الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: والقرآن بسلوكه طريق الاعتدال، وأمره بالعدل والاستقامة قد جمع نظام الدنيا إلى نظام الآخرة، وتكفل بما يصلح الاولى ، وبما يضمن السعادة في الاخرى، فهو الناموس الاكبر جاء به النبي الاعظم ليفوز به البشر بكلتا السعادتين ، وليس تشريعه دنيويا محضا لا نظر فيه إلى الآخرة، كما تجده في التوراة الرائجة، فإنها مع كبر حجمها لا تجد فيها موردا تعرضت فيه لوجود القيامة، ولم تخبر عن عالم آخر للجزاء على الاعمال الحسنة والقبيحة. نعم صرحت التوراة بأن أثر الطاعة هو الغنى في الدنيا، والتسلط على الناس باستعبادهم، وأن أثر المعصية والسقوط عن عين الرب هو الموت وسلب الاموال والسلطة. كما أن تشريع القرآن ليس أخرويا محضا لا تعرض له بتنظيم أمور الدنيا كما في شريعة الانجيل. فشريعة القرآن شريعة كاملة تنظر إلى صلاح الدنيا مرة والى صلاح الآخرة مرة أخرى. فيقول في تعليماته. "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ" (النساء 13-14).
وعن كتاب التنقيح في شرح المكاسب للسيد ابو القاسم الخوئي الشخ ميرزا علي الغروي: لا يمكن أن يقال إنّ هذا بائع وذاك مشتر لأنّه ليس بأولى من عكسه، والعجب من شيخنا الاُستاذ قدّس سرّه حيث إنّه ذكر أنّ أحدهما لا بعينه بائع في هذه الصورة وأحدهما الآخر لا بعينه مشتر ولا تعيّن لشيء منهما في الواقع. وفيه: أنّا ذكرنا مراراً أنّ أحدهما لا بعينه لا مصداق له خارجاً، فهو معاملة مستقلّة يمكن تصحيحها بعموم "تِجَارَةً عَنْ تَرَاض" (النساء 29) ولا يكون بيعاً، بل هي التي ينبغي أن يقال إنّها مبادلة مال بمال التي ذكرنا أنّها ليست تعريفاً للبيع حقيقة. ولعلّ مراد صاحب المصباح بقوله: وهو في الأصل مبادلة مال بمال، أنّه في الابتداء كان البيع بينهم بمبادلة مال بمال وعرض بعرض لما أشرنا إليه سابقاً من أنّهم كانوا يتبادلون مالا بمال ثمّ بعد ذلك اخترعت النقود، لا أنّ المراد بالأصل في كلامه هو اللغة كما ذكره بعض المحشّين وإلاّ لكان عليه أن يذكر في كلّ كلمة يفسّرها أنّها في اللغة كذا، مع أنّه بنفسه من كتب اللغة فلا معنى لأن يقال إنّه في اللغة كذا.
جاء في موقع الابدال عن التفسير عند السيد الخوئي للسيد ياسين الموسوي: نظرية تفسير القرآن بالقرآن هي طريقة أئمة أهل البيت عليهم السلام فإنّ المتابع لرواياتهم يلاحظ أنّهم كثيراً ما يفسرون آية بذكر آية أخرى توضح المراد منها، وهم بهذا يرشدون أتباعهم إلى كيفية تفسير القرآن والتدبر في آياته بالاستفادة من الآيات الأخرى في تفسير ما أُبهم من معانيها، يقول العلامة الطباطبائي: (وقد كانت طريقتهم عليهم السلام في التعليم والتفسير هذه الطريقة بعينها على ما وصل إلينا من أخبارهم في التفسير، هذا هو الطريق المستقيم والصراط السويّ الذي سلكه معلّمو القرآن وهداته صلوات الله عليهم). بل صرّحوا عليهم السلام بهذه الحقيقة في عدد من الروايات: (وإن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً، ولكن نزل يصدّق بعضه بعضاً). وفي النهج الشريف عن الأمير عليه السلام: (ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض). بل وتعتمد هذه النظرية على أساس أنّ القرآن الكريم يمثل بمجموعه كتاباً واحداً من مصدر واحد، وبالتالي فهو يمثل رؤية واحدة للقضايا لا اختلاف فيها، كما قال تعالى: "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيرا" (النساء 82).
وعن كتاب الصوم للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وكفارة قتل الخطأ فيجب فيها العتق أولا ثم الصوم مع العجز عنه ثم الاطعام كما هو صريح الآية الشريفة قال تعالى في سورة النساء الآية 92: "وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ" إلى قوله: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" نعم لا تعرض في الآية المباركة للاطعام، إلا ان النصوص المتظافرة ناطقة ووافية وبها الكفاية. هذا والمنسوب إلى المفيد وسلار التخيير بين الخصال ولم يعرف لهما أي مستند حتى رواية ضعيفة على أن الآية والنصوص المشار إليها حجة عليهما.
https://telegram.me/buratha