الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة النساء (ح 25)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: فالعدالة المطلقة وهي المنسوبة إلى الذوات هي الاستقامة العملية كما يقتضيه معناها اللغوى، مع قطع النظر عن الروايات والمتحصل أن العدالة ليست لها حقيقة شرعية وانما استعملت في الكتاب والاخبار بمعناها اللغوى اعني الاستقامة وعدم الاعوجاج والانحراف وغاية الامر أن موارد استعمالها مختلفة. كما ظهر أن العدالة ليست من الاوصاف النفسانية، وانما هي صفة عملية لانها في اللغة كما عرفت هي الاستقامة وعدم الجور، وفي الشرع هي الاستقامة في جادته والى ذلك اشير في جملة من الآيات المباركة كما في قوله عزمن قائل: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا" (النساء 3) وقوله: " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ" (النساء 129) لاضافة العدالة فيهما إلى الذات بلحاظ استقامتها في جادة الشرع وتطابق اعمالها لاحكامه. وتوضيح ما ذكرناه: أن ترك المحرمات والاتيان بالواجبات قد يستند إلى عدم المقتضى لفعل الحرام أو ترك الواجب كما إذا لم تكن له قوة شهوية أو غضبية باعثة إلى فعل الحرام أو ترك الواجب ولم تكن له رغبة في طبعه إلى ايجاده كما في اكل القاذورات ونحوها من المحرمات، فانه امر قد يتفق فلا تكون للمكلف رغبة إلى فعل الحرام. وهذا لابد من أن يفرض في المحرمات أو في الواجبات غير العبادية، لعدم كفاية الاتيان بالواجب لا عن مقتض وداع الهى يدعوا إليه في العبادات والوجه فيه غير خفى. ثم إن ذلك مجرد فرض لا وقوع له أو لو كان متحققا فهو من الندرة بمكان وذلك لان البشر لا يخلو عن القوة الغضبية والشهوية وهما داعيتان له نحو الحرام لا محالة على الاختلاف في مراتبهما. وكيف كان إذا فرضنا أن ترك الحرام مستند إلى عدم المقتضى لفعله لم يتحقق بذلك العدالة بوجه، لان المكلف وان لم ينحرف حينئذ عن جادة الشرع، إلا أنه لم يسلك جادته برادع عن المحرمات، وانما سلكها لا عن مقتض لارتكابها وعدم موافقة المحرم شيئا من قواه، بحيث لو كان له مقتض لفعلها لارتكبها فمثله ليس بسالك لجادة الشرع وان لم يكن منحرفا عنها.

جاء في موقع الابدال عن التفسير عند السيد الخوئي للسيد ياسين الموسوي: نماذج تطبيقية لنظرية تفسير القرآن بالقرآن عند السيد الخوئي: يستفيد السيد الخوئي لتحديد بعض المفاهيم التي تعد موضوعات لأحكام شرعية من خلال الاستعمالات القرآنية وذلك ليرتب عليها آثار فقهية ومنها مفهوم الزوجية حيث يقول: (الزوجية من المفاهيم المتضايفة المتشابهة الطرفين، بحيث يكون المضاف إلى كل منهما عين المضاف إلى الآخر نظير الأخوة المضافة إلى الطرفين على حد سواء، فكما أنّ هذا أخ لذاك فذاك أخ لهذا بلا اختلاف في النسبة، وليست هي كالأُبوة والبنوّة؛ ومن هنا فكما أنّ الرجل زوج للمرأة فهي زوج له، كما استعمل ذلك في جملة من الآيات الكريمة: قال تعالى‏: "ولَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ" (النساء 12). فالزوجية مفهوم في مقابل الفردية، وهي عبارة عن انضمام أحدهما إلى الآخر مع وحدة علاقتها إليهما. وعليه فلكل منهما إنشاؤها واعتبار الآخر زوجاً له أو لها، فإذا تحقّق ذلك من أحدهما وتحقّق القبول من الآخر صدق العقد والمعاهدة، ومن ثَمَّ شملته أدلّة اللّزوم. والحاصل أنّه لا موجب للقول بلزوم كون الإيجاب من الزوجة خاصة والقبول منه، فإنّه لا دليل عليه وإن كان هو الغالب خارجا.

عن كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره عن الشيخ ميرزا علي الغروي: اذا كانت المعاطاة المقصود بها الملك المترتّب عليها الملك أيضاً لزوماً كان أو على نحو الجواز ، فهي أيضاً كما إذا كانت المعاطاة من الطرفين ويجري فيها جميع الأدلّة التي أقمناها على إفادتها الملك واللزوم كقوله تعالى "تِجَارَةً عَنْ تَرَاض" (النساء 29) أو غيرهما من الأدلّة التي أسلفناها سابقاً وذلك لأنّها بيع عرفاً وشرعاً . وما أفاده شيخنا الاُستاذ قدّس سرّه من أنّ البيع عبارة عن مبادلة مال بمال وهي تستلزم التبديلين لا محالة والمفروض أنّ التبديل في المقام من طرف واحد ولا مبادلة فيها ، فممّا لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، لما ذكرناه سابقا من أنّ المراد بالمبادلة ليس هو المبادلة الخارجية والمكانية، بل المراد بها هو المبادلة في عالم الاعتبار المبرزة في الخارج بالفعل أو القول، وهذا المعنى متحقّق في المقام أيضاً لأنّهما قصدا المبادلة بين المالين حسب الفرض وقد أبرزاها باعطاء أحدهما وأخذ الآخر له في مقابلة العوض، هذا كلّه . مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال : إنّ المعاطاة من الجانبين قليلة جدّاً بل كلّ ما يقع في الخارج من المعاطاة معاطاة من جانب واحد فالبائع مثلا يبرز اعتباره باعطاء ماله والمشتري يبرز قبوله بأخذه ، فيكون إعطاء الثمن بعد ذلك وفاءً بالمعاملة التي أوقعاها بالاعطاء والأخذ لا أنّه مقوّم للمعاطاة والمعاملة كما هو ظاهر، فلذا لو سألنا المشتري عن المبيع أنّه مال مَن، قبل أن يدفع عوضه إلى لبائع، يجيبنا بأنّه مالي اشتريته بكذا وكذا، إلاّ فيما إذا لم يطمئن البائع بالمشتري فأعطى بإحدى يديه المبيع وأخذ بالاُخرى الثمن حين دفعه المبيع، وهو قليل جدّاً كما هو واضح .

عن كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وإذا عرفت أن الآيات نزلت نجوما متفرقة على الحوادث، علمت أن القرآن روح من أمر الله ، لان هذا التفرق يقتضي بطبعه عدم الملاءمة والتناسب حين يجتمع. ونحن نرى القرآن معجزا في كلتا الحالتين ، نزل متفرقا فكان معجزا حال تفرقه ، فلما اجتمع حصل له إعجازآخر. وقد أشار إلى هذا النحو من الاعجاز قوله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا" (النساء 82). وهذه الآية تدل الناس على أمر يحسونه بفطرتهم ، ويدركونه بغريزتهم ، وهو أن من يعتمد في دعواه على الكذب والافتراء لا بد له من التهافت في القول ، والتناقض في البيان ، وهذا شيء لم يقع في الكتاب العزيز. والقرآن يتبع هذه الخطة في كثير من استدلالاته واحتجاجاته ، فيرشد الناس إلى حكم الفطرة ، ويرجعهم إلى الغريزة ، وهي أنجح طريقة في الارشاد ، وأقربها إلى الهداية. وقد أحست العرب بهذه الاستقامة في أساليب القرآن ، واستيقنت بذلك بلغاؤهم. وإن كلمة الوليد بن المغيرة في صفة القرآن تفسر لنا ذلك، حيث قال حين سأله أبو جهل أن يقول في القرآن قولا : (فما أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم في الاشعار مني ولا أعلم برجزه مني، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى. قال أبو جهل: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه قال الوليد: فدعني حتى افكر فيه فلما فكر. قال: هذا سحر يأثره عن غيره).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك