الصفحة الإسلامية

واقعة بدر في القرآن الكريم والروايات (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: قوله تعالى "وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ" (ال عمران 126)، الضمير راجع إلى الإمداد، ولفظة عند ظرف يفيد معنى الحضور، وقد كان أولا مستعملا في القرب والحضور المكاني المختص بالأجسام ثم توسع فاستعمل في القرب الزماني ثم في مطلق القرب والحضور المعنوي كيفما كان ، وقد استعمل في القرآن في مختلف الفنون. والذي يفيده في هذا المقام أعني قوله "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ بالنظر إلى ما سبقه من قوله "وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ" (ال عمران 126) هو المقام الربوبي الذي ينتهي إليه كل أمر وحكم، ولا يكفي عنه ولا يستقل دونه شيء من الأسباب، فالمعنى: أن الملائكة الممدين ليس لهم من أمر النصر شيء بل هم أسباب ظاهرية يجلبون لكم البشرى وطمأنينة القلب ، وإنما حقيقة النصر من الله سبحانه لا يغني عنه شيء، وهو الله الذي ينتهي إليه كل أمر ، العزيز الذي لا يغلب ، الحكيم الذي لا يجهل. قوله تعالى "لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ" (ال عمران 127) إلى آخر الآيات ، اللام متعلق بقوله "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ" (ال عمران 124)، وقطع الطرف كناية عن تقليل عدتهم وتضعيف قوتهم بالقتل والأسر كما وقع يوم بدر فقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون ، والكبت هو الإخزاء والإغاظة. وقوله "لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" (ال عمران 129) معترضة، وفائدتها بيان أن الأمر في القطع والكبت لله ، وليس للنبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله فيه صنع حتى يمدحوه ويستحسنوا تدبيره إذا ظفروا على عدوهم ونالوا منه، ويلوموه ويوبخوه إذا دارت الدائرة عليهم ويهنوا ويحزنوا كما كان ذلك منهم يوم أحد على ما حكاه الله تعالى. وقوله "أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ" (ال عمران 128) معطوف على قوله "لِيَقْطَعَ"، والكلام متصل ، وقوله "وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" (ال عمران 129)، بيان لرجوع أمر التوبة والمغفرة إلى الله تعالى، والمعنى: أن هذا التدبير المتقن منه تعالى إنما هو ليقطع طرفا من المشركين بالقتل والأسر أو ليخزيهم ويخيبهم في سعيهم أو ليتوب عليهم أو ليعذبهم، أما القطع والكبت فلأن الأمر إليه لا إليك حتى تمدح أو تذم، وأما التوبة والعذاب فلأن الله هو المالك لكل شيء فيغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، ومع ذلك فإن مغفرته ورحمته تسبقان عذابه وغضبه فهو الغفور الرحيم.

جاء في موقع المرجع عن النبي صلّى الله عليه وآله يستشير في أمر الحرب: ولما بلغ المسلمين كثرة المشركين، خافوا ، وتضرعوا إلى الله وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: لما نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى كثرة المشركين ، وقلة المسلمين ، استقبل القبلة ، وقال: (اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض)، فنزلت الآية: "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ" (الانفال 9-10). فالإمداد بالملائكة إذا، ليس إلا للتطمين، وإعطاء توهج روحي للمسلمين، الذين يحسون بالضعف، ويستغيثون ربهم، حسب مدلول الآية الشريفة. ثم ألقى الله النعاس على المسلمين، فناموا، وقد ذكر الله سبحانه ذلك ، وإرسال المطر عليهم، فقال: "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ" (الانفال 11). وقد يقال: إن الله سبحانه قد أخبر في السور المكية، كسورة محمد صلى الله عليه وآله بعد ذكره الذين تحزبوا ضد أنبيائهم، وثمود، وفرعون، عن أن هناك حادثة شبيهة لما جرى لتلك الفئات، ستقع للمسلمين، فقال: "جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ" (ص 11)، فكان ذلك وقعة بدر، كما قاله البعض. ونزل في علي، وحمزة، وعبيدة أيضا قوله تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ" (الاحزاب 23).

قال الدكتور أمين بن عبدالله الشقاوي في صحيفة تواصل: إنه وردت نصوص كثيرة تبين فضل غزوة بدر وأهل بدر من الْقُرْآن وَالسُّنَّة، ومن ذلك تسمية الله لها بيوم الفرقان، قَالَ تعالى: "وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فأنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير" (الانفال 41). ومنها: نَصر الله تعالى لهم بالرعب، قَالَ تعالى: "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان" (الانفال 12). ومنها: إمداد الله تعالى لهم بالملائكة، قَالَ تعالى: "وَلَقَدْ نَصَّرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين" (ال عمران 123-125) ومنها: إخباره تعالى عن نَتِيجَة المعركة قبل بدئها، وذلك بالنصر للمؤمنين على الكافرين، قَالَ تعالى: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِين * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُون" (الانفال 7-8).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك