الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي: مؤامرة قريش في دار الندوة: ضاق الأمر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتراكمت عليه الأحداث بعد خروجه من محنة الحصار في شعب أبي طالب، ولم تكن سوى أيام قلائل حتى توفِّي عمُّه أبو طالب، ناصره ومعينه على أمره، أقبلت قريش المذعورة على إيذائه بشتَّى الأساليب بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله فقد مات أبو طالب، ولم يعد بمكَّة من تهابه قريش وترعى له حرمة. فخرج صلوات الله عليه إلى الطائف ، وهذه أول رحلة قام بها من مكَّة للدعوة إلى الإسلام، فعمد إلى ثقيف يطلب منها النصر، لكنَّها رفضت أن تسمع له، ولم تكتفِ بذلك، بل أرسلت صبيانها يرشقوه بالحجارة، حتى أُدميت قدماه الشريفتان، كما أُصيب علي وزيد بن حارثة ، حيث كانا معه في تلك الرحلة، وعليٌّ يتلقَّى الأحجار بيديه وصدره حتَّى أُثخن بالجراح، فكان رسول الله يقول (ما كنت أرفع قدماً ولا أضعها الا على حجر). وبذلك قرَّروا الرجوع إلى مكَّة؛ فكلابها أهون من وحوش البراري رجع يائساً من ثقيف وأحلافها، واستطاع الدخول إلى مكَّة بإجارة المطعم بن عدي له. وحينما خافت قريش أن يقوى ساعده ويصبح له أنصاراً جدداً، وحذروا من خروجه سيّما بعد أن أذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب اجتمعت في دار الندوة، وتشاوروا في أمره وأعدُّوا العدَّة للقضاء عليه قبل فوات الأوان ، فقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره وقد مات عمُّه. وكان اجتماعهم هذا قبيل شهر ربيع الأول عام 633 م، عام الهجرة، وبعد أن أعطى كلُّ واحد منهم رأيه، قال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كلِّ قبيلة فتىً نسيباً ونعطي كلَّ فتىً منهم سيفاً، ثُمَّ يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه، كي لا يتحمَّل قتله فرد ولا قبيلة وحدها، بل يتفرق دمه في القبائل كلِّها، فلم يقدر آله وعشيرته على حرب قومهم جميعاً ، فيصعب الثأر له فتفرَّقوا على ذلك بعد أن اتَّفقوا على الليلة التي يهاجمونه فيها وهو في فراشه. فأتى جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره بمكيدة قريش وأحلافها ، كما تشير إلى ذلك الآية "وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين" (الانفال 30). ومكر الله في الآية يعني: أنَّه سبحانه قد فوَّت عليهم مكرهم وتخطيطهم بما أخبر به نبيَّه، وبما أمره به من الخروج في تلك الليلة، ومبيت علي عليه السلام على فراشه ليفوّت عليهم تدبيرهم الذي أجمعوا عليه. ولما علم عليٌّ عليه السلام بتخطيط قريش لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكى، ورحَّب بالمبيت في فراشه فداءً له وللإسلام وقال له: (أو تَسْلَم أنت يارسول الله إن فديتك بنفسي)؟ قال له صلى الله عليه وآله وسلم (نعم، بذلك وعدني ربِّي) فانشرح صدره لسلامة أخيه رسول الله. وشاءت الأقدار أن يفتح عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام صفحةً مشرقةً من بطولاته لأنَّه تلميذ الرسالة الحقَّة وربيب رسول الله صلى اللهعليهوآله وسلم، وسليل بني هاشم، وتقدّم مطمئن النفس، رابط الجأش، متَّشحاً ببرد الرسول الحضرمي، ونام ثابت الفؤاد لا يخاف في الله لومة لائم. وكان ذلك سبباً لنجاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحفظ دمه، ولولا فداء أمير المؤمنين نفسه للرسول لما تمَّ تبليغ الرسالة والصدع بأمر الله تعالى. فلمَّا كانت العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه ، وودَّع رسول الله عليَّ ابن أبي طالب عليه السلام، وأمره أن يؤدِّي ما عنده من وديعة وأمانة إلى أهلها ويلحق به.
قال الله تبارك وتعالى "وان يريدوا ان يخدعوك فان حسبك الله هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين" (الانفال 62) عن ابي هريرة في ارجح المطالب قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مكتوب على العرش انا الله لا اله انا وحدي لا شريك لي ومحمد عبدي ورسولي ايدته بعلي بن ابي طالب. واخرجه كذلك الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيعه والعلامة ابو الحسن بن المغازلي الشافعي في مناقبه والحافظ موفق بن احمد الخوارزمي الحنفي في مناقبه والحافظ محب الدين الطبري الشافعي في الرياض النضرة والحافظ ابن حجر الهيثمي الشافعي في مجمع الزوائد والشيخ علاء الدين الهندي الحنفي في كنز العمال والخطيب البغدادي في تأريخ بغداد وغيرهم.
قوله سبحانه وتعالى "يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين" (الانفال 64) روى الخطيب ابو بكر احمد بن علي البغدادي في مناقب الخطيب عن جابر بن عبد الله الانصاري ان رأس المؤمنين هو علي بن ابي طالب. واخرجه ايضا عبيد الله بسمل الهندي في مناقبه ومحمد صالح الكشفي الترمذي الحنفي في مناقبه عن المحدث الحنبلي واخرون.
https://telegram.me/buratha