الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: قوله تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا واصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما" (النساء 15-16). وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الآية الأولى من هاتين الآيتين مختصة بزنا النساء، والعقاب فيها هو الايذاء بالشتم والإهانة وضرب النعال كما جاء عن ابن عباس ذلك وهما في كلا الموردين تشملان البكر والثيب منهما. وقد نسخت كلتا الآيتين بحكم الجلد مائة مرة للبكر من النساء والرجال، كما في قوله تعالى: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ" (النور 2) وبحكم الرجم للمحصن من النساء والرجال، كما ثبت ذلك في السنة النبوية. وقد ناقش السيد الخوئي رحمه الله مبدأ النسخ في هذه الآية، على أساس أن كل واحدة من هذه الآيات تبين حكما يختلف عن الحكم المبين في الآية الأخرى، ولا مانع من الاخذ بهذه الأحكام كلها لاختلاف موضوعاتها.
جاء في علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: تعدد الأسباب والمنزل واحد والعكس: قد يتفق وقوع عدة أشياء في عصر الوحي كلها تتفق في إشارة واحدة وتستدعي نزول القرآن بشأنها، كما إذا تكرر السؤال من النبي مثلا عن مشكلة واحدة، فان كل سؤال يقتضي نزول الوحي بجوابه، ويقال في هذه الحالة إن الأسباب متعددة والمنزل واحد. ومن هذا القبيل ما يروى في أن النبي سئل مرتين عمن وجد مع زوجته رجلا كيف يصنع، سأله عاصم بن عدي مرة، وسأله عويمر مرة أخرى، واتفق في مرة ثالثة أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشريك بن سمحاء، فكانت هذه أسبابا متعددة تستدعي نزول الوحي لتوضيح موقف الزوج من زوجته إذا اطلع على خيانتها، وما إذا كان من الجائز له أن يقذفها ويتهمها بدون بينة أو لا يجوز له ذلك الا ببينة، فان اتهم بدون بينة استحق حد القذف، كما هو شأن غير الزوج إذا قذف امرأة أخرى، ولأجل ذلك نزل قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ" (النور 6) فكان السبب متعددا والمنزل واحد. وفي حالة تعدد السبب قد يوجد فاصل زمني كبير بين أحد السببين والاخر، فيؤدي السبب الأول إلى نزول الآية فعلا، ثم يتجدد نزولها حينما يوجد السبب الثاني بعد ذلك بمدة، فيكون السبب متعددا والنزول متعددا وان كانت الآية النازلة في المرتين واحدة. ويقال: إن سورة الاخلاص من هذا القبيل إذ نزلت مرتين، إحداهما: بمكة جوابا للمشكرين من أهلها، والاخرى بالمدينة جوابا لأهل الكتاب الذين جاورهم النبي صلى الله عليه وآله بعد الهجرة.
ن السيد محمد باقر الحكيم قدس سره في صفحة دراسات بوكالة براثا للانباء في دراسة معمقة في نظام الشعائر و العبادات في الاسلام: في بعض الشعائر التي اقرها أو وظَّفها القرآن الكريم، أو المفاهيم التي ثبتها لجزء من معالم الرسالة الاسلامية. و كذلك في السيرة النبوية المباركة. و نشير هنا إلى بعض هذه المعالم منها فقد روى الكليني بسند معتبر عن ابي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال: (إن ابراهيم عليه السلام لما خلف اسماعيل بمكة عطش الصبيّ، فكان فيما بين الصفا و المروة شجر فخرجت أمه حتى قامت على الصّفا فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم يجبها أحد، فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم تجب، ثم رجعت إلى الصفا و قالت ذلك حتى صنعت ذلك سبعاً ، فأجرى اللّه ذلك سنّة ). ما ورد في تمجيد و تعظيم المسجد الاقصى لانه القبلة الاولى و محل عبادة الانبياء السابقين، و مسرى و معراج رسول اللّه صلى الله عليه و آله كما اشار إليه القرآن الكريم. ما أجمع عليه المسلمون من احترام مسجد قبا ، حيث كان المسجد الذي بني على التقوى من أول يوم كما اشار القرآن الكريم، و لانه كان الموضع الذي صلى فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله عند قدومه للمدينة قبل أن يدخلها. و سوف يأتي الحديث عنه. السابع: ما ثبته القرآن الكريم من مفهوم البيوت التي اذن اللّه تعالى أن ترفع و يذكر فيها أسمه، و هي تلك البيوت التي يسكنها الصالحون من الناس كما في قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ" (النور 36-37).
جاء في كتاب علوم القرآن عن مفاهيم حول الاستخلاف للسيد محمد باقر الحكيم: مفاهيم حول الاستخلاف: الأسماء: ما هي هذه الأسماء؟ وبعد هذا كله نجدهم يختلفون في حقيقة هذه المسميات والمراد منها في الآية الكريمة: فالعلامة الطباطبائي يراها كما في النص السابق موجودات احياء عقلاء، كما في حكاية الطبري عن الربيع بن زيد انهما قالا: علمه الله أسماء ذريته وأسماء الملائكة. ولكن الشيخ الطوسي يناقش فكرة الاعتماد على الضمير بقوله: (وهذا غلط لما بيناه من التغليب وحسنه، كما قال تعالى: "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ" (النور 45)). والشيخ محمد عبدة يرى أنها تعني: جميع الأشياء وجميع ما يتعلق بعمارة الدين والدنيا من غير تحديد ولا تعيين ولعل هذا الاتجاه هو الذي يظهر من كلام الشيخ الطوسي والرازي في تفسيرهما، وحكاه الطبرسي هم ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعليه أكثر المتأخرين. وهذا الرأي هو الصحيح الذي ينسجم مع واقع الانسان من ناحية وصحة التمييز به والفضل على الملائكة لأنه يعبر عن خط التكامل الذي يمكن أن يسير به الانسان ويمتاز به على جميع المخلوقات.
https://telegram.me/buratha