الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله جل جلاله عن أتى ومشتقاتها "أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ" ﴿النحل 1﴾ أتَى أمْرُ اللهِ: اقتربت الساعة أو جاء العذاب، أتى أمر الله: أي الساعة، وأتى بصيغة الماضي لتحقق وقوعه أي قرب، قَرُب قيام الساعة وقضاء الله بعذابكم أيها الكفار فلا تستعجلوا العذاب استهزاء بوعيد الرسول لكم. تنزَّه الله سبحانه وتعالى عن الشرك والشركاء، و "فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ" ﴿طه 60﴾ أتى: كان، فأدبر فرعون معرضًا عما أتاه به موسى من الحق، فجمع سحرته، ثم جاء بعد ذلك لموعد الاجتماع، و "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ" ﴿طه 69﴾ أتى فعل: كان، وألق عصاك التي في يمينك تبتلع حبالهم وعصيهم، فما عملوه أمامك ما هو إلا مكر ساحرٍ وتخييل سِحْرٍ، ولا يظفر الساحر بسحره أين كان، و "إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" ﴿الشعراء 89﴾ يوم يخرج الناس من القبور للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة، و "كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ" ﴿الذاريات 52﴾، و "هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" ﴿الانسان 1﴾ قد مضى على الإنسان وقت طويل من الزمان قبل أن تُنفَخ فيه الروح، لم يكن شيئا يُذكر، ولا يُعرف له أثر.
قال الله تبارك وتعالى عن ءاتى أو آتى ومشتقاتها: "وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" ﴿البقرة 101﴾ أُوتُوا: أُوتُ فعل، وا ضمير، ولما جاءهم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن الموافق لما معهم من التوراة طرح فريق منهم كتاب الله، وجعلوه وراء ظهورهم، شأنهم شأن الجهال الذين لا يعلمون حقيقته، و "وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" ﴿المائدة 46﴾، و "وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ" ﴿المائدة 48﴾، و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" ﴿المائدة 54﴾، و "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" ﴿المائدة 55﴾، و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿المائدة 57﴾، و "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" ﴿الأنعام 20﴾، و "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ" ﴿الأنعام 44﴾، و "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ" ﴿الأنعام 83﴾، و "أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ" ﴿الأنعام 89﴾، و "أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ" ﴿الأنعام 114﴾.
أتى اي وصل ولم يدخل وطلب منه ان يفعل عن بعد "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى" (طه 11)، او لاح من بعيد "أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ" (النحل 1)، وأتى فعل فيه سهولة "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ" (النمل 17)، بينما جاء اي وصل الى المكان وطلب منه ان يفعل عن قرب "فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا" (النمل 8)، و "فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا" (محمد 18) جاء أشراطها: علاماتها و منها مبعثه صلى الله عليه و سلم، او وصل اليه "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" (الأنعام 61)، وجاء فعل فيه صعوبة "فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ" (عبس 33)، و "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) جاء نصر الله عَوْنـُهُ لك على الأعداء.
ءاتينا أو آتينا بمعنى أعطينا، أتينا و أتيناهم بمعنى جئناهم، فالخلاصة: "لآتَيْنَا": هناك من يقرأها من غير مد هكذا: َلأتَيْنَا، والصحيح قراءتها بالمد لأن هناك فارق في المعنى اللغوي بين كلمتي: أتى و آتى، وفي المصحف: يُعرف النطق من الرسم في مثل هذه المواضع، فإذا جاءت الهمزة قبل الألف عموما فتنطق بالمد: ءاتى أي: آتى، وإذا جاءت على الألف تنطق بالهمزة الغير ممدودة: أتى.
https://telegram.me/buratha