الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة زلزلة ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَزُلْزِلُوا، زَلْزَلَةَ، زِلْزَالًا، زُلْزِلَتِ، زِلْزَالَهَا. عن لسان العرب لابن منظور: والزِّلْزَال، بالكسر، المصدر، والزَّلزَال، بِالْفَتْحِ، الِاسْمُ، وَكَذَلِكَ الوِسواس الْمَصْدَرُ، والوَسْواس الِاسْمُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ: أَصابت القومَ زَلْزَلةٌ، قَالَ: الزَّلْزَلة التَّخْوِيفُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ، أَي خُوِّفوا وحُذِّروا. والزَّلازِل: الشَّدَائِدُ. الزَّلازِل: الأَهوال؛ قَالَ عِمْرانُ بْنُ حِطّان: فَقَدْ أَظَلَّتك أَيام لَهَا خمسٌ * فِيهَا الزَّلازِلُ والأَهوالُ والوَهَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزَّلْزَلَة مأْخوذة مِنَ الزَّلَل فِي الرأْي، فإِذا قِيلَ زُلْزِلَ القومُ فَمَعْنَاهُ صُرِفوا عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وأُوقِع فِي قُلُوبِهِمُ الخوفُ والحَذَر. وأُزِلَّ الرَّجُلُ فِي رأَيه حَتَّى زَلَّ، وأُزِيلَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى زَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ: اللَّهُمَّ اهْزِم الأَحزاب وزَلْزِلْهم. الزَّلْزَلَة فِي الأَصل: الْحَرَكَةُ الْعَظِيمَةُ والإِزعاج الشَّدِيدُ، وَمِنْهُ زَلْزَلَة الأَرض، وَهُوَ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ، أَي اجْعَلْ أَمرهم مُضْطَرِبًا مُتَقَلْقِلًا غَيْرَ ثَابِتٍ. وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ: لَا دَقَّ وَلَا زَلْزَلة فِي الكَيْل، أَي لَا يُحَرَّك مَا فِيهِ ويُهَزُّ لينضمَّ وَيَسَعَ أَكثر مِمَّا فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: حَتَّى يَخْرج مِنْ حَلَمة ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ. وإِزِلْزِلْ: كلمةٌ تُقَالُ عِنْدَ الزَّلْزَلة، قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ مِنْ مَعْنَاهَا وَقَرِيبًا مِنْ لَفْظِهَا فَلَا تَكُونُ مِنْ حُرُوفِ الزَّلْزَلة، قَالَ: وإِنما حَكَمْنَا بِذَلِكَ لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَكَانَتْ. فَهُوَ أَنه مِثَالٌ فَائِتٌ فِيهِ بَلِيَّة مِنْ جِهَةٍ أُخرى، وَذَلِكَ أَن بَنَاتَ الأَربعة لَا تُدْرِكُهَا الزِّيَادَةُ مِنْ أَولها إِلَّا فِي الأَسماء الْجَارِيَةِ عَلَى أَسمائها نَحْوَ مُدَحْرج، وَلَيْسَ إِزِلْزِل مِنْ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَن يَكُونَ مِنْ لَفْظِ الأَزْل وَمَعْنَاهُ، ومثالُه فِعِلْعِل. وتَزَلْزَلت نفسُه: رَجَعَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي صَدْرِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ: وَقَالُوا: تَرَكْناهُ تَزَلْزَلُ نفسُه.
جاء في کتاب البحر المديد في تفسير القران المجيد لابن عجيبة: قوله تعالى "يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ" (الحج 1) والزلزلة: التحرك الشديد والإزعاج العنيف، بطريق التكرير، بحيث تزيل الأشياء من مقارها، وتخرجها عن مراكزها، وهي الزلزلة المذكورة في قوله تعالى: "إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها" (الانبياء 109) واخْتُلِفَ في هذه الزلزلة وما ذكر بعدها، هل هي قيام الساعة عند نفخة الصعق، أو بعدها عند الحشر؟ فقال الحسن رضى الله عنه: إنها تكون يوم القيامة. وعن ابن عباس رضى الله عنه: زلزلة الساعة: قيامها. وعن علقمة والشعبي: أنها قبل طلوع الشمس من مغربها، فإضافتها إلى الساعة لكونها من أشراطها. قال الكواشي: وهذه الزلزلة تكون قبل قيام الساعة من أشراطها. قالوا: ومن أشراط الساعة، قبل قيامها، ست آيات: بينما الناس في أسواقهم، إذ ذهب ضوء الشمس، ثم تناثرت النجوم، ثم وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحركت واضطربت الأرض، ففزع الإنسُ والجن، وماج بعض في بعض خوفًا ودهشًا، فقالت الجنُ للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فذهبوا، فرأوا البحار تَأَجَّجُ نارًا، فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض إلى الأرض السابعة، ثم جاءتهم الريح فماتوا. ما قدمناه عند قوله: "وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ" (الانبياء 97)، وأنَّ الريح إنما تقبض أرواح المؤمنين، وهذه الزلزلة إنما تقع عند نفخة الصعق. والله تعالى أعلم.
يا ايها الناس في القرآن الكريم تختص بسنن خاصة بالمجتمع حتى يصبح متكاملا مثلا "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ" (الحج 1) حيث الزلزلة تشمل الناس المؤمنين وغير المؤمنين. ومن الاشياء التي تشهد عليك يوم القيامة الارض "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا" (الزلزلة 1-4). قال الاِمام الصادق عليه السلام: ومن قرأ سوره الزلزلة تؤمن قارئها من السلطان والزلازل والصواعق ولا يصاب بآفةً.
قال الله تعالى "فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" ﴿العنكبوت 37﴾ جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: التكذيب سببا في أن تصيبهم زلزلة شديدة فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين أي مكبوبين على وجوههم ميتين. و الجاثم مشتق من جثم على زنة سهم ومعناه الجلوس على الركبة والتوقف في مكان ما. ولا يبعد أن يكونوا نائمين عند وقوع هذه الزلزلة الشديدة. فهذا التعبير إشارة إلى أنهم عند وقوع هذه الحادثة نهضوا وجثوا على الركب، إلا أن الحادثة لم تمهلهم حيث انهارت الجدران عليهم ونزلت عليهم الصاعقة التي تزامنت معها فماتوا. ال "المؤتفكات" جمع مؤتفكة من مادة ائتفاك بمعنى الانقلاب، وهي هنا إشارة إلى ما حصل في مدن قوم لوط، حيث انقلبت بزلزلة عظيمة.
قوله سبحانه تعالى "وَخَسَفَ الْقَمَرُ" (القيامة 8) من ايات الكسوف والخسوف هيجان البحار واحيانا يحصل سونامي لذلك لها صلاة واجبة. ذكر العلماء ان مصطلحات علم الزلازل المذكورة في القران الكريم وهي الزلزلة والرجفة والصيحة والخسف والصدع. عن کتاب منهاج الصالحين للسيد محمد سعيد الحكيم: في صلاة الآيات وهي واجبة على كل مكلف عدا الحائض والنفساء. وفيها فصول: الفصل الأول في أسبابها وهي أمور: الأول: كسوف الشمس وخسوف القمر سواء حصل الخوف منهما أم لا. الثاني: الزلزلة، على الأحوط وجوبا، سواء حصل الخوف منها أم لا. الثالث: كل مخوف سماوي، كالريح السوداء والحمراء والصفراء والظلمة الشديدة والصاعقة والصيحة والنار التي تظهر في السماء وغيرها.
ان عقوبة اهل مدين قوم شعيب كانت متنوعة منها الرجفة اي الزلزلة الشديدة فاصبحوا جاثمين اي صرعى ميتين "فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (الاعراف 91). اخذ الله القوم الكافرين بما جاء فيه شعيب عليه السلام بالرجفة اي الزلزلة الشديدة فاصبحوا جاثمين اي صرعى ميتين، ولم يغنوا فيها اي يبقوا في مكانهم متنعمين. وكما جاء بنفس السياق كذلك في الآية المباركة " فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (العنكبوت 37).
https://telegram.me/buratha