الدكتور فاضل حسن شريف
ورد أعوذ ومشتقاتها في القرآن الكريم: أَعُوذُ، أُعِيذُهَا، فَاسْتَعِذْ، مَعَاذَ، وَأَعُوذُ، عُذْتُ، يَعُوذُونَ. جاء في معاني القرآن الكريم: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. يقال: عاذ فلان بفلان، ومنه قوله تعالى: "أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ" ﴿البقرة 67﴾، "وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ" ﴿الدخان 20﴾، "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" ﴿الفلق 1﴾، "إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ" (مريم 18). وأعذته بالله أعيذه. قال: "إِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ" (ال عمران 36)، وقوله: "مَعَاذَ اللَّهِ" (يوسف 79)، أي: نلتجئ إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك، فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطيه. والعوذة: ما يعاذ به من الشيء، ومنه قيل: للتميمة والرقية: عوذة، وعوذه: إذا وقاه، وكل أنثى وضعت فهي عائذ إلى سبعة أيام.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: واستأنف نوح عليه السلام بكلام آخر صورته صورة التوبة وحقيقته الشكر لما أنعم الله بهذا الأدب الذي هو من النعمة فقال "رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ" (هود 47) فاستعاذ إلى ربه مما كان من طبع كلامه أن يسوقه إليه وهو سؤال نجاة ابنه ولا علم له بحقيقة حاله. ومن الدليل على أنه لم يقع منه سؤال بعد هو قوله "أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَك" (هود 47) ولم يقل: أعوذ بك من سؤال ما ليس لي به علم، لتدل إضافة المصدر إلى فاعله وقوع الفعل منه. وفي الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية "قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ" (الانعام 65) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعوذ بوجهك "أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ" (الانعام 65) قال: أعوذ بوجهك "أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ" (الانعام 65) قال: هذا أهون أو أيسر: أقول: وروي أيضا ما يقرب منه عن ابن مردويه عن جابر.
من أركان الاستعاذة التقوى "كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" (الصف 3) عليك بفعل ما تقول فأن تقول قولا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولكن تفعل ما يريده الشيطان فهذا كذب على الله جل جلاله. فما عليك الا ان تهرب من الذنوب حتى تسمى متقي "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ" (الاعراف 201) وكما ورد للقلب اذنان احدهما لله والآخر للشيطان. ومن أركان الاستعاذة تجنب الاكل الحرام فالله تعالى لا يقبل لجوء انسان يأكل الحرام ليصبح لسانه وقلبه مكان للشيطان "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ" (البقرة 168). ولقمة الحرام لها عدة دلالات منها الاكل من المال غير المخمس او يعمل في مطعم يقدم الخمر. لذلك عليك الابتعاد عن الشبهات والمكروهات "بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم" (المطففين 14). ومن المستحبات الوضوء وكما ورد ان المتوضئين جباههم منيرة يوم القيامة. قال الامام الصادق عليه السلام (من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب).
جاء في المكتبة الشيعية عن تفسير الامام العسكري المنسوب للامام عليه السلام: قال الحسن أبو محمد الإمام عليه السلام: أما قوله الذي ندبك الله إليه، وأمرك به عند قراءة القرآن: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) فان أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن قوله: أعوذ بالله أي أمتنع بالله، السميع لمقال الأخيار والأشرار ولكل المسموعات من الاعلان والاسرار العليم بأفعال الأبرار والفجار، وبكل شئ مما كان وما يكون ومالا يكون أن لو كان كيف كان يكون من الشيطان الرجيم، والشيطان هو البعيد من كل خير الرجيم المرجوم باللعن، المطرود من بقاع الخير والاستعاذة هي مما قد أمر الله به عباده عند قراءتهم القرآن، فقال: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" (النحل 98-100). ومن تأدب بأدب الله عز وجل أداه إلى الفلاح الدائم، ومن استوصى بوصية الله كان له خير الدارين.
https://telegram.me/buratha