الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقتين السابقتين جاء عدد من أسماء الله الحسنى في آيات قرآنية كما في سورة المائدة "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (المائدة 13)، و "وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (المائدة 42)، و "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (المائدة 93)، و "وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ" (المائدة 95)، و "قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ" (المائدة 109)، و "قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" (المائدة 114)، و "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)" (المائدة 116-118).
جاء الرحيم بعد احد اسماء الله الحسنى في ايات القرآن ومنها "الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ" (الفاتحة 1) (الفاتحة 3) (البقرة 163) (النمل 30) (فصلت 2) (الحشر 22). "التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة 37) (البقرة 54) (البقرة 128) (البقرة 160) (التوبة 104) (التوبة 118). "الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (يونس 107) (يوسف 98) (الحجر 49). وبما ان الانسب عند بداية قراءة القرآن باثنين من اسماء الله الحسنى وهما الرحمن الرحيم وليس اسم واحد الرحيم فان الانسب ذكر اسمين من اسماء الله العظمى عند الانتهاء من القراءة وهما العلي العظيم وليس اسم واحد العظيم. وردت كلمة العظيم بعد اسم الجلالة "إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ" ﴿الحاقة 33﴾ الْعَظِيمِ: الْ اداة تعريف، عَظِيمِ صفة، يقال لخزنة جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم، فاجمعوا يديه إلى عنقه بالأغلال، ثم أدخلوه الجحيم ليقاسي حرها، ثم في سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعًا فأدخلوه فيها، إنه كان لا يصدِّق بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، ولا يعمل بهديه، ولا يحث الناس في الدنيا على إطعام أهل الحاجة من المساكين وغيرهم.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: وفي البصائر، بإسناده عن الباقر عليه السلام قال: إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا، وإنما عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض فيما بينه وبين سرير بلقيس ثم تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وفيه ، أيضا بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال: إن الله عز وجل جعل اسمه الأعظم على ثلاث وسبعون حرفا فأعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفا ـ وأعطى نوحا منها خمسة وعشرين حرفا ، وأعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف ، وأعطى موسى منها أربعة أحرف، وأعطى عيسى منها حرفين ـ وكان يحيي بهما الموتى ويبرئ بهما الأكمه والأبرص، وأعطى محمدا صلىاللهعليهوآله اثنين وسبعين حرفا، واحتجب حرفا لئلا يعلم ما في نفسه ـ ويعلم ما في نفس غيره. أقول: وفي مساق الروايتين بعض روايات أخر، ولا ينبغي أن يرتاب في أن كونه مفرقا إلى ثلاث وسبعين حرفا أو مؤلفا من حروف لا يستلزم كونه بحقيقة مؤلفا من حروف الهجاء كما تقدمت الإشارة إليه، وفي الروايتين دلالة على ذلك فإنه يعد الاسم وهو واحد ثم يفرق حروفه بين الأنبياء ويستثني واحدا، ولو كان من قبيل الأسماء اللفظية الدالة بمجموع حروفه على معنى واحد لم ينفع أحدا منهم عليهالسلام ما أعطيه شيئا البتة.
في الكافي: 1 / 143 ، عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا" (الاعراف 180)، قال: نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا. في توحيد الصدوق / 107، عن الصادق عن آبائه عليهم السلام: (مرَّ النبي صلى الله عليه و آله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو ، فقال له رسول الله : غُضَّ بصرك فإنك لن تراه. ومرَّ النبي صلى الله عليه و آله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو ، فقال رسول الله : أقصر من يديك فإنك لن تناله). وفي الكافي: 1 / 93، عن الصادق عليه السلام قال: (إن يهودياً يقال له سبحت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: يا رسول الله جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه وإلا رجعت؟ قال: سل عما شئت. قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان، وليس في شئ من المكان المحدود. قال : وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه. قال : فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك ، إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا سبحت إنه رسول الله فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله).
عن موقع الشيعة: المبحث الأوّل: معنى الاسم :الاسم كلمة تدلّ على معنى تام غير مقيّد بزمان. والأسماء: ألفاظ حاكية عن مسمّاها الخارجي.أقسام الاسم: يؤخذ الاسم من عدّة جهات، منها: 1- يؤخذ من الذات بنفسها: كزيد وعمر، ومن قبيل لفظ الجلالة الله. 2- يؤخذ من جزء الذات: كالجسم للإنسان، وهذا القسم محال على الله تعالى; لأنّه ليس له جزء. 3- يؤخذ من وصف الذات (الوصف الإيجابي): وهو الاسم الدال على الذات الموصوفة بصفة إيجابية معيّنة، كلفظ “العالم”، فإنّه اسم يدل على ذات متّصفة بالعلم. 4- يؤخذ من وصف الذات (الوصف السلبي): وهو الاسم الذي يطلق على الذات باعتبار عدم اتّصافها بالصفة السلبية، كلفظ القدّوس، ومعناه الطاهر المنزّه عن كلّ عيب ونقص .5- يؤخذ من مبدأ الفعل الوصف الفعلي: وهو الاسم الذي يطلق على الذات من حيث قيامها ببعض الأفعال، كالخالق والرازق.تقسيم آخر للإسم: 1 ـ اسم محض: الاسم الدال على الذات من غير ملاحظة صفة. 2 ـ اسم صفة: الاسم الدال على الذات باعتبار اتّصافها بصفة معيّنة.الفرق بين الاسم والصفة: 2 ـ في خصوص وجود ذات و صفة : إذا نظرنا إلى الصفة بما هي صفة فسيطلق عليها عنوان “الصفة”.وإذا نظرنا إلى الذات من منطلق تلبّس الصفة بها فسيطلق عليها عنوان الاسم. 2 ـ الصفة تشير إلى معنىً تتلبّس به الذات.“الاسم” يشير إلى الذات باعتبار تلبّسه بإحدى الصفات.فالحياة والعلم صفتان، والحي والعالم اسمان. .3 ـ الصفة لا تكون محمولاً، فلا يقال: الله علم، الله خلق.ولكن الاسم يكون محمولاً، فيقال: الله عالم، الله خالق.المبحث الثاني: الهدف من وجود الاسماء لله تعالى. 1ـ ليعرفه ويدعوه بها.قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام حول اختيار الله الأسماء لنفسه: اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنّه إذا لم يدع باسمه لم يعرف. 2 ـ ليتوسّل بها إلى الله تعالى.قال الإمام محمّد بن علي الجواد عليه السلام (ثمّ خلقها أي: خلق الله الأسماء لتكون وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ويعبدونه).
https://telegram.me/buratha