الصفحة الإسلامية

تسمية سور القرآن الكريم (56 سورة الواقعة) (ح 4)


الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقات السابقة قال الله سبحانه وتعالى عن كلمة وقع ومشتقاتها: "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" ﴿النمل 82﴾ وإذا وجب العذاب عليهم؛ لتماديهم في المعاصي والطغيان، وإعراضهم عن شرع الله وحكمه، حتى صاروا من شرار خلقه، أخرجنا لهم من الأرض في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى، وهي الدابة، تحدثهم أن الناس المنكرين للبعث كانوا بالقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم ودينه لا يصدقون ولا يعملون، و "وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ" ﴿النمل 85﴾ وَوَقَعَ: وَ حرف عطف، وَقَعَ فعل، وَقَعَ القَوْلُ: دنت الساعة، وحق عليهم العذاب، وإذا وقع القول عليهم: حق العذاب أن ينزل بهم في جملة الكفار،وحقت عليهم كلمة العذاب بسبب ظلمهم وتكذيبهم، فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم ما حلَّ بهم من سوء العذاب، و "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" ﴿ص 72﴾ فَقَعُوا: فَ حرف استئنافية، قَعُ فعل، وا ضمير، ذكر لهم أيها الرسول: حين قال ربك للملائكة: إني خالق بشرًا من طين. فإذا سوَّيت جسده وخلقه ونفخت فيه الروح، فدبت فيه الحياة، فاسجدوا له سجود تحية وإكرام، لا سجود عبادة وتعظيم، فالعبادة لا تكون إلا لله وحده. وقد حرَّم الله في شريعة الإسلام السجود للتحية، و "تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ۗ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ۖ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" ﴿الشورى 22﴾ واقع اسم، وَهُوَ وَاقعٌ بِهِمُ: نازل بهم معذبون به لا محالة، ترى أيها الرسول الكافرين يوم القيامة خائفين من عقاب الله على ما كسبوا في الدنيا من أعمال خبيثة، والعذاب نازل بهم، وهم ذائقوه لا محالة، و "وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ" ﴿الذاريات 6﴾ لَوَاقِعٌ: لَ لام التوكيد، وَاقِعٌ اسم، وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِع: الجزاء بالأعمال والقصاص واقع لا محالة، لواقع: لحاصل أو لكائن، إن الذي توعدون به أيها الناس من البعث والحساب لكائن حق يقين، وإن الحساب والثواب على الأعمال لكائن لا محالة، و "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ" ﴿الطور 7﴾ لَوَاقِعٌ: لَ لام التوكيد، وَاقِعٌ اسم، إن عذاب ربك لواقع: لنازل بمستحقه، إن عذاب ربك أيها الرسول بالكفار لَواقع، ليس له مِن مانع يمنعه حين وقوعه، يوم تتحرك السماء فيختلُّ نظامها وتضطرب أجزاؤها، وذلك عند نهاية الحياة الدنيا، وتزول الجبال عن أماكنها، وتسير كسير السحاب.

قال الصادق عليه السلام عن سورة الواقعة: إن فيها من المنافع مالايحصى فإن ُقُرئت على الميت غفر الله له وان قُرئت على من قرب اجله عند موته سهل الله عليه خروج روحه بمشيئة الله تعالى . وعن الامام الصادق عليه السلام قال: (من قراء في كلِّ ليلة جمعة الواقعة أحبَّه الله وأحبَّه إلى الناس أجمعين، ولم يرَ في الدُّنيا بؤساً أبداً ولا فقراً ولا فاقةً ولا آفةً من آفات الدنيا، وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه السورة لأمير المؤمنين عليه السلام خاصَّة لم يشركه فيها أحد).

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6) وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (7) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)" (الواقعة 1-10) بحث روائي: في الخصال، عن الزهري قال : سمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، والله ما الدنيا والآخرة إلا ككفتي ميزان فأيهما رجح ذهب بالآخر ثم تلا قوله عز وجل "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ" (الواقعة 1) يعني القيامة "لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ * خافِضَةٌ" (الواقعة 2-3) خفضت والله بأعداء الله في النار "رافِعَةٌ" (الواقعة 3) رفعت والله أولياء الله إلى الجنة. وفي تفسير القمي "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ" (الواقعة 1-2) قال : القيامة هي حق ، وقوله "خافِضَةٌ" قال: بأعداء الله "رافِعَةٌ" (الواقعة) لأولياء الله "إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا" (الواقعة 4) قال: يدق بعضها على بعض "وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا" قال: قلعت الجبال قلعا "فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا" قال: الهباء الذي في الكوة من شعاع الشمس.

وعن الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم‌ السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن سورة الواقعة: معاني مفرداتها: أهم المعاني لمفردات السورة: (الْوَاقِعَةُ): القيامة. (بُسَّتِ): فُتّت. (مُّنبَثًّا): متفرقاً. (الْمَشْأَمَةِ): ناحية الشمال. (مَّوْضُونَةٍ): الوضن: نسج لكل شيء مُحكم. (سِدْرٍ مَّخْضُودٍ): السدر: شجر النبق، والمخضود: المقطوع، وخضد شوكه، أي: قُطع. (طَلْحٍ مَّنضُودٍ): الطلح: شجر الموز، والمنضود: متراكم بعضه فوق بعض. (عُرُبًا أَتْرَابًا): العُرُب: جمع عروب، وهي المتحببة إلى زوجها، والأتراب: جمع تُرب، وهي أمثال أزواجهن في السن. (الْحِنثِ): الذنب، وقيل: هو نقض العهد. (لَمُغْرَمُونَ): المغرم هو الذي ذهب ماله بدون عِوض. (أُجَاجًا): شديد الملوحة لا يصلح للشرب. (مُّدْهِنُونَ): من الأدهان، ومنها سُميت المداراة مداهنة، وأُطلقت على من لم يتشدد ولم يتصلب. محتواها: يتلخّص محتوى السورة في خمسة أقسام: الأول: بداية ظهور القيامة والحوادث المرعبة المقترنة بها. الثاني: تقسيم أنواع الناس في ذلك اليوم إلى ثلاث طوائف: أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، والمقربين. الثالث: بيان أدلة مختلفة حول مسألة المعاد من خلال بيان قدرة الله عز وجل. الرابع: وصف حالة الاحتضار والانتقال من هذا العالم إلى العالم الأخروي، والتي تعتبر من مقدمات يوم القيامة. الخامس: نظرة إجمالية حول جزاء المؤمنين وعقاب الكافرين. المقصود من السابقون: جاء في كتب التفسير أقوال كثيرة في مفهوم السابقين، ومصاديقه، منها: هم السابقون بالخيرات من الأعمال، وإذا سبقوا بالخيرات سبقوا إلى المغفرة والرحمة. هم الذين يؤمنون بالله وحده لا شريك له، وباليوم الآخر، ولا يتوانون عن طاعته خوفاً من غضبه وعذابه. هم الذين سبقوا غيرهم بالإيمان، وأعمال الخير والأخلاق والإخلاص. فهم أُسوة وقدوة وقادة للناس. قيل: إنهم الأنبياء عليهم السلام لأنهم مقدموا أهل الأديان، وقيل: هم مؤمن آل فرعون وحبيب النجار المذكور في سورة يس، وقيل: ابن آدم المقتول هابيل، وعلي عليه السلام السابق بالإيمان بالنبي صلی الله عليه وآله وسلم وهو أفضلهم، وقيل: هم السابقون إلى الهجرة، وقيل: هم السابقون إلى الصلوات الخمس، وقيل: هم الذين صلوا إلى القبلتين، وقيل: هم السابقون إلى الجهاد، وقيل غير ذلك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك