الدكتور فاضل حسن شريف
ورد في معاني القرآن الكريم عن كلمة أمر: الأمر: الشأن، وجمعه أمور، ومصدر أمرته: إذا كلفته أن يفعل شيئا، وهو لفظ عام للأفعال والأقوال كلها، وعلى ذلك قوله تعالى: "إليه يرجع الأمر كله" (هود 123)، وقال: "قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك، يقولون: لو كان لنا من الأمر شيء" (ال عمران 154)، "أمره إلى الله" (البقرة 275) ويقال للإبداع: أمر، نحو: "ألا له الخلق والأمر" (الاعراف 54)، ويختص ذلك بالله تعالى دون الخلائق وقد حمل على ذلك قوله تعالى: ﴿وأوحى في كل سماء أمرها" (فصلت 12) وعلى ذلك حمل الحكماء قوله: "قل الروح من أمر ربي" (الاسراء 85) أي: من إبداعه، وقوله: ﴿إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون" (النحل 40) فإشارة إلى إبداعه، وعبر عنه بأقصر لفظة، وأبلغ ما يتقدم فيه فيما بيننا بفعل الشيء، وعلى ذلك قوله: "وما أمرنا إلا واحدة" (القمر 50)، فعبر عن سرعة إيجاد بأسرع ما يدركه وهمنا.
عن الميزان في تفسير القرآن: أن الخطأ في مسألة من المسائل لا يستوعب الأُمة بل يكون دائماً فيهم من هو على الحق: إما كلهم أو بعضهم ولو معصوم واحد, فيوافق ما دل من الآيات والروايات على أن دين الإِسلام وملّة الحق لا يرتفع من الأرض, بل هو باق إلى يوم القيامة, قال تعالى: "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين" (الانعام 89)، وقوله: "وجعلها كلمة باقية في عقبه" (الزخرف 28)، وقوله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحجر 9)، وقوله: "وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" (فصلت 41-42)، إلى غير ذلك من الآيات.
جاء في موقع المكتبة الشيعية عن العقيدة الاسلامية على ضوء مدرسة اهل البيت عليهم السلام للشيخ جعفر السبحاني: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد إبلاغ هذه الرسالة الإلهية: فليبلغ الشاهد الغائب. الروايات المتواترة المذكورة التي تثبت أن مسألة خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسألة إلهية، وأنه ليس للناس أي خيار فيها روايات تحكي عن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان منذ الأيام الأولى من دعوته في مكة، يوم لم تشكل فيها حكومة في المدينة بعد، يرى أن مسألة خلافته مسألة إلهية يعود أمر البت والتعيين فيها إلى الله وحده دون غيره. فعندما أتى رئيس قبيلة بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في موسم الحج مثلا، وقال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك قال صلى الله عليه وآله وسلم: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء. إن من البديهي أن أمر مسألة القيادة والخلافة إذا كانت متروكة للناس، وانتخابهم لكان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: الأمر إلى الأمة أو إلى أهل الحل والعقد ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال غير هذا. وبذلك طابق كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الخلافة كلام الله تعالى في شأن الرسالة إذ قال: "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ" (الانعام 124).
جاء في صفحة دراسات لوكالة انباء براثا عن دراسة عن الشورى في القرآن منطلق حضاري نحو التغيير للسيد حسن الهاشمي: في معرض الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها نقول: مما لا يختلف فيه اثنان أن ثمة فرق واضح بين الشورى والانتخابات، فموضوع الشورى ينصب في كل ما يقوّم الأمة في أمورهم الدينية والدنيوية، وهو ما يتطلب توفر شروط معينة في المستشار والمستشير كيما يتم تداولها بالطرق الشرعية المنصوصة، بينما الرجوع إلى الأمة في الانتخابات هو في القضايا المحددة والعامة دون الخوض في القضايا الجوهرية، من قبيل انتخاب أحد الخيارات في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو انتخاب أعضاء في مجلس النواب أو البلدية أو المحافظة، وكذلك الاستفتاء على الدستور أو على شكل النظام والحكم الذي سيحكمها.لا يوجد نص واضح في وجوب الانتخابات لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الشريفة، وإنما الوجوب الشرعي إذا ما ثبت في مبدأ الشورى، لا ينسحب على الانتخابات، لاختلاف الأمرين تصوّراً وتصديقاً. فالشورى تنظر في حيثياتها مبدأ الاختصاص في المستشار والمستشير، والهدف منها أن لا ينفرد ولي الأمر باتخاذ قرار له نتائجه الكبيرة دون مشورة، وولي الأمر بعد تطبيقه لهذا المبدأ غير ملزم بالأخذ بما يشار عليه سيما إذا لم يكن أصح من رأيه، وهو جار في المعصوم خاصة، ويكون ملزماً في غيره كما أسلفنا سابقاً إذ المهم أن تتحقق الشورى عملياً، مادامت المبدأ الواجب الإتباع في تسيير أمور الدولة وشؤونها الخاصة والعامة.
https://telegram.me/buratha