الدكتور فاضل حسن شريف
عن جرح الامام علي عليه السلام جاء في كتاب الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي للمؤلف محمد حسين علي الصغير: ومهما يكن من أمر، فقد خرج الإمام لصلاة الصبح وهو ينادي بالمسلمين: الصلاة الصلاة، بما رواه أبو الفرج عن أبي مخنف عن عبد الله بن محمد الأزدي، قال: إني لأصلي في تلك الليلة بالمسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصّلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره ، إذ نظرتُ إلى رجال يصّلون قريباً من السدّة، قياماً وركوعاً لا يسأمون إذ خرج عليهم: علي بن أبي طالب عند الفجر، فأقبل ينادي: الصلاة الصلاة، وبعدها رأيت بريق السيف، وسمعت قائلاً يقول: الحكم لله لا لك ياعلي. ثم رأيت بريق سيف آخر ، وسمعت قائلاً يقول: لا يفوتنكم الرجل، وكان الأشعث بن قيس قال لابن ملجم: النجاء لحاجتك قبل أن يفضحك الفجر. هذه رواية شاهد عيان للحادثة ، وغير هذه الرواية يتفق معها. وقد عقب أبو الفرج على الرواية بقوله (فأما بريق السيف الأول فإنه كان سيف شبيب بن بحران ، وقد ضرب الإمام فأخطأه، ووقعت ضربته في الطاق، وأما بريق السيف الثاني فإنه ابن ملجم ضربه على رأسه، فأثبت الضربة في وسط رأسه). وكان ابن ملجم قد أمهل الإمام في صلاته الركعة الأولى ، وقام الإمام الى الثانية، وأهوى الإمام إلى السجود، وحينما رفع جبهته من السجدة الثانية، أهوى عليه بالسيف، فعممه على رأسه، وبلغت ضربته الدماغ ، وهو يقول (الحكم لله يا علي لا لك » والإمام فيما يروي المؤرخون يقول (فزت ورب الكعبة). وكذلك يروون أن آخر كلام سمع منه قبل أن يموت هو تلاوته لقوله تعالى "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (الزلزلة 7-8).
وعن خاتمة المطاف ونتائج البحث يقول الدكتور محمد حسين الصغير: استخدمنا اسلوب النهج الموضوعي الخالص. قال الله سبحانه وتعالى عن الاخلاص في العمل والدين "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ" (البينة 5). فما رأينا علياً عليه السلام مطيعاً لهوى النفس، ولا سائراً بركاب التأرجح بين الحق والباطل متبعا قوله تعالى "وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 42)، فهو مع الحق والحق معه كما عبر عن ذلك منقذ الانسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال الله تبارك وتعالى "لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" (الانفال 8). وما أدركنا علياً عليه السلام، متمتعاً بنعيم الدنيا كما قال الله عز وجل "الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ" (النساء 74)، و " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ" (النساء 77)، ولا مسرفاً في ملبسه وطعامه "وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الانعام 141)، و "وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الاعراف 31). وأبى أن يسكن في قصر الأمارة، ووصفه بأنه قصر الخِبال. فان الامام علي عليه السلام دخل الكوفة للاصلاح وليس للفساد كما اشار القرآن الكريم عند دخول الملوك السابقة القرى "إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ" (النمل 34). ولقد درسناه وهو يساوي في العطاء بين الناس "لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ" (الحديد 25)، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات 13). ولقد أخذ ولاته وعماله بالشدة والنصح والتأديب، فما حابى أحداً، ولا تهاون مع أحد "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ" (النساء 135)، و "وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ" (النساء 58).
ويقول الاستاذ محمد حسين علي الصغير في ختام كتابه عن الامام علي عليه السلام: ولقد حرب الناكثين "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا " (الفتح 10) والقاسطين "وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا" (الجن 14-15) والمارقين بصلابة وشجاعة في ذات الله، كما حارب بالملحظ نفسه في بدر "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (ال عمران 123) وأحد "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" (ال عمران 142) والأحزاب "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" (الاحزاب 22) وخيبر "وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " (الفتح 20) وذات السلاسل "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا" (العاديات 1-5) ومشاهد رسول الله كلها، قاذفاً بنفسه في لهوات الحرب، مباشراً القتال بسيفيه ورمحيه، وما رأينا قائداً في تأريخ الحروب ينزل ساحة الميدان مقاتلاً سوى أمير المؤمنين عليه السلام. ونشوب معركة حُنين الفاصلة في نتائجها على يد أمير المؤمنين عليه السلام وهو يذود الكتائب، ويحمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعيد النصر للمسلمين "لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ" (التوبة 25).
https://telegram.me/buratha