الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: حال المؤمنين يوم بدر كانت تقضي بكونهم أذلة قبال ما كان عليه المشركون من القوة والشوكة والزينة ، ولا ضير في إضافة الذلة النسبية إلى الأعزة وقد أضافها الله سبحانه إلى قوم مدحهم كل المدح حيث قال "فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ" (المائدة 54). قوله تعالى "إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ" (ال عمران 125)، الإمداد من المد وهو إيصال المدد على نعت الاتصال. قوله تعالى "بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا" (ال عمران 125)، بلى كلمة تصديق والفور والفوران : الغليان يقال : فار القدر إذا غلا وجاش ، ثم أستعير للسرعة والعجلة فاستعمل في الأمر الذي لا ريث فيه ولا مهلة فمعنى من فورهم هذا من ساعتهم هذه. والظاهر أن مصداق الآية هو يوم بدر ، وإنما هو وعد على الشرط وهو ما يتضمنه قوله "إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا" (ال عمران 125). وأما ما يظهر من بعض المفسرين أنه وعد بإنزال الملائكة إن جاءوهم بعد فورهم هذا يعني يوم بدر بأن يكون المراد "مِنْ فَوْرِهِمْ هذا" (ال عمران 125) هو يوم بدر لا في يوم بدر ، وكذا ما يظهر من بعض آخر أنه وعد بإنزالهم في سائر الغزوات بعد بدر كأحد وحنين والأحزاب فمما لا دليل عليه من لفظ الآية. أما يوم أحد فلا محل لاستفادة نزول الملائكة فيه من الآيات وهو ظاهر ، وأما يوم الأحزاب ويوم حنين فالقرآن وإن كان يصرح بنزول الملائكة فيهما فقد قال في قصة الأحزاب :"إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها" (الاحزاب 9) وقال "وَيَوْمَ حُنَيْنٍ" إلى أن قال "وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها " (التوبة 26) إلا أن لفظ هذه الآية "بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا"، قاصر عن إفادة عموم الوعد. وأما نزول ثلاثة آلاف يوم بدر فلا ينافي قوله تعالى في سورة الأنفال "فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ" (الانفال 9) لمكان قوله "مُرْدِفِينَ" أي متبعين لآخرين وهم الألفان الباقيان المكملان للعدد على ما ذكر في هذه الآيات.
قال الإمام الجواد عليه السلام في تفسير قوله تعالى: "وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة:148) عن عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى: إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً فقال عليه السلام: (مَا مِنَّا إِلَّا قَائِمٌ بِأَمْرِ اللهِ وَهادي إِلَى دِينِ اللهِ وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهِّرُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْأَرْضَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْجُحُودِ وَيَمْلَأُهَا عَدْلًا وَقِسْطاً هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاسِ وِلَادَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَكَنِيُّهُ وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَدَدُ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 148)، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ أَظْهَرَ أَمْرَهُ فَإِذَا أُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهِيَ عَشَرَةُ آلافِ رَجُلٍ خَرَجَ بِإِذْنِ اللهِ فَلَا يَزَالُ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ عَبْدُ الْعَظِيمِ قُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ قَالَ يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَة).
جاء في موقع المرجع عن النبي صلّى الله عليه وآله يستشير في أمر الحرب: ويلاحظ هنا : أننا لا نجد عليا في هذا المقام يبدي رأيا، ولا يبادر إلى موقف، أو مشورة، مع أنه رجل الحكمة، ومعدن العلم ؛ فما هو السر في ذلك يا ترى؟ ونقول في الجواب : إن موقف علي عليه السلام هو موقف نفس النبي صلى الله عليه وآله. وقد وصفه الله سبحانه وتعالى في آية المباهلة بأنه نفس النبي ، فقال : "فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ" (ال عمران 61). أضف إلى ذلك: أن عليا عليه السلام لم يكن ليتقدم بين يدي الله ورسوله في شيء وقد كان يرى أن من واجبه السكوت، والتسليم، والرضا بما قضاه الله ورسوله ، ولا يجد في نفسه أي حرج من ذلك. إن المسلمين لم يكونوا على الماء، فأرسل الله السماء عليهم ليلا حتى سال الوادي، فاتخذوا الحياض، وشربوا وسقوا الركائب ، واغتسلوا وملأوا الأسقية (21) كما أشار إليه تعالى، حين قال: "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ" (الانفال 11). وسبق المشركون إلى بدر، فنزلوا في العدوة القصوى، في جانب الوادي مما يلي مكة، حيث الماء، وكانت العير خلف المشركين (34). قال تعالى: "وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ" (الانفال 42). ومحل نزولهم كان صلبا. ونزل المسلمون في العدوة الدنيا، أي جانب الوادي مما يلي المدينة، حيث لا ماء، وحيث الأرض رخوة، لا تستقر عليها قدم، مما يعني أن منزل المسلمين كان من وجهة نظر عسكرية غير مناسب.
يعرف الشهيد كل من يقتل او يغتال دفاعا او ايمانا بدينه وعقيدته او ظلما بالانفس والاموال "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الانفال 30). و في زيارة ابي الفضل العباس: واشهد انك مضيت على ما مضى به البدريون. وان اصحاب الحسين لقوا مصاعب اشد مما لقى البدريون لان الله انزل جنودا في بدر لم يراها الاعداء "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ" (الانفال 17) ولكن ابتلاءات كربلاء كانت شديدة مثل الحصار والعطش بقطع الماء.
https://telegram.me/buratha