الدكتور فاضل حسن شريف
هنالك آيات قرآنية تتعارض مع الركون الى الحاكم الظالم الذي تم أختياره عن طريق الحل والعقد أو الشورى "وَلاَ تَركَنُوا إلَى الّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمُ النّارُ" (هود 113). "ولاَ تُطِيعُوا أمرَ المُسرِفِينَ * الّذِينَ يُفسِدُونَ فيالأرضِ وَلاَ يُصلِحُونَ" (الشعراء 151 ـ 152). "فَاصبِر لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِع مِنهُم آثِماً أو كَفُوراً" (الإنسان 24). "وَمَن يُشَاقِقِ الرّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبيَّنَ لَهُ الهُدى ويتَّبِـع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلّهِ ما تَوَلَّى ونُصلِهِ جَهَنّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" (النساء 115). "وَلاَ تُطِع مَن أغفَلنَا قَلْبهُ عَن ذِكرِنَا واتّبَعَ هَوَاهُ وكَانَ أَمرُهُ فُرُطاً" (الكهف 28). "ألمَ تَرَ إلى الّذِين يَزعُمْون أنّهُم آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُرِيدُونَ أن يَتَحَاكَمُوا إلى الطّاغُوتِ وَقَد أُمِرُوا أنْ يَكفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشّيطَانُ أنْ يُضِلَّهُم ضَلاَلاً بَعِيداً" (النساء 60). "إنَّ الّذِينَ تَوَفاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمي أنفُسِهِم قَالُوا فِيمَ كُنتُم قالُوا كُنّا مُستَضْعَفينَ في الأرضِ قالُوا ألَم تَكُن أرضُ اللهِ واسِعةً فَتُهاجِرُوا فِيهَا فأُولَئكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً" (النساء 97). "وَالّذِينَ إذا أصَابَهُمُ البَغيُ هُم يَنتَصِرُون" (الشورى 39).
جاء في تفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية عن من هم أولوا الأمر: واستدل الشيعة على عصمة أهل البيت بأن العصمة منحة إلهية يختص اللَّه بها من ارتضى من عباده ، ومحال أن تحصل العصمة بالاكتساب ، مهما اجتهد الإنسان ، وجاهد ، كما هو شأن سائر الصفات، كالعدالة والايمان، وما إليهما. وعليه ينحصر الطريق إلى معرفة العصمة بالوحي فقط ، وقد ثبت النص كتابا وسنة على عصمة أهل البيت عليه السلام، من ذلك قوله تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الأحزاب 33). ومن ذلك قول الرسول الأعظم صلى الله عليه واله: (من أطاعني فقد أطاع اللَّه، ومن عصاني فقد عصى اللَّه ومن أطاع عليا فقد أطاعني، ومن عصى عليا فقد عصاني). رواه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح، وصححه أيضا الذهبي في تلخيص المستدرك، وفي الكتاب المذكور قال النبي صلى الله عليه واله: علي مع القرآن، والقرآن مع علي لن يفترقا، حتى يردا علي الحوض. وروى الترمذي في مسنده والحاكم في مستدركه وابن حجر في صواعقه عن الرسول الأعظم صلى الله عليه واله انه قال: اللهم أدر الحق مع علي كيف دار. وأيضا روى الإمام ابن حنبل والترمذي والحاكم وابن حجر قوله صلى الله عليه واله: (اني قد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين: كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي)، واشتهر عن النبي صلى الله عليه واله: انما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا. إلى عشرات الأحاديث، وكلها مدوّنة في كتب السنة وصحاحهم، ومروية بأسانيدهم، وقد جمعها ووضع لها علماء الشيعة مؤلفات خاصة في القديم والحديث، فمن القديم كتاب الشافي للشريف المرتضى، وتلخيصه للشيخ الطوسي، ونهج الحق للعلامة الحلي، ومن الحديث المجلد الثالث من أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين، ودلائل الصدق للشيخ المظفر، والمراجعات لشرف الدين.
جاء في الموسوعة الحوزوية عن أهل الحل والعقد: هم أصحاب القدرة و النفوذ، الذين يملكون عقد الولاية و أمثالها لإمكان التأثير في انعقاد الأشياء وفكّها. أهل الحل والعقد في اللغة: الحلّ: هو فكّ عقدة الشيء بعد شدّها، و العقد خلافه. أهل الحل والعقد في الاصطلاح: هم أصحاب القدرة و النفوذ، الذين يملكون عقد الولاية وأمثالها بحيث بإمكانهم التأثير في انعقاد الأشياء وفكّها، ولاتّفاقهم على شيء تأثير كبير في مجريات الامور السياسية و الاجتماعية و الدينية، ومنهم العلماء والفقهاء الذين يأخذ الناس بآرائهم وينصاعون لإرادتهم. الألفاظ ذات الصلة: أهل الخبرة: وهم الذين يملكون علماً بالامور عن تجربة و امتحان و حقيقة. و الفرق بين أهل الحلّ و العقد وأهل الخبرة في كفاية القدرة والنفوذ بين الناس في أهل الحلّ والعقد وإن كانوا جهّالًا لا علم لهم، بخلاف أهل الخبرة فإنّه لابدّ من توفّر صفة العلم والخبرة فيهم، وكثيراً مّا تمكّنهم هذه الصفة للارتقاء إلى مستوى الحلّ والعقد بسبب توجّه الناس إليهم والتفافهم حولهم. فالعلاقة بين الاصطلاحين علاقة العموم و الخصوص من وجه، فيلتقون في موارد ويفترقون في اخرى. نعم، ذكر بعض فقهاء الجمهور أخذ قيد العلم شرعاً في أهل الحلّ والعقد، لكن ذلك في مقام الالتزام الشرعي بنتائج آرائهم لا تقوّم المفهوم بذلك. أهل الشورى: وهم مجموعة من الأفراد الذين يتشاورون فيما بينهم في أمرٍ ما، دون أن يستأثر أحدهم بشيء. أمّا الجهة الشرعية لأهل الشورى فهي أن يمنح القانون بعض الأفراد حقّ التشاور لتقديم نتائج نهائية تقوم على رأي أغلبيتهم، وتكون هذه النتائج ملزمةً أحياناً وغير ملزمة في أحيان اخرى، وفقاً لموقف القانون من ذلك. ومن نماذجهم ما يعرف في عصرنا بالمجالس النيابية وتعيين هؤلاء ومدى إلزامية آرائهم على سائر مؤسسات الدولة ينظر فيه مصطلح شورى، ولاية. والفرق بين أهل الشورى وأهل الحلّ والعقد في أنّ أهل الشورى يكونون عادة وفقاً لسماتهم العلمية والخبروية أو وفقاً لانتخابهم من قبل الشعب أو أيّ جهة اخرى. أمّا أهل الحلّ والعقد فقد لا يملكون جميعاً صفة العلمية والخبروية أو لا يكونون مختارين من قبل طرفٍ آخر، لكنّ أوضاعهم المالية أو الاجتماعية أو الطبقية تفرض قدرتهم على النفوذ في أكثر من مجال من مرافق الحياة السياسية والاجتماعية.
جاء في موقع عرفان عن رأي الجمهور في أهل الحل والعقد: 1 ـ رأي الماوردي: يقول أبو الحسن علي بن محمد الماوردي المتوفّى (450هـ): فإذا اجتمع أهل العقد والحل للاختيار تصفّحوا أحوال أهل الإمامة الموجودة فيهم شروطها، فقدموا للبيعة منهم أكثرهم فضلاً، وأكملهم شروطاً، ومن يسرع الناس إلى طاعته، ولا يتوقفون عن بيعته، فإذا تعيّن لهم من بين الجماعة من أدّاهم الاجتهاد إلى اختياره عرضوها عليه، فإن أجاب إليها بايعوه عليها، وانعقدت ببيعتهم له الإمامة، فلزم كافة الأمّة الدخول في بيعته والانقياد لطاعته. 2 ـ رأي القاضي عبدالجبار: ويقول القاضي عبد الجبار المتوفّي (415 هـ) في المغني: وإن أقام بعض أهل الحل والعقد إماماً سقط وجوب نصب الإمام عن الباقين، وصار من أقاموه إماماً، ويلزمهم إظهار ذلك بالمكاتبة والمراسلة، لئلاّ يتشاغل غيرهم بإمام غيره. وقد وقعت الكفاية; ولئلاّ يؤدي ذلك إلى الفتنة. فعدم مبايعة سائر أفراد الأمّة لا يؤثر في انعقاد الإمامة; لأنّ العقد تمّ بمجرد مبايعة أهل الحل والعقد، ولا يكون العقد صحيحاً إذا لم يبايع الإمام أهل الحل والعقد. 3 ـ رأي القرطبي: ويقول أبو عبدالله القرطبي المتوفّى (671هـ) في الجامع لأحكام القرآن: الطريق الثالث لإثبات الإمامة: إجماع أهل الحل والعقد: وذلك أنّ الجماعة في مصر من أمصار المسلمين، إذا مات إمامهم، ولم يكن لهم إمام ولا استخلف، فأقام أهل ذلك المصر الذي هو حضرة الإمام وموضعه إماماً لأنفسهم، اجتمعوا عليه، ورضوه، فإنّ كلّ من خلفهم وأمامهم من المسلمين في الآفاق يلزمهم الدخول في طاعة ذلك الإمام، إذا لم يكن الإمام معلناً بالفسق والفساد; لأنها دعوة محيطة بهم تجب إجابتها، ولا يسع أحد التخلف عنها; لما في إقامة إمامين من اختلاف الكلمة وفساد ذات البين. قال رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن، إخلاص العمل لله، ولزوم الجماعة، ومناصحة ولاة الأمر، فإنّ دعوة المسلمين من ورائهم محيطة). 4 ـ رأي ابن تيمية: ويقول ابن تيمية المتوفّى (728 هـ) في كتابه منهاج السنّة: الإمامة عندهم ـأهل السنّةـ تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة. فإنّ المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماماً. ولهذا قال أئمة السنّة: من صار له قدرة وسلطان أن يفعل بهما مقصود الولاية فهو من اُولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكاً بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلاّ أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكاً بذلك. ويرى القلانسي ومن تبعه أنّ الإمامة تنعقد بعلماء الأمّة الذين يحضرون موضع الإمام، وليس لذلك عدد مخصوص. أقل عدد تنعقد به البيعة: ويتسامح الكثير من فقهاء السنّة ومتكلميهم في العدد الذي تنعقد ببيعتهم الإمامة، فمنهم من يحدد الحد الأدنى منه بالأربعين، ومنهم بالخمسة، ومنهم من يكتفي بالثلاثة، ومنهم من يكتفي بالاثنين، ومنهم من يكتفي ببيعة رجل واحد في انعقاد الإمامة.
https://telegram.me/buratha