الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة قال الله سبحانه وتعالى عن كلمة وقع ومشتقاتها "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" ﴿النساء 100﴾ وقع فعل، وَقع: وجب و ثبت، فالوقوع: ثبوتُ الشيء و استقراره، ومن يخرج من بيته قاصدًا نصرة دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإعلاء كلمة الله، ثم يدركه الموت قبل بلوغه مقصده، فقد ثبت له جزاء عمله على الله، فضلا منه وإحسانًا، وكان الله غفورًا رحيمًا بعباده، و "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ" ﴿المائدة 91﴾ يوقع فعل، يوقع اي يريد، إنما يريد الشيطان بتزيين الآثام لكم أن يُلقِي بينكم ما يوجد العداوة والبغضاء، بسبب شرب الخمر ولعب الميسر، ويصرفكم عن ذكر الله وعن الصلاة بغياب العقل في شرب الخمر، والاشتغال باللهو في لعب الميسر، فانتهوا عن ذلك، و "قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" ﴿الأعراف 71﴾ قال قد وقع: وجب أو حل، قال هود لقومه: قد حلَّ بكم عذاب وغضب من ربكم جل وعلا أتجادلونني في هذه الأصنام التي سميتموها آلهة أنتم وآباؤكم؟ و "فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿الأعراف 118﴾ فَوَقَعَ: فَ حرف استئنافية، وَقَعَ فعل، فوقع الحقّ: ظهر و تبيّن أمر موسى عليه السّلام، فوقع الحق: ثبت وظهر، فظهر الحق واستبان لمن شهده وحضره في أمر موسى عليه السلام، وأنه رسول الله يدعو إلى الحق، وبطل الكذب الذي كانوا يعملونه.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: والروايات كما ترى صريحة في دلالتها على أن الآيات كانت مرتبة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسب ترتيب النزول فكانت المكيات في السورة المكية والمدنيات في سورة مدنية اللهم إلا أن يفرض سورة نزل بعضها بمكة وبعضها بالمدينة ولا يتحقق هذا الفرض الا في سورة واحدة. ولازم ذلك أن يكون ما نشاهده من اختلاف مواضع الآيات مستندا إلى اجتهاد من الصحابة. توضيح ذلك أن هناك ما لا يحصى من روايات أسباب النزول يدل على كون آيات كثيرة في السور المدنية نازلة بمكة وبالعكس وعلى كون آيات من القرآن نازلة مثلا في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهى واقعة في سور نازلة في أوائل الهجرة وقد نزلت بين الوقتين سور أخرى كثيرة وذلك كسورة البقرة التي نزلت في السنة الأولى من الهجرة وفيها آيات الربا وقد وردت الروايات على انها من آخر ما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى ورد عن عمر انه قال مات رسول الله ولم يبين لنا آيات الربا وفيها قوله تعالى: " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " (البقرة 281) وقد ورد انها آخر ما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فهذه الآيات النازلة مفرقة الموضوعة في سور لا تجانسها في المكية والمدنية موضوعة في غير موضعها بحسب ترتيب النزول وليس الا عن اجتهاد من الصحابة.
قوله تعالى "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" (الواقعة 10) الاية مذكورة في روايات مختلفة منها رواية ابن عباس بحق علي بن ابي طالب عليه السلام. عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام لقي الله عز وجل ووجهه كالقمر ليلة البدر. وعن الصادق عليه السلام قال: من اشتاق إلى الجنة وإلى صفتها فليقرأ الواقعة. ورد هناك أوقات يفضل فيها قراءة الواقعة هي صلاة قيام الليل وكذلك بعد صلاة الفجر إلى وقت الشروق، كما كان يقرأها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة الفجر، ومن المحبب قراءتها يوم الجمعة.
عن الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن سورة الواقعة: سورة الواقعة، هي السورة السادسة والخمسون ضمن الجزء السابع والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من الآية الأولى فيها، والمراد منها واقعة القيامة، وتتحدث عن بداية ظهور القيامة والحوادث المقترنة بها، وعن تقسيم الناس إلى ثلاث طوائف، هم أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والمقربين، كما تصف حالة الاحتضار والانتقال إلى العالم الأخروي، وعن جزاء المؤمنين وعقاب الكافرين يوم القيامة. وجاء في كتب التفسير أقوال كثيرة حول معنى السابقون، منها: هم الذين سبقوا بالإيمان، وأفضلهم علي عليه السلام لسبقه الإيمان بالنبي صلی الله عليه وآله وسلم. ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رويَ عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً. تسميتها وآياتها سُميت السورة بالواقعة؛ لبدايتها بذكر الواقعة في الآية الأولى بقوله تعالى: "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" (الواقعة 1) ومعنى الواقعة: حدوثها، وهي صفة توصف بها كل حادثة، والمراد بها هنا واقعة القيامة، فسُميت بذلك لتحقق وقوع القيامة لا محالة، كأنها واقعة في نفسها، وآياتها (96)، تتألف من (370) كلمة في (1756) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة. ترتيب نزولها: سورة الواقعة من السور المكية، ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (48)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء السابع والعشرين بالتسلسل (56) من سور القرآن.
https://telegram.me/buratha