الصفحة الإسلامية

كلمات مختارة من القرآن الكريم (تناصرون)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله عز وجل تناصرون وتنصرنه "مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ" ﴿الصافات 25﴾ تَنَاصَرُونَ:تَنَاصَرُ فعل، ونَ ضمير، ما لكم لا تناصرون: لا ينصر بعضكم بعضا كحالكم في الدنيا ويقال لهم، ويقال لهم توبيخًا: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضًا؟ و "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ" ﴿آل عمران 81﴾ وَلَتَنصُرُنَّهُ: وَ حرف عطف، لَ لام التوكيد، تَنصُرُ فعل، نَّ لام التوكيد، هُۥ ضمير، واذكر أيها الرسول إذ أخذ الله سبحانه العهد المؤكد على جميع الأنبياء: لَئِنْ آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول من عندي، مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنَّه، فهل أقررتم واعترفتم بذلك وأخذتم على ذلك عهدي الموثق؟ قالوا: أقررنا بذلك، قال: فليشهدْ بعضكم على بعض، واشهدوا على أممكم بذلك، وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم، وفي هذا أن الله أخذ الميثاق على كل نبي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذ الميثاق على أمم الأنبياء بذلك.

جاء في معاني القرآن الكريم: نصر النصر والنصرة: العون. قال تعالى: "نصر من الله وفتح قريب"(الصف 13)، "وإذا جاء نصر الله" (النصر 1)، "وانصروا آلهتكم" (الانبياء 68)، "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" (ال عمران 160)، "وانصرنا على القوم الكافرين" (البقرة 250)، "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" (الروم 47)، "إنا لننصر رسلنا" (غافر 51)، "وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير"(التوبة 74)، "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا" (النساء 45)، "ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" (التوبة 116)، "فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله" (الاحقاف 28) إلى غير ذلك من الآيات، ونصرة الله للعبد ظاهرة، ونصرة العبد لله هو نصرته لعباده، والقيام بحفظ حدوده، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، واجتناب نهيه. قال: "وليعلم الله من ينصره" (الحديد 25)، "إن تنصروا الله ينصركم" (محمد 7)، "كونوا أنصار الله" (الصف 14) والانتصار والاستنصار: طلب النصرة "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون" (الشورى 39)، "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" (الانفال 72)، "ولمن انتصر بعد ظلمه" (الشورى 41)، "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر" (القمر 10) وإنما قال: "فانتصر" ولم يقل: أنصر تنبيها أن ما يلحقني يلحقك من حيث إني جئتهم بأمرك، فإذا نصرتني فقد انتصرت لنفسك، والتناصر: التعاون. قال تعالى: "ما لكم لا تناصرون" (الصافات 25)، والنصارى قيل: سموا بذلك لقوله: "كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله" (الصف 14)، وقيل: سموا بذلك انتسابا إلى قرية يقال لها: نصرانة، فيقال: نصراني، وجمعه نصارى، قال: "وقالت اليهود ليست النصارى" الآية (البقرة 113)، ونصر أرض بني فلان. أي: مطر (مجاز القرآن 2/46)، وذلك أن المطر هو نصرة الأرض، ونصرت فلانا: أعطيته، إما مستعار من نصر الأرض، أو من العون.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: فعند ما يساق المجرمون إلى صراط الجحيم، تكون أيديهم مقطوعة عن كلّ شي‌ء و قاصرة عن تحصيل العون، و يقال لهم: أنتم الذين كان أحدكم يلجأ إلى الآخر في المشكلات و يطلب العون منه، لم لا ينصر بعضكم بعضا الآن‌ "مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ" ﴿الصافات 25﴾. نعم، فكلّ الدعائم التي تصوّرتم انّها دعامات مطمئنة في الدنيا أزيلت عنكم، و لا يمكن أن يساعد بعضكم البعض، كما أنّ آلهتكم ليسوا بقادرين على تقديم العون لكم، لأنّهم عاجزون و منشغلون بأنفسهم. يقال أنّ أبا جهل نادى يوم معركة بدر "نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ" (القمر 44)، و القرآن المجيد أعاد تكرار قوله في الآية (44) من سورة القمر "أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ" فيوم القيامة يسأل أبو جهل و أمثاله: لماذا لا يسعى بعضكم لمساعدة البعض الآخر؟ و لكن لا يمتلكون أي جواب لهذا السؤال، سوى سكوتهم الدالّ على ذلّتهم. قوله تعالى "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ" (محمد 7): تستمر هذه الآيات في ترغيب المؤمنين في جهاد أعداء الحق، و هي ترغّبهم في الجهاد بتعبير رائع بليغ، فتقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ‌" (محمد 7). إنّ التأكيد على مسألة الإيمان إشارة إلى أنّ إحدى علامات الإيمان الحقيقي هو جهاد أعداء الحق. و عبارة تَنْصُرُوا اللَّهَ‌ تعني بوضوح نصرة دينه، و نصرة نبيّه، و شريعته و تعليماته، و لذلك وردت نصرة اللّه إلى جانب نصرة رسوله في بعض آيات القرآن الكريم، كما نقرأ في الآية (8) من سورة الحشر: "وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‌". و مع أنّ قدرة اللّه سبحانه غير محدودة، و لا قيمة لقدرة المخلوقات حيال قدرته، غير أنّه يعبّر بنصرة اللّه ليوضح أهمية الجهاد و الدفاع عن دين اللّه، و لا يوجد تعبير أعظم من هذا لتبيان أهمية هذا الموضوع. و لنر ما هو هذا الوعد الذي وعد اللّه به المجاهدين إذا ما دافعوا عن دينه؟ يقول أوّلا "يَنْصُرْكُمْ‌" (محمد 7) أمّا كيف يتمّ ذلك؟ فإنّ الطرق كثيرة، فهو سبحانه يلقي في قلوبكم نور الإيمان، و في نفوسكم و أرواحكم التقوى، و في إرادتكم القوّة و التصميم أكثر، و في أفكاركم الهدوء و الاطمئنان. و من جانب آخر يرسل الملائكة لمدكم و نصرتكم، و يغيّر مسار الحوادث لصالحكم، و يجعل أفئدة الناس تهوي إليكم، و يجعل كلماتكم نافذة في القلوب، و يصيّر نشاطاتكم و جهودكم مثمرة. نعم، إنّ نصرة اللّه تحيط بالجسم و الروح، من الداخل و الخارج. إلّا أنّه سبحانه يؤكّد على مسألة تثبيت الأقدام من بين كلّ أشكال النصرة، و ذلك لأنّ الثبات أمام العدو أهم رمز للانتصار، و إنّما يكسب الحرب الذين يصمدون و يستقيمون أكثر، و لذلك نقرأ في قصة محاربة طالوت القائد العظيم لبني إسرائيل لجالوت المتسلّط الجائر القوي أنّ المؤمنين القليلين الذين كانوا معه عند ما واجهوا جيش العدو الجرار، قالوا: "رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ"‌ (البقرة 250).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك