام الرضا عليه السلام يقصد بكلامه هذا على فرض صحّة الرواية سنداً بأنّ ولده الإمام الجواد عليه السلام قد شاءت المصلحة الإلهية أن لا يولد في أيّام شباب الوالد عليه السلام، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضا عليه السلام خمسة وأربعين سنة تقريباً، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين "حَتَّىَ يَمِيزَ الْخبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ" (ال عمران 179)، بحيث إنّ البعض قد بدأ يُشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضا عليه السلام لعدم وجود عقب له، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادته عليه السلام بموسى عليه السلام، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار. وأمّا وجه الشبه بينه وبين عيسى صلى الله عليه وآله فهو أنّ عيسى عليه السلام آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع، وتكلّم في المهد وهو صبيّ، كذلك الإمام الجواد عليه السلام آتاه الله الإمامة وهو طفل، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء، وهو في مرحلة الطفولة.
جاء في شبكة النبأ المعلوماتية عن عبادة الإمام الرضا عليه السلام وزهده للشيخ عبد الله اليوسف: الارتباط بالله تعالى في كل وقت وحين من صفات أولياء الله وأوصيائه، يقول تعالى: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (آل عمران 191). ومن صفات المؤمن الصادق التفاعل الوجداني والعاطفي مع ذكر الله عز وجل. والعبادة عند الأنبياء والأئمة تمثل قمة التفاعل الوجداني والعاطفي مع الله تعالى، فهم يستمدون العون والقوة والإمداد من الله تعالى، وعبادتهم عبارة عن انقطاع تام إلى الله عز وجل، وارتقاء نحو عالم اللا مادة، حيث الخشوع والتذلل والخضوع والانقطاع التام إلى الباري عز وجل. وعبادة الإمام الرضا عليه السلام هي كذلك، وليست كعبادتنا حيث يشوبها الكثير من النواقص وعدم حضور القلب، وعدم الوصول إلى الانقطاع التام، وعندما نذكر عبادة الإمام وتقواه وورعه وانقطاعه إلى المولى عز وجل فإنما من أجل الاقتداء به بقدر استطاعتنا بذلك، ومن أجل تقديم قدوة حسنة لكل الأجيال الحاضرة والقادمة. وقد أجمع مؤرخوا سيرته المباركة على أنه عليه السلام: (قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أولها إلى الصبح، وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول ذلك صوم الدهر). ويتحدث رجاء بن أبي الضحاك عن عبادة الإمام وهو شاهد عيان على ذلك، إذ يقول: (فوالله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه، ولا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته منه، ولا أشد خوفاً لله عز وجل).
https://telegram.me/buratha