الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة المؤمنون (ح 63)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: دراسة قصة موسى عليه السلام: لآيات التي جاءت في سورة المؤمنون والتي تبدأ بقوله تعالى: "ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب" (المؤمنون 23-24) والتي تختم بقوله تعالى: "فستذكرون ما أقول لكم وافوض أمري إلى الله ان الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب" (المؤمنون 44-45). ويلاحظ في هذا المقطع من القصة ما يلي: الأول: ان السورة التي جاء فيها هذا المقطع تتحدث في مطلعها عن مصير من يجادل في آيات الله: "ما يجادل في آيات الله الا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد" (المؤمنون 4). الثاني: ان القصة تأتي في سياق أن هذا المصير للمجادلين نتيجة طبيعية لعنادهم بعد أن تأتيهم البينات فيكفرون بها: "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق" (المؤمنون 21). الثالث: أن القصة تؤكد بشكل واضح موقف مؤمن آل فرعون والأساليب التي استعملها في دعوته لهم ومحاولته ذات الجانب العاطفي في هدايتهم مع تذكيرهم بمصير من سبقهم من الأمم وما ينتظرهم نتيجة لعنادهم وكفرهم. وقبالة هذا الموقف يظهر لنا موقف فرعون وقد تمادى في غيه حتى حاول أن يطلع على اله موسى. وعلى هذا الأساس يمكن أن نستنتج: أن القصة سيقت لتوضيح مصير من يجادل في آيات الله، مع ايضاح الفرق بين الأسلوب الذي يستعمله الداعية والأسلوب الذي يستعمله المجادل والكافر، وان العذاب لا ينزل بهؤلاء إلا بعد أن تتم الحجة عليهم. وان الهداية والحجة من الوضوح بحيث يمكن أن يقتنع بها حتى أولئك الاشخاص الذين يعيشون في الوسط المتنفذ والمترف - كما هو الحال بالنسبة إلى مؤمن آل فرعون كما انها تؤكد الدور الذي يجب أن يقوم به الانسان تجاه هداية الآخرين، وأنها مسؤولية شرعية وانسانية يتحملها كل الناس حتى لو كان من الوسط الضال، كما فعل مؤمن آل فرعون. وفي هذا العرض القرآني للقصة يظهر لنا أيضا هذا الامتزاج بين الرحمة والغفران، وبين النقمة وشدة العذاب: "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير" (المؤمنون 3) فان الله سبحانه يجعل تحت متناول عقول عباده وأنظارهم آياته وأدلته وبراهينه، ويتوسل إلى هدايتهم بالوسائل المختلفة التي لا تشل عنصر الاختيار فيهم، كل ذلك رحمة منه وفسحة لقبول التوبة والاستغفار، ولكنه مع ذلك لا يعجزه شئ عن عقابهم أو القدرة على انزال العذاب فيهم.

عن موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن تفسير القرآن في أدبيات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره للدكتور فيصل مفتن اللامي: لقد قسم السيد الحكيم التفسير إلى قسمين باعتبار الشئ المفسر: 1 ـ تفسير اللفظ. 2 ـ تفسير المعنى. وتفسير اللفظ عبارة عن بيان معناه لغة، واما تفسير المعنى فهو تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه ذلك المعنى. وامثلة ذلك في القرآن الكريم كثيرة، فنحن نلاحظ في القرآن الكريم أن الله سبحانه يوصف بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام، ونواجه بالنسبة إلى هذه الكلمات بحثين: احدهما: البحث عن مفاهيم هذه الكلمات من الناحية اللغوية، والاخر: البحث عن تعيين مصداق تلك المفاهيم بالنسبة إلى الله تعالى فكيف يسمع سبحانه؟ وهل يسمع بجارحه اولاً؟ وكيف يعلم؟ وهل يعلم بصورة زائدة على ذلك؟ التفسير المعنوي او تفسير المعنى: ومن امثلة ذلك قوله تعالى: "وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ" (المؤمنون 18) فنحن بصدد دراسة اللفظ نشرح معنى النزول لغة ونحدد مفهوم كلمة انزلناه الواردة في الايات الثلاث، ونعرف انها تستبطن معنى (الهبوط من جهة عالية مرتفعة)، وتفسير المعنى هو أن ندرس حقيقة هذا الانزال ونوع تلك الجهة العالية التي هبط منها الكتاب والحديد والماء، وهل هي جهة مادية او معنوية؟ أن أهمية التمييز بين تفسير اللفظ وتفسير المعنى عند السيد الحكيم هو التميز بين تفسير اللفظ على صعيد المفاهيم وتفسير المعنى بتجسيده في صورة محددة على صعيد المصاديق، ويعد نقطة جوهرية جداً في تفسير القرآن الكريم، واداة لحل التناقض الظاهري الذي قد يبدو بين حقيقتين قرآنيتين وهما: الحقيقة الاولى: أن القرآن كتاب هداية للبشرية انزله الله سبحانه لإخراجها من الظلمات إلى النور وارشادها إلى الطريق الأفضل في جوانب حياتها، وهذه الحقيقة تفرض أن يجئ القرآن ميسر الفهم وان يتاح للانسان استخراج معانيه منه، اذ لايمكن للقرأن أن يحقق اهدافه ويؤدي رسالته لو لم يكن مفهوماً من قبل الناس. والحقيقة الاخرى: أن كثيراً من المواضيع التي يستعرضها القرآن او يشير إليها، لايمكن فهمها بسهولة، بل قد تستعصي على الذهن البشري ويتيه في مجال التفكير فيها لدقتها وابتعادها عن مجال الحس والحياة الاعتيادية التي يعيشها الانسان، وذلك نظير مايتعلق باللوح، والقلم، والعرش، والموازين، والملك، والشيطان، وانزال الحديد، ورجوع البشرية إلى الله، والخزائن، وملكوت السماء والارض، وما إلى ذلك من مواضيع. أذن فحقيقة اهداف القرآن الكريم ورسالته تفرض أن يكون ميسر الفهم، وواقع بعض مواضيعه يستعصي على الفهم ويتيه فيها الذهن البشري.

جاء في رسالة التقريب للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: حياة نوح: صنع الفلك: ثم إن الله تعالى لما أمر نوحاً بأن يصنع الفلك تهيئاً وتحسباً لحدوث الطوفان ونزول العذاب، "وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ" (المؤمنون 27). قام نوح بصنع الفلك، ويبدو أن المنطقة التي كان يعيش فيها نوح وقومه كانت فلاة لا يوجد فيها بحر ولا نهر، ولذا لم يكن لهذا العمل تفسير لدى قوم نوح عليه السلام فكان يثير لديهم الاستغراب والتعجب والسخرية. واستمرت هذه الحرب النفسية الطويلة طيلة المدة التي كان يصنع فيها نوح عليهم السلام الفرد المحاصر قليل العدة والعدد السفينة العظيمة التي يريد أن يعدها لهذه المهمة. ولعل هذه الفترة كانت من أصعب الأوقات التي مرّ بها الرسول عليه السلام، حيث كانت فترة المقاطعة الشاملة وفترة الحرب النفسية الظالمة وفترة الانتظار والترقب لنزول العذاب وتحقق الوعد الإلهي. وقد كان الله تعالى يرعى نوحاً بعينه التي لا تنام ويسدده بالوحي ويعلمه كيف يصنع السفينة في مراحلها المتعددة ويثبته في عمله وموقفه. ووضع له تعالى علامة لمجيء الأمر بالعذاب وهي فوران التنور في بيت أهله: "فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ" (المؤمنون 27).

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك