الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: أنّ مقتضى القاعدة بعد عدم إمضاء الشارع للمعاطاة على نحو ما قصده المتعاطيان كما هو المفروض في المقام أن تكون فاسدة ولا يجوز التصرف في العوضين كما هو الحال في جميع المعاملات الفاسدة، وقصد التمليك لا يوجب جواز التصرفات وإلاّ فلازمه حلّية التصرفات الواقعة على العوضين في جميع البيوع الفاسدة لوجود القصد فيها لا محالة ، وعليه فنسأل عن أنّ المرخّص في التصرفات وما يقتضي حلّيتها في المقام مع عدم إمضاء الشارع لها ماذا، وبأيّ وجه يجوز التصرفات في المعاطاة المقصود بها التمليك المترتّبة عليها الاباحة، مع أنّ الاباحة غير مقصودة لهما وما قصداه وهو التمليك غير ممضى حسب الفرض. ولا دليل على حلّية التصرفات لدى الخصم إلاّ الإجماع والسيرة القطعيتان القائمتان على جواز التصرفات في المال المأخوذ بالمعاطاة، وهما دليلان لبّيان لابدّ من الاقتصار فيهما على المقدار المتيقّن وهو صورة اجتماع جميع شرائط البيع في المعاطاة. وهذا بلا فرق بين كون دليل اعتبار الشرط لفظياً أو لبّياً، بل لابدّ من اعتبار الشروط الخلافية المشكوك شرطيتها في البيع ، لأنّ القدر المتيقّن إنّما هو الجامع لجميع ذلك، فهذا الفرض أسوأ حالا من المعاطاة المقصود بها الملك المفيدة للملك الجائز وذلك لأنّا إذا شككنا في اعتبار شرط آخر غير شروط البيع اللفظي في إفادتها الملك نتمسّك بعمومات "تِجَارَةً عَنْ تَرَاض" (النساء 29) وغيرهما من لأدلّة اللفظية وبها ندفع شرطيته وهو واضح، وهذا بخلاف المقام أعني المعاطاة المقصود بها التمليك المفيدة للاباحة فإنّا إذا شككنا في اعتبار شيء وشرطيته في إفادتها للاباحة فلا يمكننا دفعه وإثبات عدم كونه شرطاً، بل لابدّ من الاتيان بها بجميع شرائط البيع وما شكّ في اعتباره في إفادتها للاباحة، لأنّ دليل إفادة المعاطاة الاباحة في المقام منحصر بالاجماع والسيرة وهما دليلان لبّيان يقتصر فيهما على المقدار المتيقّن لا محالة.
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: أنّ المراد من الدلوك: وسط النهار، كما صرّح به في صحيحة حمّاد الواردة في تفسير الصلاة الوسطى من أنّ المراد بها صلاة الظهر التي هي في وسط النهار، أو باعتبار توسّطها بين الفجر والعصر. ولا شك في تحقّق الدلوك بهذا المعنى بالإضافة إليه، ضرورة انّا لو قسّمنا نهاره إلى قسمين فبعد مضيّ النصف الأوّل وهو ثلاثة أشهر يتحقّق وسط النهار بطبيعة الحال، ويفرض معه الزوال المأخوذ موضوعاً لوجوب الظهرين. و ثانياً: بالالتزام بتحقّق الدلوك في المقام أيضاً حتّى بمعناه المعهود، إذ لا يعتبر فيه زوال الشمس عن قمّة الرأس وميلها عن كبد السماء، لعدم نهوض أيّ دليل عليه من رواية أو غيرها، بل معنى الدلوك: أخذ الشمس في الهبوط والاقتراب من الأُفق بعد نهاية الارتفاع والابتعاد عنه. و هذا كما ترى معنى عام يجتمع مع الحركة الرحويّة كغيرها، إذ فيها أيضاً تقترب من الأُفق بعد انتهاء البعد كالنزول من الجبل بعد الصعود عليه، وإن لم يكن زواله عن قمّة الرأس كما هو موجود عندنا. و كيفما كان، فلا تمكن المساعدة على شيء من الوجوه الأربعة التي احتملها في المتن، لخروجها بأجمعها عن مقتضى الصناعة. أمّا التبعيّة للبلدان المتعارفة المتوسطة فلا مقتضي لها بعد التصريح في جملة من الروايات بقوله عليه السلام: (إنّما عليك مشرقك ومغربك) فلا عبرة بمشرق بلد آخر ولا بمغربه، كما لا اعتبار بفجره ولا بزواله. و منه يظهر ضعف التبعيّة للبلد الذي كان يسكن فيه، إذ لا عبرة به بعد الانتقال إلى بلد آخر له مشرق ومغرب آخر، ولا سيّما وقد تبدّل طبعاً تكليفه في الطريق بمشرق ومغرب آخر، فما هو الموجب بعدئذٍ للرجوع إلى مشرق بلده ومغربه؟ وأمّا احتمال سقوط الصوم وحده أو هو مع الصلوات فهو أيضاً منافٍ لإطلاقات الأدلّة من الكتاب والسنّة الناطقة بوجوب الصلاة وكذلك الصيام لكافّة الأنام عدا ما استثني من المسافر والمريض ونحوهما غير المنطبق على المقام، قال سبحانه وتعالى "إِنَّ اَلصَّلاََةَ كََانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتََاباً مَوْقُوتاً" (النساء 103).
عن كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: في تفسير التبيان: وقوله تعالى: "وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ" (النساء 119)، اختلفوا في معناه، فعن ابن عباس: فليغيرن دين الله، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقال مجاهد: كذب عكرمة في قوله انه الاخصاء، وانما هو تغيير دين الله الذي فطر الناس عليه في قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم، وقال قوم: هو الوشم، وقال عبد الله: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتفلجات المتغيرات خلق الله، واقوى الاقوال قول من قال فليغيرن خلق الله بمعنى دين الله، بدلالة قوله: فطرة الله الاية، ويدخل في ذلك جميع ما قاله المفسرون، لانه إذا كان ذلك خلاف الدين فالاية تتناوله. انتهى كلامه بأدنى تفاوت (التبيان 1: 471).
جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا" (النساء 148) وفيه أولا: انه ليس في الاية ما يدل على أن الغيبة من الجهر بالسوء الا بالقرائن الخارجية. وثانيا: لا يستفاد منها التحريم، فان عدم المحبوبية اعم منه ومن الكراهة المصطلحة.
https://telegram.me/buratha