الدكتور فاضل حسن شريف
عن كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وآله مرتين: في رأي عدد من العلماء أن القرآن الكريم نزل على النبي مرتين، إحداهما: نزل فيها جملة واحدة على سبيل الاجمال، والاخرى: نزل فيها تدريجا على سبيل التفصيل خلال المدة التي قضاها النبي في أمته منذ بعثته إلى وفاته. ومعنى نزوله على سبيل الاجمال: هو نزول المعارف الإلهية التي يشتمل عليها القرآن وأسراره الكبرى على قلب النبي لكي تمتلئ روحه بنور المعرفة القرآنية. ومعنى نزوله على سبيل التفصيل هو نزوله بألفاظه المحددة وآياته المتعاقبة والتي كانت في بعض الأحيان ترتبط بالحوادث والوقائع وفي زمن الرسالة بدون كذلك مواكبة تطورها. وكان انزاله على سبيل الاجمال مرة واحدة، لان الهدف منه تنوير النبي وتثقيف الله له بالرسالة التي أعده لحملها. وكان انزاله على سبيل التفصيل تدريجا، لأنه يستهدف تربية الأمة وتنويرها وترويضها على الرسالة الجديدة، وكذلك تثبيت النبي في مواقفه وتسديده فيها، وهذا يحتاج إلى التدرج. وعلى ضوء هذه النظرية في تعدد نزول القرآن يمكننا أن نفهم الآيات الكريمة الدالة على نزول القرآن بجملته في شهر رمضان، أو انزاله في ليلة القدر بصورة خاصة نحو قوله تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 185) وقوله: "انا أنزلناه في ليلة القدر" (القدر 1) وقوله: "انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين" (الدخان 3) فان الانزال الذي تتحدث عنه هذه الآيات ليس هو التنزيل التدريجي الذي طال أكثر من عقدين، وانما هو الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال. كما أن فكرة تعدد الانزال بالصورة التي شرحناها تفسر لنا أيضا المرحلتين اللتين أشار إليهما القرآن الكريم في قوله تعالى: "كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" (هود 1) فان هذا القول يشير إلى مرحلتين في وجود القرآن، اولاهما: إحكام الآيات، والثانية: تفصيلها وهو ينسجم مع فكرة تعدد الانزال فيكون الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال هي مرحلة الاحكام، والانزال على سبيل التفصيل تدريجا هي المرحلة الثانية اي مرحلة التفصيل.
عن شبكة فجر الثقافية عن الاختلاف و الوحدة في نظر القرآن الكريم للسيد محمد باقر الحكيم: الدعوة إلى تطبيق الأحكام الإلهية المشتركة الثابتة في التوراة والإنجيل، ليتضح مدى التقارب والوحدة بين هذه الأديان، خصوصاً وأن هذه التشريعات بعضها يكمل البعض الآخر، حيث نجد القرآن الكريم يتناول هذا الموضوع بأساليب متعددة منها الإشارة إلى الأحكام التي كانت ثابتة في الديانات السابقة، كما تم ذلك في الصوم والقصاص "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183).
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: النسخ: (رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه سواء أكان ذلك الامر المرتفع من الأحكام التكليفية كالوجوب والحرمة أم من الأحكام الوضعية كالصحة والبطلان، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما انه شارع). ويلاحظ في هذا التعريف أن الرفع في النسخ انما يكون لأمر ثابت في أصل الشريعة، ولذا فلا يكون شاملا لمثل ارتفاع الحكم الشرعي الذي يكون بسبب انتهاء موضوعه، كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان، أو ارتفاع ملكية شخص لماله بسبب موته، فان هذا النوع من ارتفاع الحكم لا يسمى نسخا، ولا نجد من يخالف في امكانه ووقوعه، وقد أوضح السيد الخوئي رحمه الله لنا الفرق بين الارتفاع الذي يكون نسخا، والارتفاع الذي لا يكون من النسخ في شئ.
https://telegram.me/buratha