الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب المساقاة للسيد أبوالقاسم الخوئي: واما الكتاب فقد ذكر المصنف منه آيتين منها قوله تعالى "لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً" (ال عمران 27) اي لا يجوز للمؤمنين ان يتخذوا الكافرين اولياء لانفسهم يستعينون بهم، ويلتجؤن إليهم، ويظهرون المحبة والمودة لهم إلا أن يتقوا منهم تقاة، فانه ح يجوز إظهار مودتهم تقية منهم، فتدل هذه الآية ايضا على جواز الكذب في سائر موارد التقية بالاولى. ولكن لا دلالة في الآيتين على جواز الكذب في جميع موارد الاضطرار غير مورد الخوف والتقية.
عن كتاب الحج للسيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره: ان جملة لا أحب غير ظاهرة في الكراهة بالمعنى الاخص، بل استعملت في القرآن المجيد في الموارد المبغوضة المحرمة كثيرا، كقوله تعالى: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (ال عمران 57)، و "فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ" (ال عمران 32) وغير ذلك من الايات الكريمة، فان الظاهر منها انه تعالى لا يحبهم لاجل اسرافهم واعتدائهم وكفرهم وظلمهم، ولمبغوضية هذه الافعال عنده تعالى، بل تستعمل هذه الجملة في المبغوضية حتى في المحاورات فيما بين العقلاء. وبالجملة: جملة لا أحب غير ظاهرة في الجواز مع الكراهة بل أما تستعمل في المبغوضية المحرمة أو الاعم منها ومن الكراهة، فلا تكون هذه الجملة صالحة لرفع اليد عن ظهور تلك الروايات في الحرمة. ومنها: مرسل الصدوق، قال: (قال الصادق عليه السلام: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم انه لا يفوته الحج) فان المستفاد منه ان المنع عن الخروج من جهة احتمال فوت الحج، لو علم بعدم الفوت فلا يحرم الخروج. وفيه: ضعف السند بالارسال، وان كان ظاهر كلام الصدوق ثبوت كلام الصادق عليه السلام عنده ولذا يقول رضي الله عنه قال الصادق عليه السلام ولو لم يكن كلامه عليه السلام ثابتا عنده لم ينسب الخبر إليه صريحا بل قال روي ونحو ذلك. ولكن مع ذلك لا نتمكن من الحكم بحجية المرسلة لسقوط الوسائط بينه وبين الامام عليه السلام ولعله قدس سره بنى على اصالة العدالة التي لا نعتمد عليها، فمجرد الثبوت عند الصدوق لا يجدي في الحجية.
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره: الروايات التي دلت على وقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان، وان الأمة بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم غيّرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخرى. فمنها: ما رواه علي بن إبراهيم القمي، بإسناده عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين). ومنها: ما عن العياشي، عن هشام بن سالم. قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله تعالى: "ِانَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ" (آل عمران 33). (قال: وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين، فوضعوا اسما مكان اسم" أي انهم غيروا فجعلوا مكان آل محمد آل عمران. والجواب: عن الاستدلال بهذه الطائفة بعد الإغضاء عما في سندها من الضعف أنها مخالفة للكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين على عدم الزيادة في القرآن ولا حرفا واحدا حتى من القائلين بالتحريف. وقد ادّعى الإجماع جماعة كثيرون على عدم الزيادة في القرآن، وأن مجموع ما بين الدفتين كله من القرآن. وممن ادعى الإجماع الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، والشيخ البهائي، وغيرهم من الأعاظم قدس اللّه أسرارهم. وقد تقدمت رواية الاحتجاج الدالة على عدم الزيادة في القرآن.
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: سؤال: إن القرآن مشتمل على المناقضة فلا يكون وحيا إلهيا ، وقد زعموا أن المناقضة وقعت في موردين : الاول : في قوله تعالى : "قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا" (ال عمران 41). فإنه يناقض قوله تعالى : "قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا" (مريم 10). الجواب : إن لفظ اليوم قد يطلق ويراد منه بياض النهار فقط. وقد يطلق ويراد منه بياض النهار مع ليله. كما أن لفظ الليل قد يطلق ويراد به مدة مغيب الشمس واستتارها تحت الافق. وقد يطلق ويراد منه سواد الليل مع نهاره. واستعمال لفظي الليل والنهار في هذين المعنيين كثير جدا، وقد استعملا في الايتين الكريمتين على المعنى الثاني مجموع بياض النهار وسواد النهار فلا مناقضة. وتوهم المناقضة يبتني على أن لفظي الليل والنهار قد استعملا على المعنى الاول. وما ذكرناه بين لا خفاء فيه ، ولكن المتوهم كابر الحقيقة ليحط من كرامة القرآن بزعمه هذا. وقد غفل أو تغافل عما في إنجيله من التناقض الصريح عند إطلاقه لهاتين الكلمتين. فقد ذكر في الباب الثاني عشر من إنجيل متى: إخبار المسيح أنه يبقى مدفونا في بطن الارض ثلاثة أيام أو ثلاث ليال. مع أن إنجيل متى بنفسه والاناجيل الثلاثة الاخر قد اتفقت على أن المسيح لم يبق في بطن الارض إلا يسيرا من آخر يوم الجمعة، وليلة السبت ونهاره، وليلة الاحد إلى ما قبل الفجر. فانظر أخريات الاناجيل، ثم قل لكاتب إنجيل متى، ولكل من يعتقد أنه وحي إلهي: أين تكون ثلاثة أيام وثلاث ليال. ومن الغريب جدا أن يؤمن علماء الغرب ومفكروه بكتب العهدين ، وهي مليئة بالخرافات والمناقضات، وألا يؤمنوا بالقرآن، وهو الكتاب المتكفل بهداية البشر، وبسوقهم إلى سعادتهم في الدنيا والاخرة، ولكن التعصب داء عضال، وطلال الحق قليلون كما أشرنا إليه فيما تقدم.
https://telegram.me/buratha