الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الواقع الجاهلي: وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عاش في وسط جاهلي غريب عن جميع المعارف الإلهية، والتعاليم الدينية. بل هو منافر لها في وثنيته وقبليته وغطرسته وسلوكه. ولم يعرف عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد اختلف إلى من عنده علم بذلك، لأن مراكز الثقافة الدينية كانت في المدينة المنورة عند اليهود، وفي نجران والشام عند النصارى. ومن المعلوم أنه لم يأخذ من اليهود، لعدم رؤيته المدينة قبل الهجرة، ولما هو المعروف من تعصب اليهود لأنفسهم ومحاولتهم حكر النبوة الخاتمة ومعارفهم الدينية على أنفسهم، وما هم عليه من نظرة الازدراء لولد إسماعيل عليه السلام عامة، وبغضهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة. كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يذهب لنجران قطع. وإنما ذهب للشام في سفرتين محدودتين لا تسمحان له بتعلم شيء من العلوم الإلهية والدينية. الأولى في صباه بصحبة عمه أبي طالب حينما سافر للتجارة، وكان أبو طالب ملازماً له، ظنيناً به، يخشى عليه من كيد الأعداء، لما كان يتوقعه له من مستقبل عظيم. بل روى أن أبا طالب لم يقض وطره من سفرته، وأنه رجع به مسرعاً خوفاً عليه. والثانية في شبابه في تجارة له بمال خديجة رضي الله عنه لا تسمح له بالتفرغ لطلب العلم، ولم يذكر عنه أنه اتصل هناك ببعض علماء أهل الكتاب وتردد عليهم. كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يحاول التعلم بتحصيل مقدماته وأسبابه، من جمع الكتب وكتابتها ودراسته. وهذا أمر معلوم من واقعه لا يحتاج إلى إثبات واستدلال. وكل ما ذكر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يختلي في غار حراء للتأله وعبادة الله تعالى والتفكر في أمره عزّ وجلّ وعظيم شأنه، والتأمل في خلقه والتدبر فيه. ومع كل ذلك جاء بالقرآن العظيم الجامع لفنون العلم والمعارف الإلهية في التوحيد الخالص، المبني على تنزيه الله تعالى عن الشريك والنظير والولد والشبيه "لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (الشورى 11).
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: ورد في الكتاب عن الخوارزمي في موضوع السبايا: قال الخوارزمي: (ثم أُتي بهم حتى أقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، وإذا شيخ أقبل حتى دنا منهم قال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح العباد من رجالكم، وأمكن أمير المؤمنين منكم. فقال له علي بن الحسين: يا شيخ هل قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: هل قرأت هذه الآية "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى 23) قال الشيخ: قرأته. قال: فنحن القربى يا شيخ.).
جاء في كتاب فاجعة الطف للمرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: موقف عبد الله بن عمر من الإمامة والجماعة: وقد عرف عن عبد الله بن عمر أنه لا يبايع إلا بعد اجتماع الناس على خليفة واحد، من دون نظر إلى كيفية حصول الاجتماع، وأنه هل حصل بطريق مشروع أو بطريق عدواني غير مشروع. وعنه أنه قال: (لا أقاتل في الفتنة. وأصلي وراء من غلب) . وقال ابن حجر: (وكان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة، والأخرى مبطلة) . وقال زيد بن أسلم: (كان في زمان الفتنة لا يأتي أمير إلا صلّى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله). وروى عبد الرزاق عن عبد الله بن محرز قال: (أخبرني ميمون بن مهران : دخلت على ابن عمر أنا وشيخ أكبر مني ـ قال: حسبت أنه قال: ابن المسيب فسألته عن الصدقة أدفعها إلى الأمراء؟ فقال: نعم. قال: قلت: وإن اشتروا به الفهود والبيزان؟ قال: نعم. فقلت للشيخ حين خرجنا: تقول ما قال ابن عمر؟ قال: لا. فقلت أنا لميمون بن مهران: أتقول ما قال ابن عمر؟ قال: لا). وروى نحو ذلك عنه غير واحد . وقد سبق من ابن عمر أن طلب من الإمام الحسين عليه السلام وعبد الله بن الزبير أن يبايعا يزيد، ولا يفرقا جماعة المسلمين. وهو بذلك يعطي الشرعية لخلافة من يغلب وإن كان ظالماً باغياً قد غلب على الإمارة بالقسر والإكراه والطرق الإجرامية المنحطة. وما أكثر ما ورد في ذلك عن السلطة وأتباعها ومن سار في خطه، وعليه جرى عملهم وسيرتهم. بل حاولوا دعم ذلك بأحاديث رواها أتباع السلطة، لتكون ديناً يتدين به، كحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه. فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية) صحيح البخاري ج:8 ص:87 كتاب الفتن: وعلى ذلك جرت فتاوى كثير من فقهاء الجمهور. قال الشوكاني تعقيباً على الحديث المذكور: (يه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم. فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تعالى: قوله تعالى: "وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَ" (الشورى 40). وقال ابن حجر: (قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار. وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه. وأن طاعته خير من الخروج عليه. لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء. وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده. ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليه.). والحديث في ذلك طويل.
جاء في المحكم في أصول الفقه لآية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم: ان ورود من بمعنى الباء وإن حكي عن يونس مستشهدا عليه بقوله تعالى: "يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ" (الشورى 45)، لكن من القريب جدا كونها في الآية ابتدائية لبيان المنشأ، نظير: جرى الماء من الميزاب، فكأن الطرف منشأ للنظر ومصدره. مع أنه لو سلم فهي بمعنى باء الاستعانة أو الآلة، لا باء التعدية، كما هو المدعى في المقام. كما أنه لا يبعد رجوع البيانية التي يراد بها جنس ما قبلها، نظير: خاتم من حديد، إلى الابتدائية التي لا مجال لها في المقام أو التبعيضية، فكأن المراد خاتم ناشئ من حديد، أو بعض منه. مع أنها تختص بما إذا كان ما بعدها جنسا لما قبلها دون مثل المقام مما وقعت فيه بين الفعل ومتعلقه، إذ لم يعهد إرادة الجنس منها حينئذ، كي يكون المراد هنا: إذا أمرتكم بشئ فحققوا نوعه ما استطعتم. وأما زيادة من في غير ما إذا كان مدخولها نكرة مسبوقة بنفي أو نهي.
https://telegram.me/buratha