الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الحج للسيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره: تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصلي وعرضي، ومندوب، فتجب بأصل الشرع على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج ففي العمرة مرة، بالمتاب والسنة والاجماع، ففي صحيحة زرارة: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج. قال عليه السلام: هما مفروضان، ووجوبها بعد تحقق الشرائط فوري كالحج، ولا يشترط في وجوبها استطاعة الحج، بل تكفي استطاعتها في وجوبها وان لم تتحقق استطاعة الحج، كما ان العكس كذلك فلو استطاع للحج دونها وجب دونها والقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كل منهما وانهما مرتبطان ضعيف كالقول باستقلال الحج في الوجوب دون العمرة. تنقسم العمرة إلى اقسام فقد تكون واجبة بالاصل كالحج، وقد تجب بالعرض بنذر وشبهة أو باجارة ونحوها، قد تكون مندوبة وقد تكون غير مشروعة كالعمرة الثانية إذا اتى بها قبل انفضاء الشهر من العمرة الاولى، بناءا على اعتبار الفصل بشهر بين العمرتين، وكالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج هذه هي اقسامها. واما حكمها فانه كما يجب الحج على كل مكلف مستطيع مرة واحدة كذلك العمرة تجب على كل احد أيضا. قد استدل على وجوبها بالكتاب والسنة. اما الكتاب فقوله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ" (ال عمران 97) لشموله للحج والعمرة، لان المراد من حج البيت زيارة البيت والقصد إليه، وذلك يشمل الحج والعمرة لان كلا منهما زيارة إلى البيت وقصد إليه ويشتمل على طواف البيت: هذا مضافا إلى الصحيحة المفسرة للآية الدالة على ان المراد بها هو الحج والعمرة، كصحيحة عمر بن أذنية قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) يعني به الحج دون العمرة؟ قال: لا ولكنه يعني الحج والعمرة جميعا لانهما مفروضان) واما السنة فهي كثيرة وفي بعضها انها بمنزلة الحج فلا اشكال في اصل الوجوب، كما لااشكال في ان وجوبها فوري كالحج لانها بمنزلته فيجري فيها ما يجري في الحج. ثم ان مقتضى الآية والروايات ان كلا من الحج والعمرة واجب مستقل لا يرتبط احدهما بالاخر خرج من ذلك خصوص عمرة التمتع فانها مرتبطة بالحج، واما في غيرها فلا دليل على الارتباط فيمكن الاتيان باحدهما في سنة وبالاخر في سنة اخرى، فالقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كل منهما وانهما مرتبطان ضعيف، كالقول باستقلال الحج دون العمرة كما عن الدروس.
عن كتاب المساقاة للسيد أبوالقاسم الخوئي: قد استدل على حرمة الانتفاع بمطلق المتنجس بجملة من الآيات والروايات. ان المتنجس رجس فيجب الاجتناب عنه. وفيه ان الرجس وإن اطلق على الاعيان النجسة كثيرا، كما اطلق على الكلب في صحيحة البقباق. ان الظاهر من الرجس هي الاشياء التي يحكم عليها بالنجاسة بعناوينها الاولية، فيختص بالاعيان النجسة، ولا يشمل الاعيان المتنجسة، لان النجاسة فيها من الامور العرضية. الثاني: أن الرجس لا يراد منه القذارة الظاهرية لكي ينازع في اختصاصه بالاعيان النجسة، أو شموله الاعيان المتنجسة ايضا. الثالث: أن الرجس قد يطلق على مطلق القبائح والمعاصي، وقد عرفت ذلك في الهامش من القاموس وغيره. الرابع: ان الاجتناب عن الشئ إنما يكون باجتناب ما يناسب ذلك الشئ، فالاجتناب عن الخمر عبارة عن ترك شربها إذا لم يدل دليل آخر على حرمة الانتفاع بها مطلقا، والاجتناب عن النجاسات والمتنجسات عبارة عن ترك استعمالها فيما يناسبها، ومن القمار عن ترك اللعب، ومن الامهات والبنات والاخوات والخالات وبقية المحارم عبارة عن ترك تزويجهن، كما أن الاجتناب عن المسجد هو ترك العبادة فيه، والاجتناب عن العالم ترك السؤال عنه، والاجتناب عن التاجر ترك المعاملة معه، والاجتناب عن أهل الفسوق ترك معاشرتهم وهكذا وعلى الجملة نسبة الاجتناب إلى ما يجب الاجتناب عنه تختلف باختلاف الموارد، وليست في جميعها على نسق واحد،. اقول: ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب، وقد صرح بذلك بعض أهل اللغة، كصاحب القاموس وغيره، وعلى هذا فالمراد من هجر العذاب هجر موجباته، كما اريد من المسارعة إلى المغفرة، ومن الاستباق إلى الخيرات المسارعة والاستباق إلى اسبابهما في آيتهما "وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ" (ال عمران 133). بناء على صدق الخبائث على المتنجسات وحيث إن التحريم في الآية لم يقيد بجهة خاصة فهي تدل على عموم تحريم الانتفاع بالمتنجسات. وأجاب عنها المصنف بأن المراد من التحريم خصوص حرمة الاكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات. وفيه أن مقتضى الاطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقا، فتدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس كذلك. والحق أن يقال: إن متعلق التحريم في الآية إنما هو العمل الخبيث والفعل القبيح، فالمتنجس خارج عن مدلولها لانه من الاعيان. لا يقال: إذا اريد من الخبيث العمل القبيح وجب الالتزام بالتقدير.
جاء في كتاب الحج للسيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره: أنا قد ذكرنا في بحث النجاسات: ان الميزان في الكفر والاسلام امور ثلاثة: الشهادة بالوحدانية، والشهادة بالرسالة، والاعتقاد بالمعاد فمن اعترف بهذه الامور الثلاثة يحكم عليه بالاسلام، ويترتب عليه اثاره من المواريث، وحرمة دمه، وماله، وحلية ذبايحه، ولزوم تجهيزه من الغسل، والكفن، والدفن، وغير ذلك من الاحكام، ومن انكر احد هذه الامور فهو كافر وليس انكار الضروري من جملتها إلا إذا رجع إلى تكذيب النبي صلى الله عليه واله وسلم فانكار الضروري بنفسه، ومستقلا لا يوجب الكفر ما لم يستلزم تكذيب الرسالة كما إذا كان الشخص غير عارف باحكام الاسلام ولم يكن ملتفتا إلى ان انكاره يستلزم انكار النبي صلى الله عليه واله وسلم فانكر ضروريا من ضروريات الدين فان مجرد ذلك لا يوجب الكفر. وقد يستدل على كفر منكر الحج بما يستفاد من ذيل آية الحج من قوله تعالى: "وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (ال عمران 97) بدعوى: ان من انكر وجوب الحج كان كمن كفر فان التعبير عن الترك بالكفر آل عمران 97. اريب في ان الحج من اهم الواجبات الالهية، ومن اركان الدين ومما بنى عيله الاسلام، وفي روايات كثيرة ذكرها الخاصة، والعامة: ان الاسلام بنى على خمس، ومنها الحج. وصرح الكتاب والعزيز بتشريعه، ووجوبه فقال تعالى: " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (ال عمران 97).
https://telegram.me/buratha