الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ينقل أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة بسنده عن سعيد بن جبير عن عامر: لما نزلت: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى" (الشورى 23) قالوا: يا رسول اللّه و من قرابتك؟ من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال (علي و فاطمة و ابناهما عليهم السلام، و قالها ثلاثا). ورد في مستدرك الصحيحين أن الإمام علي بن الحسين عليه السّلام قال: عند استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السّلام، وقف الحسن بن علي عليه السّلام يخطب في الناس، و كان ممّا قال: إنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك و تعالى لنبيّه: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً" (الشورى 23) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. ينقل العلّامة الطبرسي عن (شواهد التنزيل) للحاكم الحسكاني، الذي هو من المفسّرين و المحدثين المعروفين لأهل السنة، عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الإسلام صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال: (إن اللّه خلق الأنبياء من أشجار شتى، و أنا و علي من شجرة واحدة، فأنا أصلها، و علي فرعها، و فاطمة لقاحها، و الحسن و الحسين ثمارها، و أشياعنا أوراقها حتى قال لو أن عبدا عبد اللّه بين الصفا و المروة ألف عام، ثمّ ألف عام، ثمّ ألف عام، حتى يصير كالشن البالي، ثمّ لم يدرك محبتنا كبه اللّه على منخريه في النّار، ثمّ تلا: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى" (الشورى 23). قوله تعالى "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61) جاء في كتاب غاية المرام عن صحيح مسلم في باب فضائل علي بن أبي طالب أنّ معاوية قال يوما لسعد بن أبي وقاص: لم لا تسبّ أبا تراب علي عليه السّلام؟ فقال: تركت سبّه منذ أن تذكرت الأشياء الثلاثة التي قالها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في حقّ علي عليه السّلام و أحدها عند ما نزلت آية المباهلة لم يدع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم سوى فاطمة و الحسن و الحسين و علي، و قال: اللهمّ هؤلاء أهلي. صاحب الكشّاف و هو من كبار علماء أهل السنّة، يذهب إلى أنّ هذه الآية أقوى دليل على فضيلة أهل الكساء. يتّفق المفسّرون و المحدّثون و المؤرّخون الشيعة أيضا أنّ هذه الآية قد نزلت في أهل البيت، و قد أورد صاحب تفسير نور الثقلين روايات كثيرة بهذا الشأن. من ذلك أيضا ما جاء في كتاب عيون أخبار الرضا عن المجلس الذي عقده المأمون في قصره للبحث العلمي. و جاء فيه عن الإمام الرضا عليه السّلام قوله: ميّز اللّه الطاهرين من خلقه، فأمر نبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بالمباهلة بهم في آية الابتهال. فقال عزّ و جلّ: يا محمّد "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ " (ال عمران 61) الآية. فأبرز النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات اللّه عليهم.
جاء في مجلة المصطفى عن وحدة الجماعة ضرورة اسلامية للشيخ احمد الوائلي: التفسير الصحيح لهذه الكلمات هو أنها الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه بها، وهي أنه عليه السلام قال: (يا رب، أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت علي). يقول الإمام: "فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم" (البقرة 37). فقال المفضّل: يابن رسول الله، فما يعني عزّ وجلّ بقوله: "فَأَتَمَّهُنَّ" قال: (يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماماً؛ تسعة من ولد الحسين). فقال المفضل: يابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز وجل: "وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ" (الزخرف 28). قال: (يعني بذلك الإمامة). وهذا التوجه عند هؤلاء المفسرين يذكرني بنكتة طريفة حصلت للحجاج إبان ولايته على العراق، فقد اُتي بسفط قد أصيب في بعض خزائن كسرى، مقفل، فأمر بالقفل فكسر، فإذا فيه سفط آخر مقفل، فقال الحجاج: من يشتري مني هذا السفط بما فيه؟ فتزايد فيه أصحابه، حتى بلغ خمسة آلاف دينار، فأخذه الحجاج ونظر فيه فقال: ما عسى أن يكون فيه إلّا حماقة من الحماقات. ثم أنفذ البيع وعزم على المشتري أن يفتحه ويريه ما فيه، ففتحه بين يديه، فإذا فيه رقعة مكتوب فيها: من أراد أن تطول لحيته فليمشطها من أسفل. وهذه الحادثة على بساطتها تترجم لنا واقع الكثير الكثير من أبناء المجتمع الإسلامي الذين وإن وضعتهم في عشرة أسفاط لكنهم حينما يوضعون على محك الاختبار فإنهم تجدهم من هذا النوع من العبارات غير الحكمية ليست ذات الجدوى، والذي أشارت إليه هذه الحادثة دون أن يزدادوا ويزيدوا في العلم أو المعرفة خردلة واحدة. أن الله سبحانه وتعالى يأبى "إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (التوبة 32)، وأن القرآن إنما هو عطاء الله تبارك وتعالى للإنسانية.
جاء في کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: وهذا أعظم ثلمة انثلم بها علم القرآن وطريق التفكر الذي يندب إليه. ومن الشاهد على هذا الإعراض قلة الأحاديث المنقولة عنهم عليه السلام فإنك إذا تأملت ما عليه علم الحديث في عهد الخلفاء من المكانة والكرامة، وما كان عليه الناس من الولع والحرص الشديد على أخذه ثم أحصيت ما نقل في ذلك عن علي والحسن والحسين، وخاصة ما نقل من ذلك في تفسير القرآن لرأيت عجبا: أما الصحابة فلم ينقلوا عن علي عليه السلام شيئا يذكر، وأما التابعون فلا يبلغ ما نقلوا عنه إن أحصي مائة رواية في تمام القرآن وأما الحسن عليه السلام فلعل المنقول عنه لا يبلغ عشرا، وأما الحسين فلم ينقل عنه شيء يذكر، وقد أنهى بعضهم الروايات الواردة في التفسير إلى سبعة عشر ألف حديث من طريق الجمهور وحده، وهذه النسبة موجودة في روايات الفقه أيضا. فهل هذا لأنهم هجروا أهل البيت وأعرضوا عن حديثهم؟ أو لأنهم أخذوا عنهم وأكثروا ثم أخفيت ونسيت في الدولة الأموية لانحراف الأمويين عنهم؟ ما أدري. غير أن عزلة علي وعدم اشتراكه في جمع القرآن أولا وأخيرا وتاريخ حياة الحسن والحسين عليه السلام يؤيد أول الاحتمالين.
https://telegram.me/buratha