الدكتور فاضل حسن شريف
عن کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: وفي الدر المنثور، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه والحاكم وصححه من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرا" (ابراهيم 28) قال: هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. أقول: وهو مروي عن عمر كما يأتي. وفيه، أخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمر بن الخطاب في قوله "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً" (ابراهيم 28) قال: هما الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية ، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. وفيه، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس: أنه قال لعمر: يا أمير المؤمنين هذه الآية "الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً" (ابراهيم 28) قال: هم الأفجران من قريش أخوالي وأعمامك ـ فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين. وفي تفسير العياشي، عن ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا" (ابراهيم 28) الآية قال: تلك قريش بدلوا نعمة الله كفرا وكذبوا نبيه يوم بدر. أقول: واختلاف التطبيق في كلامه عليهالسلام من الشاهد على أنه من باب بيان انطباق الآية لا من قبيل سبب النزول.
تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع الدكتور عصام مسلم عن دروس من غزوة بدر الكبرى: فإن لله أيامًا تكون مَعالمَ بارزة في تاريخ البشرية، ولله وقائعُ وأحداثٌ تكون منعطَفاتٍ في مجرى التاريخ البشري، ومن هذه الأيام يومُ بدر، ومن هذه الأحداث غزوة بدر. سمَّاه الله سبحانه وتعالى: يومَ الفرقان، يقول عزَّ مِن قائل: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير" (الانفال41). إن الشيء يأخذ أهميةً زائدة، وقيمة عظيمة إذا جاء في وقته المناسب، فالجهاد والإنفاق في سبيل الله لإعلاء كلمة الله قبل فتح مكة حيث كانت الدولةُ الإسلامية مستضعفةً، والمسلمون قلة، والحاجة إلى المال ماسة، فالجهاد والإنفاق في هذا الوقت أفضل وأعظم أجرًا مِن بعدِ الفتح؛ حيث جاء نصرُ الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، يقول عز من قائل: "لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (الحديد 10). إن بدرًا كانت أول معركة تلتقي فيها فئة قليلة مؤمنة مع كثرة مشركة، كانت كلُّ عوامل النصر والمظاهر المادية والأسباب الظاهرة ترشِّح الكثرة للفوز والانتصار، وكل الأسباب الظاهرية تقول بهزيمة القلة، حتى قال بعض المنافقين عن الفئة المؤمنة: "غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ" (الانفال 49) لقد كانوا يرون أن الفئة المؤمنة تُلقي بنفسها في التهلكة، وأنها مُقدمة على الانتحار. فكانت بدرٌ قلبًا لهذه المفاهيم مفاهيم النصر والهزيمة، "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة 249). تحت راية إبليسَ أبو جهل وهو يحرِّض المشركين على القتال، يقول: يا معشر الناس، لا يهولنَّكم خِذلانُ سُراقة إياكم؛ فإنه كان على ميعاد مع محمد، لا يهولنَّكم قتلُ عتبة وشيبة ابني ربيعة، فإنهم قد عجلوا، فواللات والعزَّى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال، فلا ألفِيَنَّ رجلاً قتل رجلاً منهم، ولكن خُذوهم أخذًا؛ حتى تعرِّفوهم سوء صنيعهم من مُفارقتهم إياكم، ورغبتهم عن اللات والعزى. أما الجند الآخر فربُّ العالمين يرعاهم، "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (الانفال 12-13). معركةٌ على رأسها إبليس وأبو جهل من طرَف، وجبريلُ ومحمد عليهما السلام من طرف آخر، هل يمكن أن يكون في الوجود كلِّه أخطرُ منها وأهم؟ ومما يشير إلى مدى خِزي إبليس واندِحاره ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما رؤي الشيطانُ يومًا أصغرَ ولا أدحرَ ولا أحقرَ ولا أغيظَ منه يومَ عرفة، وما ذاك إلا لِمَا يَرى فيه من تنزُّل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رآه يومَ بدر، فإنه رأى جبريلَ عليه السلام يَزَعُ الملائكة).
والمنافقون الجدد لا يمثلون النبي المنزل عليه القرآن صلى الله عليه واله وسلم، بل هؤلاء احفاد هند بنت عتبة، زوجة أبي سفيان وأم معاوية و هي أشهر النسوة اللواتي حاربن النبي محمد ورسالته واشتركن مع كفار قريش في غزواتهم كمعركتي بدر وأحد. كما كانت أشد المحرضين للقرشيين على قتال المسلمين في معركة أحد، وكانت فرحة بمقتل حمزة عم الرسول منشدة: نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفارق. فاحفاد هند الان يبقرون صدور قتلاهم ويسبون النساء كما فعل يزيد بن معاوية مع نساء ال بيت النبي بعد معركة الطف، والاسلام بطوائفه منهم براء.
https://telegram.me/buratha